سالت الشتائم والكلام الذي يصعب علي وصفه، بما في ذلك من بعض من جمعتني بهم عشرة طويلة وأعرف كل تاريخهم بتفصيل التفاصيل، لم يستح أحد منهم وليقولوا ما شاؤوا. والمصيبة أنهم لا يعلمون عن حيثيات الموضوع أي شيء وما الظروف التي جعلت راشد الغنوشي يحضر حفل زفاف بيرم. الحدث ذاتي صرف، لكن بما أن مكوناته تنتمي إلى عالم السياسة فقد طبع كل الإطار بهذا الطابع. لكن ما رأيكم دام عزكم إذا تعلق الأمر بالسياسة؟ ألا تذكرون الحوار الوطني؟ ألم تكن الجبهة الشعبية شريكة في هذا الحوار؟ ألم تكن حركة النهضة وراشد الغنوشي شخصيا شرا في هذا الحوار؟ ألم يحدث ذلك ودم شكري والبراهمي سائل؟ ألم تكن الجرائم الإرهابية قد ارتكبت في حق الأمن والجيش والسياح الأجانب؟ كيف تقبلون بكل ذلك وتباركوه بالأمس، واليوم تثيرون كل هذا الهرج والمرج؟ بينما دعوت أصدقائي في الجبهة الشعبية إلى حمل حركة النهضة على النقاش حول عقد جمهوري يحملها على التخلي عن مسعاها إلى فرض نمطها المجتمعي وطبيعة الدولة وشكلها وحملها أيضا على تبني منوال تنمية قائم على الاقتصاد الاجتماعي التضامني، ولم أتعرض بالتجريح في أي كان. وزيادة على ذلك ألا تذكرون تنسيقية القوى الديمقراطية لما ناقشت مسألة «حكومة الوحدة الوطنية» وكانت الجبهة قد قبلت بذلك وعبرت عن موقفها في ندوة صحفية حضرتها كل وسائل الإعلام في تونس، وكانت تعلم أن حركة النهضة مكوَن أساسي في هذا الحوار. لكن الجبهة تراجعت بصورة منفردة وانسحبت من التنسيقية دون أن تشرح لمكوناتها الأسباب. كنت توجهت بالنقد المسؤول لرفاقي ولم أجرح في أي كان. رغم أني لم أنس أن رفيقا عزيزا رفض الحضور معي في إحدى الإذاعات بينما تقابل مع الغنوشي في حوار تلفزي، وكان النقاش وديا. لم يقلقني ذلك، لأني أعتقد أن المسؤول السياسي مطالب بالنقاش مع الجميع بما في ذلك من يختلف معهم في مشروع الدولة والمجتمع وفي نمط ومنوال التنمية، سواء أكان ذلك في إطار ضيق أو على رؤوس الملإ لأنه إذا انغلق على نفسه أو على فئة يتحول «نبي شيعة من الشيع». وإن كنتم تخشون هذا التحاكك الفكري والسياسي والتعامل الحضاري كذوات إنسانية، حفاظا على نقاوتكم وخوفا على أنفسكم من الذوبان كالملح والسكر في كأس ماء، فذلك شأن آخر.