ارتحل فصل الصيف بما فيه من راحة واستجمام وانصراف الى العطل السنوية بما يعنيه ذلك من توقف نسبي في قيمة عظيمة شدد الاسلام على رعايتها وهي قيمة العمل. والان انطلق مجددا موسم البذل والاجتهاد وعاد التونسيون الى سالف نشاطهم وعادت وتيرة العمل الى نسقها العادي بعد الانطلاق في التوقيت الشتوي الذي يتناسب مع متطلبات الانتاج المكثف بما يحقق لبلادنا النهوض والازدهار . لذلك ارتأينا ان يكون محور ملف الاسبوع حول قيمة العمل في الاسلام. حثَّ الإسلام على العمل والسعي لكسب الرزق، لكي يكون المسلم في مجتمعه منتجاً فاعلاً، بدل أن يكون عالةً عليه، ويساهم ذلك في توفير حياة كريمة له ولأهله، وفي قوة المجتمع الإسلامي وازدهاره، وقد أُشير إلى أهمية العمل ومكانته في القرآن الكريم في العديد من المواضع، كما أنّ المصطفى -صلى الله عليه وسلم- قد مدح اليد المنتجة العاملة، ودعا إلى أن يكون المسلم منتجاً في كثير من النصوص، وكان ذلك واضحاً جليّاً في سيرته صلى الله عليه وسلم، ولم يغفل الإسلام عن وضع ضوابط وأحكام للعمل المشروع الذي يمكن للمسلم القيام به، والأعمال التي يجب ألا يقترب منها، وقد حثَّ القرآن الكريم في العديد من الآيات على العمل، وطلب الرزق، والسعي في الأرض، وعدم الركون للراحة، ومن تلك الآيات قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ*فإذا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ...)، فالآية صريحةٌ في الإذن للناس بالبيع والشراء والتجارة بعد الانتهاء من صلاة الجمعة، بهدف الحصول على الربح، والتماس فضل الله بالسعي والتجارة. وكذلك قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، فإن في الآية أمرا صريحا من الله سبحانه وتعالى للناس في طلب الرزق، والسعي لذلك بالعمل وعدم الجلوس، حيث إنَّ الله سبحانه وتعالى جعل الأرض ذلولاً للناس لكي يسعوا فيها بالعمل وتحصيل الرزق، والأكل مما أنعم الله به عليهم في الأرض. وايضا في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ)، فإن أساس الحياة الدنيا قائمٌ على العمل والأخذ بالأسباب والسعي في تحصيل الرزق، والكدح والجد لأجل ذلك، وإن الإنسان سيجد أثر كدحه في الآخرة إن كان بطريق خيرٍ أو بطريق إثم.