خلال فصل الصيف، يتكيف الجسم مع ارتفاع درجات الحرارة. وعلى الرغم من ذلك تؤدي هذه التغيرات إلى استنفاد طاقة الجسم والتسبب في حالة من التعب غير الاعتيادية.في موفى سنة 2016، أكدت البيانات التي سجلها جل الباحثون في جميع أنحاء العالم، أن تلك السنة شهدت أعلى معدلات الحرارة على الإطلاق. وفي وقت لاحق، تم ربط الارتفاع المفرط في درجات الحرارة بعامل آخر يتمثل في فقدان الأرض لكمية كبيرة من الجليد. وقد قدرت كمية الجليد التي تعرضت للذوبان بحوالي 3.76 مليون كيلومتر مربع (وهي مساحة تتجاوز مساحة شبه القارة الهندية). وفي هذا الصدد، يتساءل الكثيرون عن الأسباب التي تجعل الإنسان يشعر بالتعب عندما ترتفع درجات الحرارة؟ ولماذا تصيبنا حالة من النعاس بسبب موجات الحرارة؟ وفقا لكيسي مايكل، المديرة الطبية في احد المراكز العالمية للبحوث ، يعد السبب الكامن وراء ذلك بسيط للغاية؛ ويتمثل في أن "الجسم يصاب بحالة من التعب الشديد إثر استنفاذ قواه، على خلفية محاولته الحفاظ على درجات حرارته الداخلية منخفضة". لماذا تسبب الحرارة حالة من التعب؟ حسب الدكتورة كيسي، يعمل جسم الإنسان بلا كلل أو ملل للحفاظ على حرارته الداخلية مناسبة ومستقرة. وتهدف هذه العملية إلى ضمان أداء الجسم لوظائفه من دون أي مشاكل. وفي ظل ارتفاع حرارة الطقس، يتنامى عمل الجسم الهادف إلى موازنة حرارته. وفي هذه الحالة، يستهلك الجسم نسبة عالية من الموارد كي يحافظ على حرارته الداخلية في درجات ملائمة. عندما ترتفع درجات الحرارة، يضطر الجسم لإحداث العديد من التعديلات من أجل الحفاظ على حرارته الداخلية. وفي إطار عملية تسمى بالتوسيع الوعائي، تتوسع الأوعية الدموية، مما يجعل الدم يتدفق أكثر على مستوى السطح الخارجي للجسم. وبهذه الطريقة تنخفض درجة حرارة الجسم. وتبعا لذلك يصبح الدم الساخن باردا، مقابل ارتفاع حرارة جلد الإنسان. ومن المثير للاهتمام أن هذا الأمر يعتبر السبب وراء احمرار بشرة البعض عند الشعور بالحرارة. في ظل ارتفاع درجات الحرارة، تزداد عملية التعرق، وبالتالي، تنخفض درجة حرارة الجسم. في المقابل، أكدت كيسي أنه خلال هذه العملية ونظرا لأن الجسم يعمل وفقا لوتيرة عالية بسبب ارتفاع درجة الحرارة، يزداد معدل دقات قلب الإنسان وينمو معدل التمثيل الغذائي أيضا (عدد السعرات الحرارية المحروقة من أجل عمل الجسم). وعموما، يتمثل الهدف من تسخير الجسم لكل هذا الجهد في ضمان البقاء على قيد الحياة. ما الذي يجب القيام به؟ غالبا ما تترصد الإعلانات والومضات الإشهارية بنا، التي تروج في غالبها إلى فكرة أن أفضل دواء لحل مشكلة ارتفاع درجات الحرارة يتمثل في تناول مشروبات باردة. لكن، في الحقيقة، تعد بعض المشروبات من مسببات نقص المياه في الجسم؛ نظرا لأن البعض منها مدر للبول وهو ما يزيد من حدة جفاف الجسم. في المقابل، لا تعد القهوة من المشروبات التي تتسبب في جفاف الجسم. وعلى الرغم من ذلك، تنصح كيسي بشرب الماء لتعويض النقص في الماء في الجسم. كما تنصح كيسي بإضافة وجبة صغيرة مالحة، لتجنب نقص الصوديوم في الجسم. ومن بين أعراض التعب الذي تنتجه الحرارة، ذكرت الأخصائية، التعرق المفرط، وارتفاع معدل دقات القلب، والشعور بفقدان الوعي، أو الشعور بالنعاس. وفي حال لم تتلاش هذه الأعراض بعد شرب السوائل، وتجنب التعرض إلى الشمس، ينصح بزيارة الطبيب. وعلى العموم، تعد ضربة الشمس حالة خطيرة من شأنها أن تؤدي في بعض الأحيان إلى الموت.