تنتظر الحكومة بفارغ الصبر صرف صندوق النقد الدولي للقسط الرابع من القرض الممنوح لتونس وهو قسط بقيمة 257 مليون دولار في الوقت الذي تشهد فيه موارد الدولة شحا انعكس على مخزوننا من العملة الصعبة الذي بلغ 71 يوم توريد. وتجتمع إدارة صندوق النقد الدولي يوم الجمعة القادم 6 جويلية من أجل أخذ القرار بشأن صرف القسط الرابع من القرض الذي منحه الصندوق لتونس بحجم 2.9 مليار دولار على أن تتحصل على قسط جديد بقيمة 257 مليون دولار بعد أن صرف الصندوق 1.2 مليار دولار على 3 أقساط سابقة. فقد أعلن الناطق الرسمي باسم صندوق النقد الدولي، جيري ريس، أن مجلس إدارة الصندوق سيعقد اجتماعا في السادس من الشهر الجاري من أجل النظر في المراجعة الجديدة لتونس في إطار اتفاق تسهيل الصندوق الممدد بعد أن توصل الجانبان إلى اعتماد مقاربة مراجعات ربع سنوية والتي أنجز منها إلى اليوم مراجعتان، حيث اتفقت تونس وصندوق النقد الدولي في 20 ماي 2016 على عقد اتفاق ممدد يمتد على 48 شهرا في إطار «تسهيل الصندوق» على أن تخضع تونس إلى 8 مراجعات. ظرف صعب ولئن تمت المراجعة السابقة التي انطلقت في 17 ماي وتواصلت لأسبوعين بعد الإعلان عن جملة من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية إذ حققت بلادنا نموا في ناتجها الإجمالي الخام بنسبة 2.5 بالمائة خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية مقارنة بنفس الثلاثي الأول من 2017 حيث بلغت نسبة النمو 1 بالمائة فقط، وسجلت بعض القطاعات الاقتصادية تحسنا مع تحسن طفيف في نسب البطالة التي تراجعت إلى 15.4 بعد أن كانت خلال نفس الفترة من السنة الفارطة 15.5 بالمائة، فإن الصندوق أصدر بعد المراجعة المذكورة جملة من التوصيات التي تعد بالأساس صعوبات لابد من تداركها لا سيما في ظل الانهيار السريع لسعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية وتدني مخزوننا من العملة الصعبة ما يكشف عن عجز هيكلي يعاني منه الاقتصاد الوطني. حيث طالب الصندوق في بيان صادر عنه بعد إنهاء البعثة لأشغالها احتواء كتلة الأجور والمضي قدما في برنامج الإصلاح الاقتصادي وإيجاد الحلول اللازمة لإيقاف نزيف التضخم، الذي ارتفع خلال شهر ماي المنقضي إلى 7.7 بالمائة ليبلغ أعلى مستوياته، بالإضافة إلى العمل على الحد من عجز الميزانية وتعافي المالية العمومية وخاصة دعم احتياطي تونس من العملة الصعبة. وقد وقفت البعثة خلال زيارتها التي تخللها لقاءات مع مختلف الأطراف السياسية والمالية والاجتماعية الفاعلة على مدى تقدم مسار الإصلاحات الكبرى في تونس ومناقشة السياسات الضرورية لاستكمال المراجعة الثالثة لأداء الاقتصاد والتي ستتيح لتونس الحصول على 257 مليون دولار حيث قدم الصندوق في أعقاب هذه الزيارة جملة من التوصيات التي ستتخذها السلطات التونسية كخارطة طريق للحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن والقدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وتعافي المالية العمومية ودعم منظومة الإنتاج وأيضا الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بصفة عامة. إجراءات سريعة وشدد الصندوق على وجوب التزام تونس بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية واتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة لضمان تعافي المالية العمومية والحد من التضخم وتراجع الاحتياطي من العملة إلى جانب ضمان استقرار الاقتصاد الكلّي. ومن أبرز التوصيات أيضا بذل الحكومة لجهود أكبر من أجل تطهير الميزانية التي من أهم أسسها اتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم العائدات الجبائية عبر دعم عمليّة تحصيل الضرائب هذا إلى جانب الحد من النفقات الجارية وذلك بهدف دعم نفقات الاستثمار والنفقات الاجتماعيّة. كما أوصى الصندوق بالحد من تضخم كتلة الأجور من خلال تنفيذ برنامج المغادرة الطوعية للعاملين في الوظيفة العمومية وتفادي أي زيادات جديدة في الأجور إذا لم يتجاوز النمو التوقعات المرسومة. وبهدف احتواء كتلة الدعم التي تذهب في مجملها إلى غير مستحقيها لا سيما دعم المحروقات، دعا الصندوق إلى تطبيق زيادات في أسعار المحروقات كل ثلاثة أشهر وذلك في إطار إصلاح قطاع الطاقة وهو ما تم منذ بداية السنة الجارية حيث عرفت المحروقات ثلاث زيادات متتالية. وشدد على أهمية إقرار إصلاحات إضافية في القطاع المالي، وهو ما اتجه نحوه البنك المركزي التونسي الذي رفع في نسبة الفائدة الرئيسية ب100 نقطة، وكان مجلس إدارة صندوق النقد الدولي قد أكد على ضرورة تدعيم السياسة النقدية عبر التقليص من التدخل على مستوى سوق الصرف وإضفاء المزيد من المرونة على معدل الصرف ما سيسهم في تحسين نتيجة الميزان الجاري ودعم الاحتياطي من العملة. وفي ذات السياق حث صندوق النقد الدولي تونس على استكمال إصلاح الوظيفة العمومية وتعزيز عملية اختيار مشاريع عمومية أكثر نجاعة فضلا عن تحسين التصرف في المؤسسات الراجعة بالنظر إلى الدولة هذا بالإضافة إلى استحداث عقود الأداء للبنوك والمؤسسات العمومية وسن القوانين التي تستهدف تخفيض القروض المتعثرة في البنوك. وأكد الصندوق أن تحقيق انتعاشه اقتصادية سيكون ممكنا إذا ما تواصل تنفيذ الإصلاحات الرامية إلى تحسين الحوكمة ومناخ الأعمال، وإتاحة فرص الحصول على التمويل، مع مزيد العمل لتحسين بيئة الأعمال، وخاصة تبسيط البيئة التنظيمية، وتشجيع الحوكمة الرشيدة والشفافية، وبعد الوقوف على الوضع الاقتصادي في تونس يبقى قرار صندوق النقد الدولي مفتوحا على كل الإحتمالات.