على إثر ما منيت به بعض الأحزاب من هزائم مريرة بما أفرزته نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة ترى هل قامت تلك الأحزاب بمراجعة طريقة عملها وهل أعادت النّظر في هيكلة تنسيقياتها لإصلاح ما يجب إصلاحه وتفادي أسباب الفشل مستقبلا؟ ولعلّ السؤال الذي يطرح نفسه بجديّة وإلحاح هو لم كلّ ذاك العزوف من الطاقات الشبابية والكفاءات العلمية والمبدعين والمثقفين؟ لماذا اقتصر بعض المنسقين في عملية الاستقطاب على الشيوخ والعجائز وفئة كبيرة جدا من الأمّيين..!! هل هذا ما سيعطي العمل الحزبي دفعا ونفسا جديدا متجدّدا ويعزّز صفوف الحزب من الكفاءات القادرة على الإثراء والإضافة؟! ولا عجب حين ندرك ضحالة مستوى بعض المنسّقين على المستويين المعرفي والأخلاقي!!! فكيف للكفاءات وأصحاب القدرات على إثراء المشهد السياسي الانضواء تحت وصاية هؤلاء الذين لا يدّخرون جهدا لإقصاء كلّ طرف خارج عن الدائرة الضيّقة لأقربائهم ومعارفهم وعلى وجه أخصّ إذا ما لمسوا فيه الكفاءة والجدارة ورأوا فيه المنافس الشّرس وتوقّعوا له مسيرة سياسية ناجحة، فتراهم يسعون بكل الطرق الأشدّ قذارة الى إقصائه ودفعه الى العزوف عن العمل السياسي لأنه بكل بساطة رغم كفاءته العالية إلا أنه لن يقبل توخّي تلك الأساليب الجهنّمية التي يرفضها ضميره وتتبرّأ منها مبادئه ليعود أدراجه جرّاء تلك السلوكيات التي يندى لها جبين كلّ نزيه!! فيكون بالتالي العزوف وعدم إقبال المثقفين ليبقى المجال فسيحا لبعض الجهلة يرتعون.. يوّلون أقرب المقربين وإن كانوا غير مؤهلين ويحولون دون التحاق غيرهم بالركب السياسي للبلاد...!! فيكون الخاسر بالدرجة الأولى الحزب الذي ولاّهم مسؤوليات ليسوا أهلا لها لا معرفيا ولا أخلاقيا.. فالجاهل سيسعى بطبعه الى استقطاب من ماثله. وأما الخاسر الأكبر بعزوف القادرين على النّهوض بالشأن السياسي والمؤهلين لخوض معترك السياسة بالكفاءة والجدارة وليس بالمكر والقذارة..! فيبقى الوطن هو الخاسر الأكبر لكلّ تلك الكفاءات من أصحاب الضمائر الحيّة والوطنية الغيورة الصادقة! لأن الباحثين عن المكاسب الشخصية والمصالح الذاتية الآنية ليسوا في الحقيقة سوى عبء ثقيل ووزر كبير على كاهل الدولة. فالخلاصة التي يفرضها واقع هذه الانتخابات إذن هي أن من تفوّق هو من ثابر وعمل بجدّ وحزم. وهو من كان مشرفا دوما على سير تنسيقياته وعلى من يمثّلون حزبه. من فاز هو من كان مهيكلا وملتزما ومنضبطا. فلا حرج إذن من أن تنسجوا على منوال الناجح أيّا كان... فتعيدوا ترتيب بيوتكم من جديد ولا تتركوا تنسيقياتكم مهملة لحال سبيلها، توّلون أمورها لمن هبّ ودبّ لأن فاقد الشيء لا ولن يعطيه أبدا...!