أعلن هشام بن أحمد كاتب الدولة المكلف بالتجارة أن أسعار السيارات الشعبية ستشهد انخفاضا بين 3500 و5000 دينار بداية من جانفي القادم تبعا لقرار رئيس الحكومة مراجعة الأداءات الموظفة على هذا الصنف من السيارات. النفط والقمح والسكر وراء أزمة الميزان التجاري وسياسة التقشف ستتواصل قضية صندوق الدعم مطروحة منذ سنوات طويلة ولا ننوي تعديل الأسعار نحو توريد 10 ملايين لتر من الحليب والمراقبة بالمرصاد للاحتكار «الشروق» تونس: كما شدد في حوار شامل مع «الشروق» على أن سعر مادة الحليب لن يشهد أي تعديل معلنا في السياق ذاته أن الحكومة قررت توريد 10 ملايين لتر من الحليب لتجاوز الأزمة الراهنة وذلك بالتوازي مع تكثيف الرقابة الاقتصادية لردع المحتركين. ولاحظ من جهة أخرى أن منتوجات القمح والسكر تتحمل ٪90 من أسباب تفاقم العجز التجاري مؤكدا أن الحكومة ستواصل المراهنة على إنعاش الصادرات وفرملة الواردات الاستهلاكية لتطويق أزمة الميزان التجاري. كما أكد هشام بن أحمد أن المراقبة الاقتصادية بالمرصاد للممارسات الاحتكارية في سوق المواد المدرسية معلنا عن مصادرة أكثر من 60 ألف كراس مدعم خلال الأيام الأخيرة. وهذا الحوار تناول أيضا ملف صندوق الدعم والبرنامج العام لتوريد السيارات وبدأ بهذا السؤال لم يستوعب الشارع التونسي أسباب حصول أزمة حليب في بداية الخريف. فقد جرت العادة أن تحصل صعوبات في التزويد نهاية الخريف وبداية الشتاء فما هي حقيقة هذه المفارقة؟ حسابيا لا يوجد أي نقص في التزويد. فنحن نضخّ يوميا مليونا و900 ألف لتر في مسالك التوزيع مقابل حاجيات استهلاكية لا تتعدى مليونا و700 ألف لتر. كما يوجد اليوم مخزون تعديلي يناهز 20 مليون لتر وقع تكوينه في الربيع الفارط أي إبان ذروة الإنتاج لسد الفارق بين الاستهلاك والإنتاج اليومي طيلة فترة الخريف التي تشهد تراجع نسب التلبين ومن ثمة الإنتاج. لكن الوضع على الميدان مختلف. إذ أن المساحات التجارية شبه خالية من الحليب فيما يواجه المستهلك التقطير في باقي المحلات التجارية. كما تفاقمت في الأيام الأخيرة ظاهرة البيع المشروط للحليب مقابل مواد أخرى؟ يجدر التأكيد أولا على أن المراقبة الاقتصادية بالمرصاد لكل الممارسات الاحتكارية. وقد اتخذنا في الأيام الأخيرة التدابير العملية لتكثيف المراقبة في سائر حلقات التوزيع. أما بخصوص أسباب هذا الوضع فهي متعددة. حيث التقت تداعيات الجفاف طيلة عامين وتفاقم ظاهرة تهريب الأبقار إلى الجوار على آلة الإنتاج مع موسم سياحي استثنائي خلال الصائفة الأخيرة. وهو ما شكل أرضية لبروز بعض الممارسات الاحتكارية التي خلقت بدورها "لهفة" لدى المستهلك أربكت مسالك التوزيع. إذ أن اقتناء كل مستهلك ضعف حاجياته سيقتضي ضخ أكثر من ثلاثة ملايين لتر يوميا لإشباع مسالك التوزيع أي ضعف الاحتياجات الحقيقية. لكن "لهفة" المستهلك خلقتها ممارسات احتكارية تبدو على علاقة بالمصانع التي تواجه اتهامات بافتعال هذه الأرقام لفرض زيادة جديدة في الأسعار؟ ما يمكن التأكيد عليه في هذا الصدد هو أن سعر الحليب نصف الدسم لن يشهد أي تعديل سواء بالنسبة إلى المنتوج المحلي والحليب المستورد الذي سيبقى سعره في حدود 1120 مليما. كما تجدر الإشارة إلى أن الحكومة كانت اتخذت عدة تدابير هيكلية لدعم القدرات الإنتاجية لقطاع الألبان منها تكثيف الرقابة لوقف ظاهرة تهريب الأبقار والزيادة في تسعيرة الحليب على مستوى الإنتاج والترفيع في منحة التسمين ونقل الأعلاف إلى جانب تخصيص منحة للتشجيع على التصدير الذي مكن من القضاء على ظاهرة إتلاف الحليب على مدى العامين الأخيرين. لكن التصدير لم يراع احتياجات السوق المحلية في فترة الخريف. فحسابيا الكميات التي تم تصديرها هذا العام والبالغة 15 مليون لتر تعادل النقص الموجود اليوم في المخزون التعديلي؟ التصدير أوقفناه منذ جويلية الفارط للحفاظ على توازنات السوق المحلية.. لكن التشجيعات التي منحت للتصدير جاءت في نطاق حزمة من الإجراءات التي تخدم قطاع الألبان كمنظومة كاملة من الإنتاج إلى التمويل ثم الاستهلاك ثم إن عدم تصدير 15 مليون لتر كان سيقلص آفاق الترويج أمام المربين وبالتالي عودة ظاهرة إتلاف الحليب. في نفس الإطار كثر الجدل حول توريد الحليب؟ القرار اتخذناه بعد التشاور مع كل الأطراف وأساسا المهنيين ووزارة الفلاحة. حيث تقرر توريد عشرة ملايين لتر مناصفة من طرف الديوان التونسي للتجارة والقطاع الخاص ممثلا في مركزيات إنتاج الحليب... وأول الشحنات ستبدأ في الوصول إلى تونس مع نهاية هذا الأسبوع علما أن المورد سيباع بنفس تسعيرة المحلي كما ذكرت منذ حين. نأتي الآن إلى العودة المدرسية التي تزامنت هذا العام مع شح الكراس المدعم مع تفاقم الممارسات الاحتكارية... كيف تعاطت الوزارة مع هذا الوضع؟ كثفنا نشاط المراقبة في كافة مناطق البلاد لضرب كل أشكال المضاربة في الكراس المدعم إلى جانب مكافحة ترويج المواد المدرسية المخلة بالمعايير الصحية وذلك من خلال تجنيد قرابة 350 عون مراقبة اقتصادية. وهو ما أفضى إلى مصادرة أكثر من 60 ألف كراس مدعم وكمية متفاوتة من المواد المدرسية بالتوازي مع تحرير 713 محضرا عدليا... وجهاز المراقبة الاقتصادية يواصل مع سائر أجهزة الرقابة حملات الرقابة لضرب الممارسات الاحتكارية وتأمين سلامة المستهلك. مع بداية الخريف عادت أيضا المخاوف من حصول أزمة بطاطا على غرار العام الفارط؟ لا مبرر للمخاوف. فالمخزونات المتوفرة تؤمّن توازنات السوق طيلة فترة الخريف... وإجمالا تتميز أسعار مختلف المواد الطازجة اليوم بتراجع يتراوح بين 25 و50 بالمائة مقارنة بالخريف الفارط... قرّر رئيس الحكومة مؤخرا التخفيض في أسعار السيارات الشعبية بداية من العام القادم عمليا ما هو حجم التخفيض الذي ستشهده أسعار هذا الصنف من السيارات؟ تجدر الإشارة أولا إلى أن عدة تطورات في الأعوام الأخيرة من أهمها تسارع نسق انزلاق الدينار إزاء العملات الأجنبية جعلت أسعار السيارات الشعبية تتجاوز القدرة التمويلية لفئات واسعة من الطبقة الوسطى المعنية أساسا بهذا الامتياز... وقرار رئيس الحكومة جاء لملاءمة أسعار هذا الصنف من السيارات مع تلك التطورات. وتبعا لذلك سيتم صلب قانون المالية التنصيص على نقض الضغط الجبائي الموظف على توريد السيارات الشعبية بشكل يؤدي إلى تراجع بين 15 و16 في أسعار سائر الأصناف أي ما بين 3500 و5000 دينار إذا أخذنا في الاعتبار أن أسعار السيارات الشعبية تتراوح اليوم بين 22 و31 ألف دينار... وهل اتخذت وزارة التجارة التدابير العملية لرفع حصة السيارات الشعبية التي نزلت في الأعوام الأخيرة إلى معدل 4 آلاف مقابل 10 آلاف قبل 2011؟ التخفيض في الأسعار بهذا الحجم سيؤدي آليا إلى زيادة الإقبال على السيارة الشعبية. إذ أن ارتفاع الأسعار مقارنة بقدرات الطبقة الوسطى خلال الأعوام الأخيرة قلّص من جاذبية هذا الصنف من السيارات. الحكومة تتجه أيضا نحو توسيع قائمة المنتفعين بالسيارة الشعبية؟ بالفعل وقد تم في هذا الشأن إحالة مشروع قانون إلى البرلمان يقترح تغيير المعيار الجبائي عبر الترفيع في سقف الأداءات المدفوعة سنويا من خمسة إلى عشرة آلاف دينار. وهو ما سيتيح لعدة فئات اجتماعية الاستفادة من امتياز السيارة الشعبية. على ذكر السيارات يشتكي وكلاء التوريد من تبعات قرار التخفيض هذا العام بنحو 20 بالمائة في البرنامج السنوي لتوريد السيارات... هل تعتزم الحكومة مراجعة برنامج التوريد العام القادم خاصة في ارتباط بالتوسع المنتظر للإقبال على السيارات الشعبية؟ لا نية لنا في الترفيع في محتوى البرنامج العام لتوريد السيارات. فأسباب التقليص في الواردات وأساسا اختلال الميزان التجاري لا تزال قائمة. ثم لا تنسى أن قرار التخفيض في واردات السيارات كان في نطاق سياسة كاملة لترشيد كل الواردات الاستهلاكية مكنت من ادخار نحو 350 مليون دينار خلال المدة المنقضية من هذا العام. لكن مقابل سياسة التقشف لم نلمس تحسنا في أوضاع الميزان التجاري... كيف تتعاطى الحكومة مع هذه الأزمة التي تتهدد عدة توازنات كبرى منها قيمة الدينار؟ الحوكمة تُعول أساسا على مزيد إنعاش جهاز التصدير الذي شهد حركية هامة على مدى العامين الأخيرين بعد فترة ركود تواصلت عدة سنوات. لكن يجب الإقرار في المقابل بوجود ضغوطات كبيرة على الميزان التجاري جراء تزامن المنحى التصاعدي لأسعار النفط وعديد المواد الأساسية في السوق العالمية مع ارتفاع واردات هذه المواد. فثلاثة منتوجات هي النفط والقمح والسكر تتحمل نحو ٪90 من أسباب العجز القائم اليوم في الميزان التجاري. طفت مؤخرا على واجهة الأحداث قضية الصندوق العام للتعويض... ما حقيقة توجه الحكومة في هذا الشأن؟ لن يطرأ أي تعديل على أسعار المواد المدعمة كما أن الحكومة ليس لها أي نية في مراجعة سياسة الدعم... وفي المقابل هناك إخلالات عديدة على الميدان تفرز تبذيرا كبيرا وتجعل المواد المدعمة لا تصل في كثير من الحالات إلى مستحقيها. وهو ما يستدعي حوارا شاملا بين كل الأطراف لوقف هذه الإخلالات. ثم لا تنسى أن سياسة الدعم كانت مطروحة باستمرار منذ سنوات طويلة... ولن نتقدم في هذا الإطار إلا في نطاق حوار شامل بين كل الأطراف.