رَغم تعاقب الأجيال وتَغيّر الأحوال فإنّ ثَقافة الانتصارات والتَتويجات ظلّت ثابتة وراسخة في ساحة «باب سويقة» حتّى أن الجمعية لم تَتمتّع إلاّ بساعات معدودة من الراحة لتواصل التدريبات لبقية الاستحقاقات المحلية والقارية. ولم تَستغرق نشوة الفوز على النّجم سوى ساعات قليلة ليقين الجميع بأنّ المرور إلى المربّع الذهبي لرابطة الأبطال الافريقية مكسب كبير لكن لا قِيمة له ما لم يستمرّ الفريق في الزّحف بثبات نحو المحطّة الخِتامية وما لم ينجح أبناء بن يحيى في الدفاع بقوّة عن زعامتهم للكرة التونسية. وَيعتقد جمهور الترجي أنّ العِبرة بالخَواتيم: أي أن الفريق أمام حَتمية «القِتال» في بقية المشوار لنيل التّاج القاري بعد سبع سنوات من الصّبر والانتظار وقد قال المدرب المساعد وابن الجمعية معين الشعباني بدوره إن التأهل إلى مربّع الذّهب ليس بالإنجاز الفريد ولابدّ من مُطاردة اللّقب. لا وقت للرّاحة إثر العودة من سوسة، خضعت العناصر الاحتياطية إلى جملة من التمارين الفنية والبدنية لتكتسب الجاهزية اللاّزمة وحتى تكون على أتمّ الاستعداد لتقديم الاضافات الضّرورية عندما يراهن عليها بن يحيى في المقابلات القادمة. وقد شملت هذه التمارين سعد بقير وإيهاب المباركي وحسين الربيع وبلال الماجري ومحمّد علي اليعقوبي وأمين المسكيني ومعز بن شريفية وآدم الرجايبي وهيثم الجويني وعلي الجمل وماهر بن صغير. ومن المُفترض أن تَلتحق الأسماء الأساسية بالمجموعة المذكورة مساء أمس استعدادا للمُواجهة المُرتقبة بعد غد ضدّ «البَقلاوة» وذلك في نطاق الجولة الثالثة من سباق البطولة المحلية. ومن المُقرّر أن تضع لجنة التنظيم تذاكر «الدّربي الصّغير» على ذمّة أنصار الترجي بداية من اليوم في شبابيك الحديقة «ب» والمنزه وذلك من العاشرة صباحا إلى حدود الخامسة بعد الزّوال. أمّا بخصوص الأسعار فإنها تَتراوح بين 10 و15 و25 و35 دينارا. والجدير بالذّكر أن لقاء الترجي و»البقلاوة» سيدور بعد غد في رادس انطلاقا من الثالثة والنّصف بعد الزوال هذا طبعا ما لم يطرأ أيّ تحوير على توقيت المباراة. فوائد بالجملة بعد أن اجتاز امتحان النّجم واقتلع تأشيرة العُبور إلى المربّع الذهبي لرابطة الأبطال حقّق الترجي عدّة منافع في مُقدّمتها استرجاع ثقة الجمهور إثر فترة من الشك والاحتقان. وبالتوازي مع عودة الهدوء إلى مركب المرحوم حسّان بلخوجة من المنتظر أن يُساهم هذا الترشّح في تحقيق قَفزة نوعية على مستوى مبيعات الاشتراكات السنوية خاصّة أن الجمعية تعيش أياماً زاهية وأصبحت على أعتاب العرش الافريقي. ويتوقّع أهل الدار أن يَتضاعف الاقبال على الاشتراكات السنوية التي بلغت إلى حدّ الآن حوالي 8400 بطاقة. الجمهور يصنع الحدث مَرّة أخرى يصنع جمهور نادي «باب سويقة» الحدث ويؤكد أنه الرّكن الأساس في المسيرة الترجية التي ناهزت المائة عام. وكان أنصار الترجي قد قاموا بدور مُؤثّر في الشّطر الأوّل من «الكلاسيكو» الذي احتضنه ملعب رادس. ومن الواضح كذلك أن المساندة الجماهيرية الكبيرة التي وجدها أبناء بن يحيى أثناء التحضيرات لرحلة سوسة ساهمت في تحفيز «الكَوارجية» لتقديم مقابلة بطولية والعودة بوثيقة التأهل في ظروف «قَاسية». ولم يتوقّف دعم الأحباء على التشجيع في رادس والمُرابطة في الحديقة بل أن شقّا من الجماهير أصرّ على «احتلال» الطّريق الرئيسية لاستقبال الجمعية في رحلة العودة من سوسة وتواجد الأنصار على مستوى محطّة الاستخلاص بمرناق لإلقاء التحية على أبناء بن يحيى بعد أن حقّقوا الأماني وعَبروا عن جدارة إلى الدّور نصف النهائي لرابطة الأبطال. وقد اخترق «الكَرنفال» الأصفر والأحمر حدود الجمهورية التونسية ليشمل ضواحي العاصمة البَارسية حيث تَتمركز خلية أحباء الترجي الرياضي. ومن المعروف أن أحباء الجمعية هُناك أصبحت لهم تقاليد مشهورة في الاحتفاء بأعياد ميلاد النادي ونجاحاته المحلية والدولية مُؤكدين أن التعلّق بالأزياء الذّهبية عابر للقارات ولا يعترف بالحدود. تَحذير من الخصم «استبشر» الكثيرون بسقوط العَنيد «مازمبي» وصُعود «غرّة أوت» لمواجهة الترجي في المُربّع الذهبي بين أنغولا وتونس يومي 2 و23 أكتوبر القادم. ويعتقد هؤلاء أن المُواجهات مع «الغِربان» الكونغولية عادة ما تكون صَعبة ومُعقّدة وقد يكون من الأحسن تفادي هذا الخَصم العَتيد في رحلة البحث عن اللّقب الغَالي. وفي الوقت الذي سيطر فيه الارتياح على شقّ من المحبين والمتابعين بعد خبر الاصطدام ب»غرّة أوت» بدل «مازمبي» يُشدّد شقّ ثان من أنصار الجمعية على أهمية الاستعداد الجيّد للقاء الأنغوليين الذين لم يكن بلوغهم المربّع الذهبي بضربة حظ بل أن زملاء الحارس «البطل» «تُوني» يملكون مؤهلات لا يُستهان بها بدليل أنهم انتزعوا بطاقة التأهل في «لُوبومباشي» بالذات. وكان مُمثّل أنغولا قد فرض التعادل على «ليتوال» في اللّقاء المُكرّر بينهما في دور المجموعات كما أن هذا الفريق لم يتلق أيّة هزيمة داخل قواعده في النسخة الحالية من رابطة الأبطال الافريقية وهو مؤشر آخر على أن منافس الترجيين في المربّع الذهبي ليس باللّقمة السائغة كما قد يَتصوّر البعض. تَضامن كبير مع كوم أطلقت بعض الصّفحات «الفَاسيبوكية» لأحباء الترجي الرياضي حملة تَضامنية واسعة النطاق مع اللاعب الكامروني «فرانك كوم» واعتبر أصحاب هذه المُبادرة أن مُتوسّط ميدان الجمعية تعرّض مؤخرا إلى هجمات «عُنصرية» مُسيئة للقيم الانسانية والمبادىء الأصيلة لكرة القدم المَبنية على الانفتاح على مختلف الألسن والألوان والأديان ولاشك في أنّ «الفسيفساء» التي أحرزت بها «الديكة» الفرنسية الكأس العالمية مازالت في البال. وما هو مؤكد أن الشعارات السلبية التي تكرّس العُنصرية والجهويات المَقيتة والتعصّب الأعمى مَمنوعة بغضّ النظر عن هُوية الجماهير المُتسبّبة في مثل هذه التجاوزات التي لا يمكنها إلاّ أن تُشعل الأجواء وتزرع الفتة والبغضاء بسبب الجلد المنفوخ الذي من المفروض أن يكون وسيلة ناجعة للمُتعة والتّسامح. ملف بن يحيى في الوقت الذي شَارفت فيه قمّة سوسة على النهاية أطرد الحكم الجنوب - افريقي «غوميز» المدرب خالد بن يحيى من الملعب عِقابا له على احتجاجاته المُتكرّرة و»اختراقه» لحدود المنطقة المُخصّصة لتحرّكات الإطار الفني لشيخ الأندية التونسية. وفي هذا السياق يتوقّع البعض أن تُسلّط الكنفدرالية الافريقية عقوبة الابعاد بلقاء واحد تُجاه بن يحيى ما يعني حسابيا أنه سيحرم من الجلوس في البنك أثناء النّصف الأول من المواجهة التونسية - الأنغولية المُرتقبة لحساب الدّور ربع النهائي لرابطة الأبطال. وَمهما كان قرار «الكَاف» فإن الترجي لن يتأثّر بالغياب المُحتمل لمدربه الأوّل خاصّة أن البنك فيه أكثر من مدرّب آخر قادم على مَهل وهو معين الشعباني صاحب الرّوح الانتصارية العالية والخِبرة القارية الواسعة ولا يَفتقد الرّجل إلاّ لإجازة الدّرجة الثالثة ليُصبح «كامل الشّروط» وجديرا كذلك بقيادة السفينة الصفراء والحمراء على المدى المتوسّط أوالبعيد وذلك ما وعده به أهل الدار المُؤمنين مِثلهم مِثل بن يحيى بسنّة التداول على «السّلطة».