بقلم :محمد المنصف الحميدي* أشرفت بعض المهرجانات الصيفية على الانتهاء والبعض الآخر استوفى عروضه والمطلوب أن تقوم الجهات المنظمة لهذه التظاهرات بتقييم شامل لكل عناصرها من هيئات وبرمجة وأهداف قريبة وبعيدة وأداء واثر ذلك على الجمهور المتقبل ومدى تجاوز كل الثغرات التي ظهرت في تلك المهرجانات للوصول إلى بلوغ الأهداف المنشودة والتي تتطلبها الثقافة الوطنية والأطراف المنظمة تشمل إلى جانب الهيئات المسيّرة لهذه المهرجانات المندوبيات الجهويّة للشؤون الثقافية والإدارات العامة صلب وزارة الثقافة من شؤون جهويّة ومالية وسينما ومسرح وموسيقى وتظاهرات جهويّة وغيرها والتقييم هذا يجب أن يفضي إلى تقويم للمسارات وتجويد لها حتى لا تكون هنالك نمطية وتكرار للتظاهرات وتصبح لها فيخرج الإنتاج رتيبا فاقدا لكل روح ولا يعبر عن خصوصيّة كل مهرجان ويسقط في الابتذال والرداءة ويخرج المهرجان من دوائر الإبداع والامتناع والإفادة ويترك أثره في النفوس والأرواح بانيا لثقافة وطنيّة أصيلة ومتفتحة على العالم وبصفتي أنتمي إلى الهيئة المديرة للمهرجان الصيفي للمناجم بالمتلوي ومؤسسا له صحبة رجال من المثقفين الافذاذ حضرت حفلا مدعوما أحيته الفرقة الرّوسية للفنون الشّعبية وتابعته بانتباه جيد رغم قلة المشاهدين ليلتها وهذا راجع إلى عدم تفتح الجمهور على مثل تلك العروض والذي أصبح همه الرقص والتفاعل مع عروض الرّاي والرّاب والموزود وغيرها لان مسرح الهواء الطلق في كل هذه العروض كان مكتظا وتموّج شبابا وشابات قلت هذا هو التوجه السائد اليوم وأعود إلى العرض الحدث الذي كان يقدم لوحات فنية رائعة لراقصين وراقصات بزيهم التقليدي البدوي الأصيل لديهم في حركات متناغمة ومعبرة عن الحياة الريفية زمن الأشغال الفلاحيّة والأسرية انطلاقا من التعاون والتالف والحب والحفاظ على عناصر الطبيعة وقبول الحياة في بساطتها وعفويتها وهي قيم تم تمريرها رقصا وحركات جماعية لا يعيها إلا الراسخون في الثقافة والممثلين لها هي ضروريّة للجماهير الجديدة حتى يتم صقل أذاقهم والاتقاء بها ايجابا هنا ما كانت تقوم به وزارة الشؤون استجلاب فرق فنون شعبية من عديد الدول الشقيقة والصديقة الشرقية والغربية وهي فرق غير مكلفه ماديا على أساس التبادل الثقافي ويغنم منها الجمهور الفرجة والاستفادة والتفتح على الثقافات الأجنبية وفي ذلك تعميق للمخزون الثقافي وتوسيعه والدعوة ملحة لوزارة الشؤون الثقافية لسلوك ذلك وتوزيع هذه العروض على كل المهرجانات طولا وعرضا بالبلاد وهذا كله يسهم في تهذيب الأذواق مع الاستئناس بالفرق التونسية الرجالية والنسائية لجعل الجمهور ينغرس في أصالته خيرا مما يقدمه سماسرة الفن ومتعهدو الفرق من عروض وضحله المحتوى باهضة الثمن لا تترك أثرها أداء وكلمات ومضامين في نخب ضحب تحدثه آلات متنافرة وأقراص مسجلة وهي مادة تستجله الجمهور الذي ينشد الاهتزاز ويقلد أنماط من الأغاني لا تبقى ولا تخلد وإن الاختيارات حتمتها الظروف وسوق الفن والأهداف المالية والحاجة إلى الربح عبر توفير مداخيل تغطي المصاريف وهي كلها أهداف أفسدت الثقافة في أبعادها لتجلها مواد استهلاكية سريعة التناول وهذا ما فرضته العولمة واقتصاد السوق مما جعل الشباب يتعلق بقشور الحضارة ويتحرف ويسهل استفاظ به والقائمون على التربية والثقافة لابد لهم أن يعوا أن الثقافة تبقى الحصن الحصين والسد المنيع لدرء الانحراف ودحر الإرهاب من ذلك لابد من التفتح على الثقافات المغاربيّة والمشرقية والغربية من خلال -كما أسلفنا- برمجة عروض مختلفة ليست بالمكلفة ولكنها تفيد الجميع ولا تنسى إقامة ندوات ذات محاور خفيفة ليست بالدسمة التي لا يطيقها الجمهور المتلقي ولكنها تجعل منه المشارك الايجابي كالشعر الفكاهي والالتزام في الفن والتربية في عديد فروعها في السنما والمسرح والترغيب في المطالعة والتنشيط الثقافي الطّفولي والشبابي ومهرجاننا الصيفي للمناجم بالمتلوي قد حقق أهدافه بكل اقتدار وسيشهد نقله نوعية وانتقالا ايجابيا السنة القادمة والدورة الآتية في مسرحه الصيفي الجديد الوظيفي الذي نتمنى أن يكون جاهزا ليحتضن عروضا ذات قيمة وجودة عاليتين وتتطور ميزانيته صعودا وتتأصل عروضه في تفتح مغاربي وأجنبي خدمة لأهدافه الطموحة واستجابة لهذه المدينة التي مازالت تحتضن بقايا الجاليات المغاربية وسوف يتحقق كل هذا بعزيمة هيئته ودعم شركة فسفاط قفصة الر اعي الرسمي له مع وزارة الشؤون الثقافية وطنيا وجهويا. * عضو اتحاد الكتاب التونسيين - المتلوي