التحوير الوزاري امتحان صعب لا مفر لرئيس الحكومة من خوضه، اختبار تتداخل فيه عديد المعطيات، منها ما هوظاهر، ويتعلّق أساسا بثقل الائتلاف الحاكم والقدرة على جمع أغلبية الأصوات، ومنها ما هو خفي، ويرتبط بشكل جوهري بما يمكن أن يحدث في كواليس البرلمان، في الدقائق الأخيرة قبل التصويت . تونس (الشروق) التحوير الوزاري، إجراء حتمي، تدفع عديد المؤشرات للتعجيل به، لتغيير ملامح الحكومة الحالية، خاصة وأن بعض وزرائها أصبحوا عبئا على ادائها، وإذا ما استقال وزراء حركة نداء تونس من التشكيلة الحكومية فان التحوير يصبح أكثر حتمية واستعجالية . التحوير ضرورة تحدّث رئيس الحكومة يوسف الشاهد عن ضرورة القيام بالتحوير الوزاري، ودخل في نقاشات مطولة مع عدد من الشخصيات التي طلب منها الانضمام الى التشكيلة الحكومية، لكن الأمر تأجل اكثر من مرة، ومن الأسباب الرئيسية للتأجيل سابقا مخاوف الشاهد من عدم حصول الأسماء المقترحة على ثقة نواب البرلمان خاصة في ظل العلاقة المتوترة بين الشاهد وحزب حركة نداء تونس . الان أصبح للشاهد كتلة برلمانية تضم أكثر من أربعين نائبا، ينضاف لها أصوات نواب النهضة، وهو ما يجعل الائتلاف الحاكم الجديد يمتلك الأغلبية البرلمانية المطلوبة، وربّما يكون هذا المعطي من أهم الدوافع التي تجعل من الشاهد يُعجّل بالقيام بتحوير وزاري . امتحان التحوير لكن هذا الامتحان الذي من المنتظر ان يخضع له الشاهد، ليس باليُسر الذي يتحدّث عنه بعض المقربين من رئيس الحكومة، فالنتيجة التي احرزها وزير الداخلية هشام الفوراتي ( 148 صوتا ) ليست محرارا حقيقيا يمكن من خلاله قياس عدد الأصوات التي تدعم التحوير الوزاري ليوسف الشاهد، فخارج كتلة الائتلاف الوطني التي تضم حاليا 42 نائبا، وكتلة حركة النهضة التي تضم 68 نائبا، وعدد قليل من النواب غير المنتمين لكتل، من الصعب ان يجد يوسف الشاهد مناصرين آخرين . أغلبية بلا أريحية ولئن كان عدد نواب الكتلتين يمكن رئيس الحكومة من الأغلبية المطلوبة للتصويت على التحوير الوزاري (109 نواب )، الا أن هذا العدد من الأصوات لا يوفّر للشاهد أريحية تجعله شديد الاطمئنان، فتمرير التحوير الوزاري يتطلّب ارضاء لكل الأطراف المشكلة لكتلة الائتلاف الوطني، واذا فشل في إرضاء عدد قليل من نواب هذه الكتلة فلن يتمكّن من تمرير التحوير . هذا المعطى يفرض على الشاهد، ان يصيغ تحويرا وزاريا يراعي فيه مطالب كل الأطراف المشكلة لكتلة الائتلاف الوطني، كما يجب على الشاهد إرضاء حركة النهضة، الداعم الأساسي لحكومته، وتمكين الحركة من نصيب هام من هذا التحوير، حتى يضمن أصوات نوابها . مخاوف الأمتار الأخيرة معادلة صعبة يجب على يوسف الشاهد تحقيقها، فعليه ان يرضي الأطراف المُشكلة للائتلاف الحاكم الذي يدعمه، وعليه أيضا ان يُضيّق قدر الإمكان، التشكيلة الحكومية، خاصة وان العدد الكبير للوزراء وكُتّاب الدولة اصبح يمثل احراجا كبيرا أمام الراي العام التونسي . هذه المعادلة يمكن تحقيقها نظريا، لكن تبقى مخاوف الشاهد مرتبطة في جزء كبير منها، في ما يمكن ان يحدث في اللحظات الأخيرة قبل التصويت على التحوير، فعدد النواب المناصرين للشاهد لا يتجاوز عتبة الأغلبية المُطلقة الا بعدد قليل من النواب، وكل نائب يُغيّر موقفه من الشاهد او من التحوير الوزاري يمكن ان يجعل عدد أصوات الائتلاف الحاكم اقل من الأغلبية المطلوبة لتمرير التحوير . مفاجآت منتظرة المفاجآت التي يمكن ان تحدث أثناء التصويت، و ما يمكن ان تتمخّض عنه الحركة في كواليس البرلمان، في الأمتار الأخيرة قبل التصويت، معطيات يمكن ان تجعل من الشاهد متردّدا في القيام بالتحوير الوزاري، لكن يبدو انه أصبح مجبرا على خوض هذا الامتحان مهما كانت نتائجه، خاصة وأنه من الصعب ان يكمل سنة أخرى، الى غاية الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، دون إضافة دماء جديدة للتشكيلة الحكومية . التحوير الوزاري «مرتقب» قال اليوم رئيس الحكومة يوسف الشاهد أمس، إنه من الممكن إجراء تحوير وزاري قريبا. وصرّح يوسف الشاهد على هامش حضوره أشغال المنتدى الاقتصادي التونسي الليبي قائلا «التحوير الوزاري ينجم يكون مرتقب».