ترسيم 850 عونا وقتيا مكلفا بالتدريس وتسوية وضعية بقية الأعوان تباعا خلال هذه السنة (جامعة التعليم الأساسي)    الحرس البحري ينجد 11 بحارا كانوا على متن مركب صيد تعرض للعطب قبالة شاطئ هرقلة    بودربالة والسفير الإيطالي يؤكدان ضرورة تكثيف الجهود لمواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية تعزيزا للاستقرار في المنطقة    العجز التجاري الشهري لتونس يتقلّص بنسبة 4،16 بالمائة موفى مارس 2024    الملتقى الوطني الأول للماء: يفتح حوارا وطنيا حول إشكاليات الماء في تونس    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    ''تيك توك'' يتعهد بالطعن أمام القضاء في قانون أميركي يهدد بحظره    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    صان داونز -الترجي الرياضي : الترجي على بعد 90 دقيقة من النهائي    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    أكثر من 20 ألف طالب تونسي من غير المتحصلين على منح دراسية يتابعون دراساتهم العليا في الخارج خلال السنة الجامعية 2023 - 2024    عاجل : تترواح أعمارهم بين 16 و 19 سنة ... الكشف عن شبكة دعارة في منوبة    منظمات وجمعيات: مضمون الكتيب الذي وقع سحبه من معرض تونس الدولي للكتاب ازدراء لقانون البلاد وضرب لقيم المجتمع    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    المنستير: افتتاح ندوة المداولات حول طب الأسنان تحت شعار "طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق"    أحدهم حالته خطيرة: 7 جرحى في حادث مرور بالكاف    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تم انقاذها من رحم أمها الشهيدة: رضيعة غزاوية تلحق بوالدتها بعد أيام قليلة    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات: واقع المبادلات التجارية بين تونس وكندا لا يزال ضعيفا    مأساة جديدة في المهدية: يُفارق الحياة وهو بصدد حفر قبر قريبه    وقفة احتجاجية لعدد من أصحاب "تاكسي موتور" للمطالبة بوضع قانون ينظم المهنة    أريانة: حملة مشتركة للتصدي للانتصاب الفوضوي    سيدي بوزيد: انطلاق ورشة تكوينيّة لفائدة المكلّفين بالطاقة بالإدارات والمنشّآت العمومية    عاجل/ في ارتفاع مستمر.. حصيلة جديدة للشهداء في غزة    70 بالمئة من الأمراض تنتقل من الحيوانات ..مختصة في الثروة الحيوانية توضح    كم تبلغ معاليم مسك الحساب بالبريد التونسي؟    موعد انطلاق أشغال الجزء الرئيسي للجسر الجديد ببنزرت    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    الرابطة الأولى: كلاسيكو مشوق بين النجم الساحلي والنادي الإفريقي .. وحوار واعد بين الملعب التونسي والإتحاد المنستيري    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث في ذكرى:الزعيم الطاهر صفر يردّ على المتزمّتين
نشر في الشروق يوم 12 - 08 - 2018

احتفلت مدينة المهديّة يوم 9 أوت من كل سنة بذكرى وفاة الزعيم الطاهر صفر رفيق درب الزعيم الحبيب بورقيبة وأحد رموز مؤتمر قصر هلال 1934 الذي بُعث فيه الحزب الدستوري الجديد محرّر الوطن من الاستعمار وباني الدولة الحديثة .وما يجب أن يعرفه شباب اليوم عن الطاهر صفر هو أنّه لم يكن زعيما سياسيّا فقط بل كان شخصيّة متعدّد الأوجه فالطاهر صفر أديب بارع وفيلسوف ورجل اقتصاد وتضامن وبالرجوع لكتاب الطاهر صفر الذي ترجمه للعربيّة المرحوم أحمد الرّمادي تحت عنوان:"يوميات منفي"يجد صدى لمواقف الرجل السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي كان فيها سابقا لعصره .
وإنّي بمناسبة ذكرى وفاته هذه السنة 2018 اخترت أن أتحدّث عن عقيدة الطاهر صفر المتجذّرة في الإيمان والمتفتّحة على كلّ الاجتهادات الذي تجعل من الإسلام مواكبا لما تشهده الإنسانيّة من تطوّر حتى لا يتخلّف هذا الدين عن ركب التقدّم و لا يبقى المسلمون حملا ثقيلا على باقي الشعوب كما نحن عليه-بكلّ أسف -اليوم. وأعتبر آراء وأفكار الطاهر صفر التقدّميّة بمثابة الردّ على شيوخ الغلبة الذين يتفنّنون هذه الأيام في إشاعة الفكر الديني المتحجّر والتهجّم على كلّ فكر مستنير يهدف إلى إبراز سماحة الإسلام وقدرته على التأقلم مع مقتضيات العصر كما دعا لذلك صراحة ربّ العالمين في كتابه الكريم حيث يقول تعالى." هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب وما خلق الله ذلك إلّا بالحقّ يفصّل الآيات لقوم يعقلون"(سورة يونس آية 5)أي للعلماء القادرين على تفصيل آيات الله وعلاماته الكثيرة في الكون .ومن ما زاد في عناد شيوخ الغلبة أنّهم من مهازل الدهر وُسِمُوا بلقب"دكتور" و بقوا على ما هم عليه من ضحالة في الإطّلاع على علوم العصر وآدابه وفلسفاته ونحن نعرف الأسباب الحقيقيّة لإسنادهم هذه الألقاب في ظرف معيّن لا يخفى على أحد وسنوضّحه إن لزم الأمر .هؤلاء "الدكاترة " هم الواجهة اليوم لمهاجمة الفكر الديني الحرّ الذي يسعى لتجديد الفكر الإسلامي بالاعتماد على القرآن وما توافق معه من سنّة الرسول مثلما دعا لذلك الطالبي المسلم الحرّ الذي صُنِّفَ من بين أصحاب الفكر الحرّ في العالم العربي ومن بين الخمسين شخصيّة إفريقيّة الذين تركوا بصماتهم في سنة 2001 ومع هذا لم يسلم من تكفيرهم له ومهاجمته باسم الدين عن طريق تحريض عامة الناس عليه لأنّهم لا يستطيعون مواجهته بالحوار الحرّ النزيه وبالحجّة العقليّة الدينيّة التي يُعْتمد فيها على النصّ والدليل القاطع.
وها أنّنا نرى اليوم هؤلاء "الدكاترة الشيوخ" وقد ارتدوا من جديد العمامة المزيّفة للهجوم المجاني على تقرير لجنة الحقوق و الحرّيات بدون تروّ ولا نقد موضوعي بل بالتحريض على التكفير في الجوامع وعند السذج من أصحاب الفكر المتزمّت والعوام الذين لا يفقهون في الدين عوض أن يلجؤوا للنقاش لأنّ التقرير هو مجرّد مشروع قابل للنقاش وللزيادة والنقصان وأغلب العلماء ليسوا مع كلّ ما جاء فيه ولا أحد اطلاقا يقبله على ما هو عليه اليوم إذ تعديله ضروري لكن فاقد الشيء لا يعطيه و"دكتوراتهم"لا تؤهّلهم للحوار العلمي المبني على العقل ومقارعة الحجّة بالحجّة مع جهابذة الفكر في تونس أمثال السيّدة السليني ويوسف الصديق وعبد المجيد الشرفي وحمّادي بن جاب الله وغيرهم كثيرون.... لذلك هو يصيحون ويخطبون ويحرّضون وفي ذلك دعوة ضمنيّة للمتطرّفين لتكفير اللجنة التي اقترحتْ هذا المشروع وتهديد وترهيب لكلّ عقل مستنير وهذا ما رأيناه في المساجد وفي حلقات الوعظ المتستّرة بالدين والدين منها براء . أعود للطاهر صفر ولفكره النَّير الذي كان يتمتّع به وعقيدته التقدّميّة التي تجاوزت السائد في عصر(1903. 1942)و روحه المشبعة بالإيمان الصادق فقد كان يؤمن إيمانا عميقا أنّ الإسلام وضع الأُسُس الكُبرى للسلوك والتفكير والعلم لكنّه أبقى للمسلمين(لقوم يعقلون) التحاور في هذه المسائل وتعميق البحث فيها وبالتالي الزيادة في الاكتشاف والإبداع واختراق مجاهل الكون والكائنات فإذا قيل كلّ شيء في القرآن فالتطوّر لم يعد ممكنا إذا لم يبق للإنسان الخلّاق ما يدلّ على قيمته فكيف سيتحسّس تاريخه ومدى ما وصل إليه من الأفكار والأعمال عبر العصور .
فالتقدّم هو نتيجة" الفتوحات"المتتالية التي ينتصر فيها الفكر الخلّاق على فكر التعصّب والتصلّب فكلّ العادات والتقاليد البالية يجب أن تَمُوت تحت ضربات الفكر النقدي بإعانة ماسة من الرأي العام حتّى تسقط تلك المَخْزُونات البالية التي لا خير فيها مثل أوراق الخريف.ويؤكّد الطاهر صفر أنّ الدين الإسلامي يمتاز بجملة من القواعد العريقة والتي تدعو إلى التفكير والتجريب ولكن إلى جانبها تنبت أعشاب طفيليّة التي ليست من الإسلام في شيء وما على الفكر النقدي إلّا اقتلاعها من جُذورها حتّى تبقى عقيدتنا نقيّة صافية. بهذا الأسلوب من التفكير الحرّ تناول ما جاء في القرآن والسنّة حول المرأة وحقوقها وواجباتها ويرى أنّنا ملزمون لتنفيذ الفكر الاجتهادي بكلّ ما نجده في هذين الأثرين القاعدييّن(القرآن والسنّة) فنصل بسهولة إلى الأفكار الحداثيّة والتقدّميّة وتطليق الرجعيّة التي سادت لقرون حول هذا الموضوع الاجتماعي.
وقد كان لهذا المفكّر نظرة استشرافيّة ناهيك أنّ كلّ ما جاء في مجلّة الأحوال الشخصيّة (1957) كان الطاهر صفر قد ناقشه في مقالاته المنشورة في مجلّة "ليلى"في ثلاثينات القرن الماضي وانتهى إلى جلّ نتائجه ممّا يدلّ على النظر البعيد لهذا المفكّر والزعيم السياسي وما يعدّه لوطنه من مشروع حضاري متقدّم .فهو من الرجال القلائل منذ عام 1929 الذين بدؤوا في التفريق بين العقل والعقيدة وبين المقدّس والفكر العلمي فقد دشّن عقيدة إسلاميّة ناضجة جدّا وبقي غذاؤه الفكري والعاطفي دائما مستمدّا من الإسلام في جوهره الصافي رغم أنّه متغذ للنخاع من العلوم الكونيّة فقد كان قارئا نهما لكبار كتّاب والمفكّرين والفلاسفة العرب والأروبييّن ولعلّ هذا هو الذي ينقص الدكاترة الشيوخ الذين تقف ثقافتهم عند التراث الديني لعصور لم تكن كلّها عصور تنوير وازدهار فكري كما تدلّ على ذلك أغلب" الأطروحات" التي نالوا بها لقب "دكتور".
ليس لي ما أعلّق به على الأفكار التقدّميّة للطاهر صفر إلّا أن أدعو الذين يدّعون أنّهم علماء في الدين أن يستأنسوا بآراء هذا الرجل علّهم يُفيدون الإسلام الذي صار يُنْعَتُ من جرّاء سلوكاتهم محور الشرّ في العالم وهو من ذلك براء لو عرفنا كيف نُكيّف ديننا مع مقتضيات العصر إذ هو دين التقدّم والحضارة والسلم والسلام ولكنّك لا تهدي من أحببتَ ولكنّ الله يهدي من يشاء.
وهذه طرفة من الواقع أسوقها من أجل التندّر فقط لأنّ التوانسة في حاجة للضحك:روى الفنّان التشكيلي الغنيّ عن التعريف "حاتم المكّي" في الكتاب الذي حاوره فيه المرحوم أحمد الرّمادي والذي عنوانه "جَاوَ إلى قرطاج" أنّ الدكتور الحبيب بالخوجة قال له: "في ليلة من الليالي وحوالي الواحدة بعد منتصف الليل دقّ جرس الهاتف فنهضتُ مَفْجُوعا ورفعتُ السمّاعة فسمعتُ الطالب يقول لي :"الْحَقْني يا دكتور فزوجَتي سَتَلِدُ" فقلت له يا أخي أنا لست طبيبا أنا دكتور في الدين فأجابني:"والله كَثَرْتُوا من اسم دكتور بلا فايدة.. حلّ الصرّة تلقى خيط .."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.