وسط معركة الرسوم المشتعلة بين الولاياتالمتحدة من جانب، وقوى اقتصادية كبرى على رأسها الصين والاتحاد الأوروبي وروسيا وتركيا وايران من الجانب الآخر، تبدو بوادر حرب عملات في الأفق، لتفتح مضمارا جديدا للمعركة الاقتصادية مستلهمة وقودها من الحمائية التي يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترومب. واشنطن (وكالات) أكد خبراء اقتصاديون أن حرب العملة ستكون حتمية إذا ما قامت الولاياتالمتحدة بتصعيد التعريفة الجمركية إلى 25 ٪ على 200 مليار دولار من السلع الصينية في سبتمبر ، إذ ستعمل هذه التعريفات على فتح العملات كواجهة ثانية في الصراع بين أكبر الاقتصادات في العالم، مما قد يؤدي إلى انخفاض قيمة 15 % في اليوان الصيني، وفقا إلى تحليل من مجموعة "تي إس لومبارد"، ومن المتوقع أن يستفز ذلك الرئيس الأمريكي، دونالد ترومب، بعد أن أصدر انتقادات لاذعة لروسياوالصين، عندما خسرت عملاتها قيمة مقابل الدولار في أفريل وقال ترامب خلال تغريدة له "روسياوالصين تلعبان لعبة تخفيض قيمة العملة مع استمرار الولاياتالمتحدة في رفع أسعار الفائدة.. أمر غير مقبول!". وتجرى محادثات على مستوى منخفض بين القوتين في واشنطن في وقت لاحق من هذا الشهر، وسط أمل ضئيل في تحقيق انفراجة. وشهد اليوان الصيني انخفاضا بمقدار 9 ٪ مقابل الدولار الأمريكي منذ افريل، وسيؤدي المزيد من الانخفاض إلى زيادة القوة الدافعة للدولار الأمريكي، مما يجعل أمريكا مصدرا أقل قدرة على المنافسة، وقد يؤدي إلى تفاقم عجزها التجاري، ونتيجة لذلك، تتصاعد المخاوف من أن يضعف اليوان الصيني بعد موجة جديدة من الرسوم الجمركية، وقد يؤدي إلى تصاعد في الصراع الاقتصادي الصيني الأمريكي، ومن بين السيناريوهات التي يجري النظر فيها هي تدخل الولاياتالمتحدة في أسواق العملات، واعتبرت هذه الخطوة أمرا لا يمكن تصوره في وقت سابق من هذا العام، نظرا للأضرار المحتملة التي قد تلحق بالأسواق العالمية. ومنذ إعلانه ترشحه للرئاسة، يوجه ترمب سهام انتقاداته نحو اقتصادات كبرى، مثل الصين وألمانيا، متهما كل منهما بتعمد إضعاف اليوان واليورو على التوالي، من أجل العمل على خلق مجال أوسع للتنافسية لصادرات الصين وأوروبا على حساب الصادرات الأمريكية، خاصة في ظل قوة الدولار، وهو أمر أشار ترومب مرارا إلى أنه ليس في صالح الاقتصاد الأمريكي. وبعد فترة من اندلاع حرب تجارية بين أكبر اقتصاديات في العالم، يرى خبراء ومتعاملون في سوق الصرف العالمية أن الأطراف المتنازعة تخوض حرب عملات أيضا، وفقا لما نقلته شبكة بلومبرغ الإخبارية. واتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الصين والاتحاد الأوروبي ب"التلاعب بعملتيهما وأسعار الفائدة لخفضها". وجاء تصريحه بعدما هبط اليوان الصيني إلى أدنى مستوياته في عام كامل، دون مؤشرات تذكر على تدخل البنك المركزي الصيني لإيقاف هذا الهبوط. وقد تراجع اليورو أيضا هذا العام. وحين تنخفض عملة الدولة تكتسب صادراتها ميزة تنافسية بالأسواق، إذ تصبح السلعة أقل تكلفة على المستوردين. وطالما كانت الاتهامات بالتدخل في أسواق الصرف رائجة بين الاقتصادات الكبرى التي تتنافس على زيادة صادراتها. ولم يقل ترومب إنه يترفع عن خوض مثل هذه الحرب، لكنه يصطدم بمجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأمريكي) الذي ينتهج في الوقت الحاضر سياسة رفع أسعار الفائدة التي تزيد من قوة الدولار الأمريكي. وانتقد الرئيس مؤخرا سياسة الاحتياطي الفدرالي بشكل صريح، قائلا إنها تحرم الولاياتالمتحدة من "ميزة تنافسية كبيرة". وأشار إلى أن اليوان الصيني "يهوي كالصخرة". وتراجع الدولار قليلا مع انتقادات ترامب المتكررة، لكنه ما زال محتفظا بقوته حيث زادت قيمته بأكثر من 5 % في الأشهر الثلاثة الماضية. ما هي حرب العملات؟ تسعى كثير من الدول لتحفيز اقتصادها، لذا تلجأ لبعض الوسائل منها تخفيض قيمة العملة كي تمنح منتجاتها ميزة تنافسية ، ومما يعطي الأمر وصف "الحرب" هو تدافع عدد كبير من الدول لإتباع نفس السياسة في وقت واحد. إنه تحرك ضد قوى السوق التي من المفترض أن تكون هي المحدد الرئيس للعرض والطلب، لكن بدلا من ذلك تتحرك الدول لخفض العملة لدعم الصادرات ومن ثم دعم الصناعات وتشغيل المزيد من العمّال على حساب دول أخرى. رأي خبير فابيولا بدوي، المحللة السياسية بفرنسا : يعيش العالم اليوم بالفعل حرباً متناقضة بين العملات، ففي الوقت الذي تبدي فيه واشنطن عدم قبولها رفع أسعار الفائدة الذي قرره البنك المركزي الأمريكي، نجد الدولار يكتسب قوة مضاعفة في مواجهة العملات الأخرى.هكذا بعد الحرب التجارية، بدأ السيد ترومب الآن أزمة حرب العملة.