قليلون هم الديبلوماسيون الذين نجحوا على رأس وزارة الخارجية. السيد خميس الجهيناوي هو دون شك من بين هؤلاء القلّة. نشطٌ، مجدّ، هادئ حذر.. خميّس الجهيناوي يجمع بين كل صفات الديبلوماسي المحترف ويضيف إلى ذلك خبرة كبيرة تؤهله لمعالجة أشيك الملفات، والتزاما ثابتا بالمصلحة الوطنية تجعله يقبل أصعب المهمات. راهن عليه رئيس الجمهورية باجي قائد السبسي باعتباره أحد رموز الديبلوماسية التونسية والمسؤول الأول دستوريا عن سياسة البلاد الخارجية. ونجح في الرهان. فرغم الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها العالم عموما والمنطقة العربية خصوصا فإن بلادنا حافظت على صورتها الإيجابية كبلد يعيش نقلة سياسية تاريخية جعلت منها استثناء في المنطقة رغم المصاعب الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المواطنون في الداخل وتدفعهم إلى عدم الرضاء بأوضاعهم. ويُحسب للوزير الجهيناوي أنه نأى بالمؤسسة الديبلوماسية عن التجاذبات السياسية. وكرّس جهدها لتطوير طموح متعدد الأبعاد، اقتصادي، وترابطي، وثقافي، يستند إلى إرادة معلنة لاكتساب الوسائل العملية التي تجعل عمل الوزارة مواكبا لمعايير الديبلوماسية العالمية الأكثر تطوّرا. الكلمة عند المسؤول الديبلوماسي لها وزنها داخليا وخارجيا لذلك يبدو السيد الجهيناوي قليل الأحاديث في الصحف مفضلا العمل والتحرّك في صمت... التقته «الشروق» فكان الحديث التالي الذي تناول فيه أهم القضايا التي تشغل الديبلوماسية التونسية. لنبدأ بالملف الليبي الذي سجّل في الآونة الأخيرة تحركات ديبلوماسية تمثلت في زيارتكم إلى كل من طرابلس وطبرق وبنغازي ولقائكم بأهم القيادات الليبية... ماذا أثمرت هذه التحركات وما هي فرص نجاحها في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس؟ الوضع في ليبيا عرف خلال الفترة الأخيرة تراجعا خاصة على المستوى الأمني رغم اعتماد خارطة طريق من كل الاطراف الليبية ورغم ما لاحظناه من استعداد من قبل هذه الاطراف وغيرها لتجاوز الخلافات والتوصل الى حل سلمي.. وما جرى أخيرا في طرابلس له طابع أمني بالأساس ولكن ايضا له خلفية سياسية... والظاهر اليوم أن هناك هشاشة أمنية... وما جرى أوضح اليوم الحاجة الملحّة الى الاهتمام بالجانب الأمني موازاة مع تنفيذ المسار السياسي... يعني أنه دون أمن لا يمكن تحقيق أي تقدّم على المستوى السياسي وعلى المستوى الدولي ، الأممالمتحدة أنجزت خارطة طريق في سبتمبر الماضي وتعهدت بإجراء انتخابات عام 2018 تمكن الشعب الليبي من اختيار ممثليه سواء في البرلمان أو في مستوى رئاسة الدولة... وهناك مراحل لخارطة الطريق. في 29 ماي الماضي دعا الرئيس الفرنسي أهم الاطراف الليبية ودول الجوار الفاعلة الى باريس وتم الاتفاق على اجراء انتخابات في عام 2018... بطبيعة الحال تبيّن ان هناك أطرافا دولية لم تتفاعل ايجابيا مع هذه الخطة وأن هناك صراعا داخليا وتدخّلا من بعض القوى في الملف الليبي... لكن قبل اجتماع باريس اجتمعنا في إطار مبادرة رئيس الجمهورية هنا في تونس مع الجزائر ومصر ثم قمت شخصيا بزيارة الى طرابلس وطبرق وبنغازي لمعرفة وتقييم مدى استعداد هذه الاطراف لتجاوز الخلافات والشروع في تنفيذ هذا المسار السياسي. اليوم للأسف الشعب الليبي تعب والوضع الاقتصادي تدهور والوضع الأمني أكثر من متردّ... يعني أن هناك اليوم حاجة ملحّة الى التقدم في المسار السياسي.. والمبادرة التي قام بها المبعوث الخاص للأمم المتحدة غسان سلامة لتجميع مختلف هذه الاطراف والتوصل إلى وقف لاطلاق النار ثم الاحاطة التي قدّمها في مجلس الامن حول الأزمة الليبية يؤكد اليوم أن الحاجة ملحّة لليبيا ودول الجوار للتقدم في المسار السياسي والتوجه نحو تمكين الشعب الليبي من اختيار من يمثّله.. ونحن في تونس بحاجة الى استقرار ليبيا ويكون لنا مخاطب مشرف على كامل التراب الليبي لأن مستقبلنا ووضعنا الأمني مرتبط باستقرار ليبيا واقتصادها جزء هام منه مرتبط باسترجاع ليبيا استقرارها الأمني والسياسي وحيويتها الاقتصادية ولهذا بالذات لنا اليوم في تونس دور محوري لمساعدة الليبيين على تجاوز أزمتهم. اليوم نشهد بوضوح صراعا صلب الاتحاد الأوروبي على ليبيا، هذا الصراع هل يفرض علينا اصطفافا معينا؟ لا، نحن لا نصطف وراء اي طرف، نحن نصطف فقط أولا وراء تونس وثانيا وراء ليبيا لأن ما يهمنا فقط هو استقرار ليبيا... هذه الاطراف الدولية ليس من أوروبا فقط بل حتى في خارج أوروبا... هذه الاطراف نحن نقول لها، عوض الاهتمام بهوامش الأزمة الليبية المتمثلة في الهجرة السرية والارهاب عليها أن تهتم بأصل المشكل.. وأصل المشكل هو كيف نساعد الليبيين على إيجاد حل سياسي. وإذا توصلنا الى صيغة تمكن الليبيين من التوصل الى حل سياسي لأن كل التبعات هي في الحقيقة ظواهر ونتائج متأتية من الخلل الكامن في الاصل... وعليه فإنه الى حد الآن نعتقد أن هناك حاجة الى جهد اضافي من طرف هذه الدول الفاعلة سواء كانت في الاتحاد الاوروبي وغيرها كي تهتم بأصل الموضوع .. وأصل الموضوع هو سياسي وأمني بالاساس وذلك من خلال العودة الى خارطة الطريق والعمل على خلق الجو الملائم لانتخابات يقع قبولها من طرف كل الاطراف. المواطن التونسي يريد أن يسمع من المسؤول الأول عن الديبلوماسية التونسية، جوابا واضحا عن السؤال التالي: هل أن حل الأزمة الليبية قريب أم أنه مازال بعيدا؟ موضوعيا، حل الأزمة ليس صعبا، لأن الشعب الليبي هو شعب منسجم وبالتالي فإن ما يجمع الليبيين أكبر بكثير مما يفرقهم. ولا أرى داعيا في الحقيقة لأن يتفرق الليبيون سواء في الشرق أو الغرب... فلو تتوقف هذه التدخلات والأجندات المختلفة ونضع أيدينا في أيديهم خلف الاممالمتحدة ويتجهون الى المشكل الاساسي المتمثل في التوصل الى حل سياسي. ولكن هل تعتقد أن حل الازمة ممكن فعلا خصوصا لما نعلم طبيعة الخلافات بين العرب؟ ليس فقط العرب بل هناك ايضا دول الجوار ومبادرة رئيس الجمهورية تعتبر أن مصر والجزائر لهما دور أساسي ولكن هناك ايضا دول جوار أخرى مثل السودان وتشاد والنيجر وبلدان الساحل وإيطاليا التي لها علاقة مباشرة بليبيا... ليبيا ليست دولة هامشية بل هي في قلب المتوسط وبالتالي فإن أمنها واستقرارها له تأثير على كل الدول المتوسطية. على هذه الخلفية هل تعتقدون سيادة الوزير أن الطريق سالكة نحو إجراء الانتخابات في ليبيا هذا العام، وفق الآجال التي حددتها فرنسا؟ موضوعيا، اصبح اليوم من الصعب جدّا أن يقع احترام هذه الآجال لكن الأهم من هذا أنه ليس هناك اي حلّ دون انتخابات وبالتالي فإن الانتخابات هي محطة أساسية لتمكين الشعب الليبي من اختيار ممثليه.. بقي ان السؤال: هل تقع قبل نهاية السنة الحالية أو في بداية السنة القادمة.. أعتقد ان الأمر صعب.و المهم، حسب اعتقادي أن يكون هناك جهد دولي لتحقيق هذه الأهداف...ومثابرة وإيمان. الأمر صعب لكنه غير مستحيل والمهم هو عدم التراخي أو الرضاء بالواقع. ولكن التحدي الأساسي يكمن في الميليشيات... السؤال هنا، ماهي رؤيتكم في التعاطي مع هذه المجموعات التي تتحكم في مفاصل الدولة وتفرض سلطتها في الواقع الليبي؟ ما يهمنا أن هذا الأمر هو من مشمولات حكومة الوفاق الوطني برئاسة السرّاج التي يجب أن تتولى بمساعدة الأممالمتحدة مسؤولية تنظيم هذه الميليشيات. ولكن من وجهة نظري أنه لا يمكن تنظيم الانتخابات في ظل وجود الميليشيات، ويجب أن يقع إدماج هذه الميليشيات في القوات المسلّحة ولكن حين تجري انتخابات لابدّ أن تكون كل القوى الأمنية وقوى الجيش الوطني الليبي موحّدة حتى ترعى هذه الانتخابات.. في علاقة بالملف الليبي يطرح موضوع الهجرة السرية.. وفي هذا الموضوع بالذات هناك حديث عن ضغوط تتعرض لها تونس لتركيز مخيّم يتم فيه إيواء المهاجرين.. ما المستجد في هذا الموضوع وهل وضعتنا في صورة هذه الضغوط؟ نحن بكل تأكيد مسؤولون على حماية حدودنا، وحتى لا نكون مصدرا للمهاجرين السريين.. هذا واجب وطني وأي اخلال في هذا نحن مسؤولون عنه.. والحكومة التونسية تسعى بكل جهدها لحماية حدودها وتكون لها التجهيزات والآليات لمواجهة الهجرة السرية.. الآن ما يأتي من ضغوطات نحن لسنا مسؤولين عنه، لأنها مرتبطة بالوضع الداخلي في ليبيا... لو كانت هناك حكومة مركزية في ليبيا قادرة على حماية حدود ليبيا مع مختلف الدول السبع المجاورة لما تسرّب المهاجرون القادمون من الساحل الى التراب الليبي... وبالتالي فإن موضوع الهجرة السرية هو بالأساس موضوع سياسي، مرتبط بالوضع السياسي وبالحل السياسي في ليبيا.. نحن إذن نرفض هذه الضغوط لأننا نعتقد أنها ليست من مسؤولياتنا وليس من دورنا أن نقبل بإقامة منصّة للمهاجرين السريين... وموقفنا هذا واضح لا غبار عليه. هناك حديث يدور من حين لآخر عبر وسائل الإعلام الأجنبية حول تركيز قواعد عسكرية في تونس في علاقة باحتمال توجيه ضربات عسكرية إلى التنظيمات الإرهابية في ليبيا... ما حقيقة هذه الأنباء؟ نحن في تونس لم نقبل بإقامة أي قاعدة أجنبية وللتاريخ نذكر أننا لم نقبل رغم حداثتنا بالاستقلال أن تبقى بنزرت قاعدة عسكرية ودفعنا الثمن غاليا لإخلاء هذه القاعدة.. اليوم العلاقات العسكرية والأمنية الدولية تطوّرت بشكل لم تعد فيه هذه الدول بحاجة الى قواعد.. اليوم ليست هناك حاجة للدول الكبرى كي تكون لها قواعد ثابتة، اليوم من اي نقطة في العالم يمكن لهذه القوى أن توجه ضربة لعدوها. ماذا عن العلاقة بين وزارة الخارجية ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية اليوم... كيف تنظّم؟ العلاقة ممتازة، هناك انسجام بين ما يأمر به رئيس الجمهورية ووزير الخارجية الذي يحاول بكل جهده أن ينفذ هذه التوجهات.. ولكن وزارة الخارجية هي أيضا عضو أساسي في الحكومة وبالتالي من الطبيعي أن وزير الخارجية انطلاقا من صفته كعضو في الحكومة أن يمكّن رئيس الحكومة من كل المعلومات حتى يكون على بيّنة من القضايا الهامة والأساسية.. رافق الفترة التي توليتم فيها وزارة الخارجية إطلاق الديبلوماسية الاقتصادية... لكن هناك من يعيب عليكم أن دوركم بقي «خجولا» في إطار هذا المسار؟ دور وزارة الخارجية في بلد مثل تونس هو دور جوهري وأساسي في النهوض بالاقتصاد الوطني والنهوض بالأمن... دورنا هو فتح الأبواب والقيام بالاتصالات اللازمة وأهل الاختصاص يتولون متابعة ذلك وتنفيذه.. الديبلوماسية الاقتصادية كانت بعد 2011 مجرد شعار... نحن حاولنا القيام بمنهجية انطلقنا فيها قبل اقتراح منصب كتابة دولة للديبلوماسية الاقتصادية. لو تحدثونا عن هذه المنهجية ما هي طبيعتها ؟ هدفنا يأتي من تشخيص الوضع في تونس وفي التشخيص هناك حاجة ملحة في مجال البطالة هناك 250 ألف شاب من أصحاب الشهائد العليا وما يقارب 600 ألف عاطل عن العمل... هنا يأتي دور الديبلوماسية التونسية بالعمل على خلق فرص لتمكين أصحاب الشهائد العليا للعمل خاصة في دول الخليج وغيرها، في إطار التعاون الدولي. في ما يتعلق بالسياحة، هناك جهد جبار قامت به الديبلوماسية الاقتصادية لإقناع مختلف لاطراف كي يتراجعوا في ظرف وجيز عما تم نشره من تحذيرات ونصائح من بعض الدول لرعاياها بعدم زيارة تونس... هذه نقطة أساسية. نفس الشيء بالنسبة لمسألة تشغيل الشباب حيث وفّرنا اليوم ألفي منحة «إيراسموس» (Erasmus) للشباب التونسي... كما أبرمنا اتفاقا خاصا مع إيطاليا من أجل انجاز «ايراسموس» متوسطي حيث تمنحنا بمقتضاه إيطاليا اليوم مئات المنح. في هذا المسار لنا اليوم شركاء تقليديون في العالم العربي تقريبا طبعنا علاقاتنا ودفعناها مع مختلف الأطراف العربية.. للأسف العالم العربي يعيش اليوم بعض المشاكل الداخلية، هذا صحيح ولكن حين عقدنا الندوة الدولية للاستثمار 2020 لاحظنا كيف أن عديد الدول قدمت للاستثمار على غرار الكويت، والسعودية والإمارات وقطر إذن مع العالم العربي حاولنا أن ننتهز أكثر ما يمكن من الفرص.. ثانيا: في علاقتنا بشريكنا الأساسي اليوم وهو الاتحاد الأوروبي، قضية الشباب هذه كانت قضية جوهرية حيث تم الاعلان عن 140 أورو كمساندة من الاتحاد الاوروبي لتمكين الشباب من خلق مواطن شغل وتحسين أداء التكوين المهني والتشغيل.. هذا يعني نحن في حوار مع الاتحاد الأوروبي وكل عام لنا مجلس شراكة نحدّد فيه المحاور الأساسية للتعاون والنظر في كيفية دمج أكثر ما يمكن الاقتصاد التونسي في الفضاء الاقتصادي الأوروبي... الاتحاد الأوروبي اقترح علينا في هذا الاطار الأليكا... وهذا المشروع استراتيجي بالنسبة اليهم وبالنسبة الينا إن نجحنا في إخضاع تنفيذ هذا الاتفاق التاريخي إلى شروطنا وأجندتنا وانتظاراتنا. وبالتالي، يمكن القول إن لنا منهجية شاملة لدفع هذه الاطراف الى مساعدة تونس للاستفادة من كل ما يقدّمه الفضاء الاوروبي بالنسبة الى افريقيا، وضعنا مقاربة دقيقة تجاه هذه القارة، اولا فتحنا سفارتين و3 مكاتب تجارية ونسقنا مع وزارة النقل كي توسّع رحلات الخطوط التونسية في افريقيا كما قام رئيس الحكومة بجولة في عدة دول افريقية ونحن الآن بصدد وضع برنامج لزيارة ثانية الى دول أخرى في شرق افريقيا.. ثم لا ننسى هنا أن تونس كانت من الدول الاولى التي أمضت اتفاقية التبادل الحر في افريقيا بهدف الإظهار للعالم ولدول البريكس (Brics) وغيرها أن تونس شريك ثنائي بما يمكن أن يجعل من تونس قاعدة لهذه الدول التي تبحث عن أسواق جديدة في جيوب الصحراء او حتى أوروبا، وبالتالي فإن الهدف ليس فقط تدعيم العلاقات الثنائية ولكن ايضا تمكين تونس من أن تكون منطلقا.. هذا هو دور الخارجية اي لفت النظر وتهيئة الظروف. بقي اليوم أنه يجب أن يتحرّك الاقتصاد التونسي وأن تكون البنوك بدورها جاهزة ومنخرطة في هذا المسار... هذا ليس من مشمولات وزارة الخارجية. ليس من باب الرضا عن النفس القول اليوم إنّ تونس بدأت تشعّ في إفريقيا وتجني ثمار جهودها وتحركاتها حسب المنهجية التي ذكرت سابقا... وتونس تعمل اليوم كي تكون رأس جسر ونقطة انطلاق بين قارتنا الإفريقية والقارة الآسيوية واساسا الصين... ولعلّ بناء المعهد الديبلوماسي الذي تموله الصين الشعبية والذي سيكون مفتوحا للطلبة الديبلوماسيين الأفارقة سيكون خطوة حاسمة لجعل هذه المنصة الاقتصادية والثقافية العلائقية إضافة نوعية لوسائل العمل والتحرك التونسي. لكن ألا ترون سيادة الوزير أنه رغم هذه الجهود التي تقومون بها، بقيت بلادنا في حلقة مفقودة تتعلق بغياب هيكل اتصالي ؟ أتفق معكما في ما تقولانه، هناك حلقة اتصال على مستوى الوزارة وايضا على المستوى الوطني. على مستوى الوزارة نحن الآن أنجزنا هيكلة جديدة ستصدر في الرائد الرسمي خلال الايام القليلة القادمة وأنشأنا إدارة للديبلوماسية العمومية للتعريف بكل ما تقوم به الوزارة حتى تبيّن للرأي العام العمل التي نقوم به وتستجيب الى طلبات الرأي العام والفاعلين من معلومات بالاضافة الى أننا وضعنا إدارة عامة للديبلوماسية الاقتصادية والثقافية والاستشراف لكن مع ذلك يبقى هناك جهد كبير على المستوى الوطني لا نقوم بالتعريف به... وبالتالي أنا على قناعة بأنه لابدّ لنا من هيكل يساعد تونس على التعريف بمخزونها الحضاري والثقافي والاقتصادي والتاريخي وتقديمه للعالم لأنه يمكّن من استقطاب السياح والتعريف بمناخ الاستثمار. هناك مساع تقودها بلادنا اليوم من أجل الحصول على صفة عضو غير دائم في مجلس الأمن... أين وصلت هذه الجهود؟ هذه المرة الرابعة التي تترشح لهذا المقعد وفي جوان 2019، سيقع انتخابنا لكن مسؤوليتنا هذه المرة ستكون أكبر بكثير من المرات السابقة نظرا الى الوضع الدولي وخاصة الوضع الاقليمي... وستكون تونس مطالبة بأن يكون لها يوميا مواقف حول قضايا جوهرية أساسية تهم منطقتنا وستكون صوت افريقيا وصوت العرب في مجلس الأمن .. ونحن الآن بصدد وضع الآليات بحيث حين نتمكن من الحصول على العضوية ستكون هذه الآليات جاهزة.. وهذا يقتضي منا أن ندعم بصفة فعلية بعثتنا في نيويورك وخلق جهاز على مستوى الوزارة. السؤال ، ماهي حظوظنا في الحصول على العضوية في مجلس الامن؟ هدفنا اليوم ليس انتخاب تونس، هذا الأمرمن تحصيل الحاصل لكن هدفنا اليوم ان ننتخب بأكبر عدد ممكن. في ظل هذه الأزمات المستحكمة اليوم في الجسد العربي إلى أي مدى ترون أن الفضاء المغاربي يمكن أن يشكّل قاربا للخروج من هذه العواصف؟ المغرب العربي يبقى هدفنا الاستراتيجي ولن يثنينا عن تحقيقه الصعوبات الإقليمية وبعض الحساسيات المعروفة كل يوم يمر يؤكد لنا ضرورة النهوض لإنجاز هذا الحلم التاريخي الذي حمله أبناء الاستقلال والجيل الأول من المناضلين والبعض منهم مازال على قيد الحياة هناك فاتورة باهظة للمغرب العربي ونعتقد أن الوضع مناسب اليوم لإطلاق مبادرة في هذا الاتجاه وتونس ستكون دائما في طليعة القوى البنّاءة.