ثلاثة رهانات رئيسية تنتظر رئيس الحكومة يوسف الشاهد في الفترة القادمة، رهانات تجمعه بحزب النداء الذي «تبرّأ منه وطالب برحيله، وحركة النهضة التي تدعمه بشروط، واتحاد الشغل الذي يُراهن على نجاح المفاوضات الاجتماعية. تونس – الشروق – لم تنته الأزمة السياسية القائمة في تونس منذ فترة، بعد التصويت على وزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي، فرئيس الحكومة يوسف الشاهد بالرغم من نجاحه في تحدّي تمرير الوزير الجديد بأغلبية لافتة إلاّ أنه يقف اليوم أمام ثلاث مواجهات حتمية، يبدو أنه من الصعب الافلات منها. النداء يطلب العودة للبرلمان أولى المواجهات التي تنتظر الشاهد، ما طلبه منه نواب حركة نداء تونس عشيّة منح الوزير الثقة ( يوم السبت 28 جويلية 2018)، من ضرورة تقديم حكومته لنيل الثقة مرة ثانية في البرلمان بعد ان تاكل حزامها السياسي وانسحب عدد كبير من مناصريها . مطلب حزب نداء تونس الذي تحول من داعم اساسي للشاهد إلى مطالب برحيله، لا تتوفر فيه المقومات القانونية والدستورية التي تجعله ملزما، لكنه ورقة ضغط يلوّح بها النداء كلّما تكلّم قياديوه. المُهلة التي قدّمها النداء للشاهد حتى يجرّ حكومته للبرلمان ويطالب بتمكينها من الثقة مرة ثانية ، والتي تم حصرها في أجل عشرة أيام من التصويت على الوزير، شارفت على نهايتها، ولم يُحرك رئيس الحكومة ساكنا، ويبدو أنه عازم على عدم الالتزام بما طلبه الحزب منه ، وهو ما يُنبئ بمواجهة مرتقبة بين النداء والشاهد في جولة أخرى من سلسلة الصراعات التي أثثت علاقة رئيس الحكومة بحزبه نداء تونس منذ أشهر. النهضة تطالب بعدم الترشح أما المواجهة الثانية التي تنتظر يوسف الشاهد، فستكون مع حركة النهضة، وهي الحزب الوحيد الذي بقي سندا للشاهد ومطالبا ببقائه. وستكون هذه المواجهة على خلفية ما طلبته الحركة من الشاهد مقابل مساندته، ولئن كان الشاهد راغبا في تلبية المطلب الاول للحركة وهو القيام بتحوير وزاري، إلاّ أن استجابته لطلب الاعلان عن عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية 2019 يبدو أمرا مستحيلا. أكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد انه راغب في القيام بتحوير وزاري، وقام بالاتصال بعدد من الشخصيات، إلاّ ان تعاطيه الايجابي مع المطلب الاول للنهضة، لم ينسحب على المطلب الثاني، حيث خيّر الشاهد عدم الحديث في هذا الملف وتجنّبه أكثر من مرة، محاولا الابقاء على حبل الود مع الحركة إلى ان يجد مخرجا ملائما. تؤكّد بعض الشخصيات المقربة من يوسف الشاهد أنه يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية 2019، وهو ما يجعل الشاهد مخيّرا الان بين أمرين، إمّا الاستجابة لطلبها القاضي باعلان عدم الترشح لرئاسيات 2019 وضمان مساندتها لبقائه على رأس الحكومة الى غاية الانتخابات القادمة في 2019، أو رفض طلبها والدخول في مواجهة مباشرة معها، يمكن أن تُسقطه من موقعه، خاصة وأن حزبه حركة نداء تونس تخلّى عن مساندته. الاتحاد والمفاوضات الاجتماعية المواجهة الثالثة التي تنتظر يوسف الشاهد ستكون مع اتحاد الشغل، فبعد أن ابرم رئيس الحكومة ما سُمي بالاتفاق الشامل منذ أسابيع، ويتضمن ضرورة الانطلاق في المفاوضات الاجتماعية والانتهاء منها في اجل 15 سبتمبر .. من المنتظر ان يكون الشاهد مخيّرا بين الاستجابة لمطالب اتحاد الشغل أو الدخول في مواجهة معه. تبدو استجابة رئيس الحكومة يوسف الشاهد لمطالب اتحاد الشغل في هذا الملف صعبة، خاصة وان الزيادات تُحمّل الميزانية اعباء اضافية، في فترة تؤكد الحكومة أن مواردها لصياغة مُقدرات هذه الميزانية ضعيفة، وهو ما يجعل الامر اقرب الى الانقلاب لمواجهة بين الطرفين على ان يتضمن اتفاقا جذريا . كما أن تعاطي الحكومة مع اتحاد الشغل من المنتظر ان يتوقف في محطة اخرى وهي المؤسسات العمومية التي تعاني صعوبات مالية، فرئيس الحكومة عازم على التفويت في عدد منها وأكد ذلك اكثر من مرة، في حين يعتبر اتحاد الشغل هذا الامر خطا أحمر، وإذا ما قرّر رئيس الحكومة ادراجها في مشروع قانون المالية لسنة 2019، ضمن قائمة المؤسسات التي سيقع التفويت فيها، فستصبح المواجهة بين الطرفين حتمية. تحديات كُبرى في انتظار رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إضافة الى ما يُفترض أن يُنجزه من تنمية وتحسين للمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، فاما أن ينتصر فيها مثلما حدث في جلسة منح الثقة لوزير الداخلية الجديد، أو ينهزم ويُصبح خارج القصبة.