أثناء إطلالته التلفزية الأخيرة على شاشة الوطنية أكد مدربنا الوطني فوزي البنزرتي أنه سيّد نفسه على مستوى الخيارات البشرية والتوجّهات الفنية ويُوحى خطاب الرجل في ظاهره على الأٌقل بأنّه جادّ في أقواله بدليل اتصالاته الهاتفية مع حمدي الحرباوي وهو من «الكَوارجية» المغضوب عليهم من قبل الجامعة. ولاشك في أن هذه الخُطوة تُعدّ من البراهين الدّالة على الشخصية القوية للبنزرتي وإصراره الكبير على انتقاء لاعبيه دون التدخلات والتأثيرات المُعتادة في بعض الوضعيات كما هو حال «مُحترفنا» في البطولة البلجيكية حمدي الحرباوي الذي حُرم من خوض الكأس العالمية بتخطيط من الجامعة التي لم تنس تصريحاته النارية وفضحه للتجاوزات الخطيرة التي شهدتها معسكرات «النسور» في عهد سامي الطرابلسي. وكان الجريء قد «صفح» عن الحرباوي في وقت سابق لكن بمجرّد الترشّح إلى المونديال استغل رئيس الجامعة الفرصة ل»تأديب» لاعبه من خلال وضعه خارج الرحلة الروسية التي كانت الحلم الأكبر لكلّ عناصرنا الدولية. بين القول والفعل اتّصال البنزرتي بالحرباوي قد يَعتبره البعض مسألة عادية بحكم أن مدربنا الوطني يتابع كل عناصرنا الدولية المحلية و»المُحترفة» لتحديد خياراته البشرية استعدادا للتصفيات المؤهلة ل»كان» 2019 في الكامرون. لكن حرص البنزرتي على مُهاتفة الحرباوي شخصيا مع تأكيد الخبر في المنابر الإعلامية هو في الحقيقة رسالة ضمنية مَفادها أن مدربنا الوطني سيختار من يشاء خاصة أنه تحصّل على حدّ قوله على «كارت بلانش» من الجامعة ليدير شؤون «النسور» بالطريقة التي يراها مُناسبة. هذا وأشار البنزرتي إلى أن الأولوية في الفريق الوطني ستكون للعناصر الأكثر جاهزية على المستويات الفنية والبدنية والذهنية علاوة على استعدادها المُطلق لتمثيل «النسور» دون شروط. خطاب البنزرتي جميل ومعقول شرط أن يجسّده على أرض الواقع بداية من اليوم عندما يعلن في مقر الجامعة عن قائمة «الكَوارجية» الذين سيراهن عليهم في الرحلة القارية المُرتقبة إلى سوازيلند لمواجهة منتخب المكان يوم 9 سبتمبر وذلك في نطاق الجولة الثانية من التصفيات المؤهلة ل»كان» الكامرون. القائمة و«التَكتيك» خطّ أحمر يعرف القاصي والداني أن التركيبة الموسّعة للإطار الفني للمنتخب لم تخل من تدخلات الجامعة وهذه الحقيقة بارزة للعيان ولا مجال لإنكارها بعد وضع الجريء صديقه الدائم ماهر الكنزاري ضمن المساعدين ومن المعلوم أن وديع كان قد مكّن ماهر من فرصة العمل في المنتخبات الوطنية في عدة مناسبات خلال السنوات الأخيرة (ساعد «ليكنز» / أشرف على المنتخب الأولمبي / يشغل الآن خطّة مساعد للبنزرتي). ولا جدال أيضا في أن تعيين حمدي القصراوي لتدريب حراس المنتخب الأوّل رغم افتقاده لعنصر التجربة يندرج بدوره في خانة التسميات الصادرة عن الجامعة بعد أن أوهمت البعض بأنّ هذا القرار (وهو فني بحت) اتّخذه المدرّب. ولئن سمح البنزرتي للجامعة بالتدخل من خلف الستار لتحديد تركيبة الإطار الفني فإنه مُطالب بغلق الباب في وجه المسؤولين عند اختيار اللاعبين تفاديا لما حصل مع بعض أسلافه الذين رضخوا للإملاءات وانخرطوا بدورهم في لُعبة توزيع الدعوات بمنطق الولاءات علاوة على «التورّط» في إقصاء عدة أسماء كانت تستحق التواجد في الفريق لولا الحسابات الخَفية للمسيرين والفنيين. فوزي مُطالب أن يوصد الباب في وجه كل الجهات التي تريد حشر نفسها في الخيارات البشرية وحتى في التوجهات الفنية والكلام لا يهمّ أهل الجامعة فحسب وإنّما أيضا بعض الوكلاء الذين اخترقوا أجواء «النسور» ولاشك في أن حادثة «الدّوحة» القطرية بين المدرب نبيل معلول والعضو الجامعي المُستقيل بلال الفضيلي بسبب «السّماسرة» مازالت في البال. فوزي قال إنه يشتغل في الداخل والخارج بفضل كفاءته وأكد أنه في غنى عن تعيين «ماندجار» لتسويق صورته ولاشك في أن العارفين بالميدان يعلمون أن الرّجل نطق بنصف الحقيقة بحكم أنه يملك «ماندجار» مُتميّز دون أن تكون له صفة الوكيل. وما يَعنينا في كلّ هذا أن تكون خيارات فوزي مُستقلّة وأن يُقيم الرّجل جدارا عَازلا أمام «السّماسرة» لعلّنا نَتخلّص من «قائمة الوكلاء» وهو مُصطلح يستخدمه البعض في وصفهم لقائمة لاعبي المنتخب.