تشهد بلادنا خلال الاسبوع الحالي عودة ابنائنا التلاميذ الى مقاعد الدراسة، بعد راحة صيفية مطولة . وبذلك ينطلق مجددا موسم العمل والكد والجد لطلب المعرفة وتحصيل العلوم وانارة العقول تمهيدا لمستقبل زاهر متطور . عن دور المعرفة واهمية طلب العلم في الاسلام نفتح ملف هذا الاسبوع . قال رسول الله ﷺ: (طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ، وإنَّ طالبَ العلم يستغفر له كلُّ شيءٍ، حتى الحيتان في البحر). ولأهمية العلم في الإسلام، فقد أنزَلَ الله تعالى أول خمس آيات من القرآن على رسول الله ﷺ تتحدث عن العلم بصفة شاملة، وهي قوله تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5]، فقد اختار الله عز وجل هذه الآيات - لأهميتِها - لتكون أول ما ينزل على رسول الله ﷺ من القرآن رغم الآلاف من المواضيع في القرآن الكريم. وأمر الله سبحانه وتعالى نبيَّه أن يدعوه بطلب زيادة العلم، قال تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]. ولفضل العلم ومنزلته الرفيعة في الإسلام، ذكر رسول الله ﷺ أنه خير من فضل العبادة، فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (فضلُ العلم خيرٌ من فضل العبادة، وخيرُ دينِكم الوَرَعُ). وتظهر أهمية طلب العلم في الإسلام من خلال عديد المظاهر مثل ان طلب العلم يوصل إلى معرفة الله وإفراده بالألوهيّة والعبادة، كما أنّ المسلم من خلال طلبه للعلم والإمعان في مظاهر قدرة الله في مخلوقاته سيصل إلى توحيد الله وتنزيهه عن جميع صفات النقص والخلل، قال تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)، فالناظر في الكون وجزئياته وتفاصيله وإبداع صنعه سيظهر له قدرة الله في خلقه وإحسانه في تدبير أموره، ممّا ينفي عنه الشريك والمثيل، فطلب العلم أساسُ الوصول إلى صحةِ الاعتقادِ وتمام العباداتِ، من خلال معرفة ما يجب وينبغي على المسلم القيام به، وما ينبغي عليه الانتهاء عنه. وطلبُ العلمِ عبادةٌ موصِلةٌ إلى رضى الله ورسوله. وبطلب العلم ينال المسلم ويكسبُ خشية الله ومخافته، ويوصله علمه إلى التواضع للخَلق ولين الجانب لهم وبسط يد الرحمة والمحبة بينهم، قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ). وأجر طلب العلم يبقى حتى بعد انقطاعِ عمل الإنسان بانتهاء أجله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -ﷺ- قَالَ: (إذا ماتَ الرجلُ انقطعَ عملُهُ إلَّا من ثلاثٍ ولدٍ صالحٍ يدعو لَهُ، أو صدقةٍ جاريةٍ أو علمٍ يُنتَفعُ بِهِ). وطالب العلم ينال رفعةٌ في الدُّنيا ومنزلةً خاصةً في الآخرة، قال تعالى: ﴿ ... . يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾،. كما قال تعالى في سورة الزمر: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الْأَلْبَابِ) .