أحيت تونس أمس 18 أوت 2018 اليوم العالمي للعمل الانساني في ظل تراجع دور الدولة الراعية لفائدة مكونات المجتمع المدني الذي باتت تحوم حوله الشكوك من حيث مصادر تمويله وطبيعة نشاطه... تونس الشروق/ الى تاريخ غير بعيد تكفلت الدولة التونسية برعاية الفقراء والمحتاجين وإغاثة المنكوبين واللاجئين الى أراضيها عبر مؤسسات تبدو في الظاهر مستقلة. ولكنها في الواقع مرتبطة ارتباطا لصيقا بالدولة كاتحاد التضامن الاجتماعي وصندوقي 26-26 و21-21 وجمعية بسمة وأمهات تونس وغيرها. وبانهيار النظام السابق تلاشى هذا النسيج لتستحوذ على العمل الخيري في تونس منظمات وجمعيات واتحادات ذات طابع ديني وأخرى مدنية. ولئن أكد المرسوم عدد 88 لسنة 2011 مؤرخ في 24 سبتمبر 2011 على حرية تأسيس الجمعيات فإنه في المقابل حدد جملة من الضوابط على هذه الجمعيات احترامها. منها ما يتعلق بمصادر التمويل ونبذ العنف والتعصب حيث جاء في هذا المرسوم " تحترم الجمعيات في نظامها الأساسي وفي نشاطها وتمويلها مبادئ دولة القانون والدّيمقراطية والتعددية والشفافية والمساواة وحقوق الإنسان. كما ضبطت بالاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الجمهورية التونسية ". كما حجر هذا المرسوم على الجمعيات " أن تعتمد في نظامها الأساسي أوفي بياناتها أوفي برامجها أوفي نشاطها الدعوة إلى العنف والكراهيّة والتعصب والتمييز على أسس دينيّة أو جنسية أوجهوية ". وأمام حالة الانفلات التي عاشتها البلاد بعد انتفاضة 2011 حاد عدد كبير من هذه الجمعيات عن دوره وباتت الشكوك تحوم حول نشاطاتها حتى أن بعض الناشطين والسياسيين اتهموا عشرات الجمعيات الخيرية بضلوعها في تسفير الشباب التونسي الى مناطق الصراع كليبيا وسوريا وبتمويل جماعات إرهابية ناشطة في تونس وعلى حدودها مع الجزائر وليبيا. شبهة الإرهاب... في شهر جويلية 2014 أعلن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الحكومة " مفدي المسدي " في تصريح تلفزي أن خلية الأزمة المكلفة بمتابعة الوضع الأمني قررت إيقاف نشاط 157 جمعية ثبت تورطها في تمويل نشاطات إرهابية مشبوهة. وأضاف " المسدي " أنّ رئاسة الحكومة أعطت أوامرها بإغلاق أكثر من 70 روضة قرآنية عشوائية. كما أعلن الكاتب العام للحكومة « أحمد زروق » خلال ندوة انعقدت في 15 جوان 2017، " تعليق نشاط أكثر من 50 جمعية وحل 16 أخرى عملاً بالمرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بالجمعيات.وأرجع « زروق » سبب تعليق النشاط والحل إلى عدم توضيح الجمعيات التي شملها القرار مصادر تمويلاتها الخارجية في الآجال المنصوص عليها بالقانون ". وفي شهر جوان 2016 صرحت الرئيسة السابقة للجنة التحقيق في شبكات تسفير الشباب إلى مناطق الصراع بأن " وزارة الداخلية تيقنت من وجود جمعيات لها علاقة مباشرة بتسفير الشباب وبالإرهاب وعند اجتماع اللجنة بوزير الداخلية أكد أن هناك أكثر من 30 ألف شاب يحملون الفكر المتطرف قد منعوا من السفر". وفي ذات السياق وفي تصريح لصحيفة "الشروق" الجزائرية كشف المدير العام السابق للأمن الوطني رفيق الشلي أن 500 جمعية ناشطة في تونس كلفت باستقطاب الشباب لإرساله الى ليبيا للتدرب على القتال ثم الى سوريا لل"جهاد"... الجوسسة تحت غطاء انساني... وتجمع كل التقارير أن تونس تحولت ما بين سنتي 2011 و2012 الى مرتع للجواسيس استغلوا استقبال البلاد أكثر من مليوني لاجئ قادمين من ليبيا للانضمام الى جمعيات الإغاثة العاملة في المخيمات التي أقيمت خاصة بالجنوب التونسي للحصول على معطيات عسكرية وأمنية منها ما تم استغلاله في تفتيت الدولة الليبية ومنها ما تم استغلاله لدعم النشاط الارهابي لأكثر من تنظيم يعمل لفائدة عدد من الدول العربية خاصة. ومازالت الشكوك تحوم حول العديد من الجمعيات والمنظمات ومراكز الدراسات الناشطة في تونس من حيث نشاطها المرتبط بشبكات التجسس الدولية حتى أن مركز يافا للبحوث والدراسات أفاد في تقرير له " بأن جهاز المخابرات الصهيوني أعاد تمركزه في تونس بعد ثورة 14 جانفي 2011 بعد أن نجح في تشكيل ثلاث خلايا له في كل من العاصمة تونسوسوسة وجربة. وتعمل كل خلية على ملف مستقل. فخلية تونس العاصمة تهتم بمراقبة الشأن الداخلي التونسي وتحديدا الشخصيات السياسية والمدنية والجمعيات والأحزاب السياسية المعادية للكيان الصهيوني والرافضة للتطبيع أما خلية سوسة فأوكلت اليها مهمة مراقبة الوضع في الجزائر وخلية جربة كافت بمتابعة الأوضاع في ليبيا. وقدرت بعض الجهات عدد الجواسيس الصهاينة والمتعاملين معهم من التونسيين بثلاث مائة عنصر يزودون دوريا جهاز الاستخبارات الصهيوني "الموساد" بمعلومات تتعلق بالوضع الأمني في كل من تونسوالجزائر وليبيا". أرقام الحدث 157 جمعية ثبت تورطها في تمويل نشاطات إرهابية. 500 جمعية ناشطة في تونس كلفت باستقطاب الشباب. 300 جاسوس يتعاملون مع الموساد حسب مركز يافا.