لئن أعلنت بعثة صندوق النقد الدولي الى تونس يوم السبت الفارط توصّلها إلى اتفاق مع الحكومة يسمح بصرف القسط الخامس بقيمة 257 مليون دولار من قرض صندوق النقد، ليصل إجمالي الأقساط المدفوعة إلى نحو 1.5 مليار دولار من مبلغ جملي يصل الى 2,8 مليار دولار فإن هذا الوصول الى اتفاق هذه المرة كان اصعب من سابقاتها وهو ما اكدته وكالة «روتيرز» مشيرة الى خلافات بين الطرفين اساسها تعطل تفعيل ما طالب به الصندوق من اصلاحات اضافت اليها البعثة طلبا جديدا وهو توفير مليار دينار من الميزانية وهو امر يكاد يكون مستحيلا في ظل العجز الكبير في ميزانية الدولة والذي ان تراجع عن السنوات الفارطة فإنه مازال قائما وقد يتفاقم بسبب ما قد تعرفه تونس من تطورات بدأت نذرها في الظهور بقوة في ظل انقطاع شعرة معاوية بين الحكومة واتحاد الشغل والذي هدد اكثر من قيادي فيه بخريف غضب سيجعل شتاء البلاد ليس ساخنا بل قائظا. وان كان رئيس الحكومة سائرا فعلا بعناد في طريق المواجهة مع اتحاد الشغل والتي ان اندلعت بقوة فلا احد قادر على ايقافها خاصة اذا استعادت احتجاجات تطاوين وهجها واستفاق التوتر في قفصة اضافة الى ما قد يتم الالتجاء اليه من تحركات اخرى لا يعدمها أي «معارض للحكومة لارباكها وتسفيه مؤشراتها الايجابية وهو ما لاح في عدم انعكاس ارتفاع الصادرات كما وكيفا وانتعاش السياحة ايجابا على رصيد البلاد من النقد الاجنبي فإنه من المنطقي للحكومة ان تتلقف رسالة بعثة صندوق النقد الدولي الى تونس في زيارتها الاخيرة الى بلادنا والتي مفادها ان الاقتصاد التونسي لا يزال يعتمد بشكل كبير على الاستهلاك والتوريد وان ما تحقق من نمو وصل في السداسي الفارط الى 2,6 بالمائة يبقى هشا اذا لم يتم رفده باصلاحات مهمة وهو ما يحتم على الحكومة ايقاف «ماكينة» التوريد عن العمل بجدية هذه المرة وليس بقرارات لا تساوي الحبر الذي كتبت به ما لم يتم تفعيلها ويكفي ان نلتفت الى ما قامت به تركيا لاعادة التوازن الى عملتها رغم حدة الهجمة التي تشن ضدها وقوة الطرف المنفذ لها وهو الرجل الاقوى في العالم حاليا دونالد ترومب إذ سعت الى تجيير تراجع الليرة لصالحها من خلال رفع تنافسية الصادرات التركية في الخارج، وزيادة الوافدين على تركيا بسبب انخفاض الكلفة، وهو ما يعني تحسن الميزان التجاري التركي وزيادة احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي... وكل هذا بامكان الحكومة تحقيقه ان احسنت في مساعيها الى فرض تهدئة هي قادرة ان نجحت في سياستها الاتصالية على اقرارها اضافة الى امتلاكها (كرها او طوعا) لخارطة طريق اصلاحية وضع اسسها صندوق النقد الدولي ولا تملك الا تطبيقها ان عاجلا أو آجلا اضافة الى تفعيلها لكل السياسات المتعلقة بالانفتاح التجاري والاستثماري، ورصانة السياسات المالية والنقدية، وفعالية الدبلوماسية الاقتصادية.