يشهد قطاع غزة في الساعات الأخيرة تصعيدا خطيرا ينذر باندلاع حرب كبيرة بين المقاومة الفلسطنية وجيش الاحتلال الصهيوني.. وبالتوازي مع هذا التصعيد يجري الحديث عن اتفاق هدنة مرتقب اثر وساطة مصرية. وهو ما يجعل المنطقة مفتوحة على احتمالي السلم والحرب ويحوّل هذا التصعيد إلى ما يشبه عملية قضم أصابع لتحسين المواقع قبل التهدئة المرتقبة والتي ستتواصل لسنوات وفق ورقة الوساطة المصرية. والواضح ان الكيان الصيهوني المزهو بغطرسة القوة يريد ابتزاز المقاومة الاسلامية في القطاع بتكثيف الضغط العسكري بغية تحصيل تنازلات أكبر وإلقاء المزيد من القنابل الموقوتة داخل البيت الفلسطيني المتوتر بطبعه والذي تشقّه لحظات قلقة نتيجة مخاضات مصالحة لا تريد أن تنتهي لتعيد الى الصف الفلسطيني وحدته. الصهاينة الذين يمارسون الابتزاز لتحصيل أكبر المكاسب والتنازلات بتصعيد العدوان والتخويف من حرب شاملة مع المقاومة يريدون أيضا زرع المزيد من الألغام داخل البيت الفلسطيني، ذلك أن الصراع بين غزة ورام اللّه دخل منعرجات حاسمة قد تفضي الى مصالحة صعبة أو الى قطيعة دائمة... وقد زرع بين قيادتي فتح وحماس الكثير من بذور الشك والريبة وهي عوامل يحرص الصهاينة على تعميقها مرّة باستقطاب السلطة المتمركزة في رام اللّه ومرّة بالانخراط في مفاوضات تهدئة بوساطة مصرية مع قيادة حماس في غزة. وفي الحالتين يسعى الصهاينة الى تعميق عناصر الشكّ بين الطرفين بما يفضي الى تأبيد القطيعة وإجهاض المصالحة بما يوفر الظروف الملائمة للصهاينة لكي ينفردوا فيما بعد بكل طرف فلسطيني على حدة. الفلسطينيون الذين خبروا الاحتلال وخبروا خبث أساليبه ومكر سياساته يفترض ألا يقعوا في الفخ وأن يعملوا على احباط كل المخططات الصهيونية، وهو ما يدفع باتجاه العمل على احلال المصالحة الفلسطينية دون إبطاء... لأن وحدة الصف ووحدة الكلمة بين غزة ورام الله من شأنها ان تحرم العدو الصهيوني من أية هوامش مناورة يعمل على استغلالها لابتزاز الطرفين. علاوة على أن المصالحة تمكّن من توفير المزيد من عوامل الصمود وتدعم قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود في وجه المخططات الصهيونية ان حربا او سلما. ان القضية الفلسطينية تمرّ بأوقات حرجة ودقيقة للغاية في ظل انهيار الصف العربي وغطرسة الصهاينة وجموح إدارة ترامب وانحيازها الفاضح لاسرائيل وتلويحها بصفقة قرن فاحت رائحتها الكريهة. وكل هذا يدعو الفلسطينيين الى استخلاص الدروس والتوجه فورا نحو مصالحة شاملة تبقى وحدها الكفيلة بإنقاذ قضية الشعب والوطن من «صفعة الدهر».