ذكرت دراسة أمريكية جديدة أن حصيلة عمليات المقاومة العراقية التي استهدفت قوات ومواقع الاحتلال الأمريكي وحلفائه في العراق بلغت خلال الثلاثين يوما الماضية 2360 هجوما شملت كل مركز سكاني كبير تقريبا، مستثنية من ذلك شمال العراق حيث يعيش الأكراد. وقالت الدراسة التي استندت إلى تقارير الاستخبارات العسكرية الأمريكية ومخبريها العراقيين أن الامتداد الجغرافي الشاسع الذي شملته هجمات المقاومة العراقية بدءا من محافظات نينوى إلى صلاح الدين في الشمال الغربي إلى بابل وديالى في الوسط، والبصرة في الجنوب إنما يشير إلى مقاومة أكثر انتشارا من كونها جيوبا معزولة كما يزعم كبار المسؤولين الأمريكيين والمسؤولين في الحكومة العراقية المؤقتة. وتشمل الهجمات سيارات ملغومة وقنابل موقوتة وقذائف صاروخية وقنابل يدوية ونيران اسلحة خفيفة وقذائف مورتر وألغاما أرضية. ويقول آدم كولينز، الخبير الأمني والاستخباري في شركة «مجموعة العمليات الخاصة والإدارة الاستشارية الأمنية» في لاس فيغاس التي أعدت الدراسة «إذا نظرت إلى معلومات الحوادث ووضعتها على الخارطة فهي ليست محافظات قليلة.» وأضاف أن عدد الهجمات قد ازداد ونقص خلال الأشهر، وكان أعلاها في شهر أفريل خلال معارك الفلوجة بمعدل 120 هجوما كل يوم، والمعدل الآن 80 هجوما. ويقول مسؤولون عسكريون أمريكيون أن ما يقرر احتمال إجراء انتخابات في العراق في شهر جانفي المقبل ليس هو عدد الهجمات بل الأكثر أهمية هو المعادلة السياسية التي تواجه رئيس الحكومة المؤقتة إياد علاوي وقوات الاحتلال الأمريكية وهي رقعة الأرض التي تسيطر عليها الحكومة المؤقتة سيطرة حازمة. ويرى خبراء أنه على سبيل المثال فإن عدد الهجمات ليس الإجراء الصحيح لمدى السيطرة على الفلوجة، فالهجمات هناك قلت مؤخرا ومع ذلك فإن المدينة لا تزال تحت سيطرة الثوار وهي مدينة لا تستطيع قوات الاحتلال وقوات الأمن العراقية التابعة لها دخولها، وهي مكان لا يمكن إجراء الانتخابات فيه بدون تدخل سياسي وعسكري دراماتيكي. وتظهر أرقام الدراسة أنه كان هناك أقل من ألف هجوم في بغداد خلال الشهر الماضي، وقال ناطق عسكري أمريكي أن رجال المقاومة أطلقوا ثلاثة آلاف قذيفة مورتر في بغداد لوحدها، ولكن الأمريكيين وجماعة الحكومة المؤقتة يقولون أن هذه الأرقام لا تستثني بالضرورة بغداد من الانتخابات، مشيرين إلى أن تقييماتهم المتفائلة في العراق يمكن أن تفسر بأنها إعلان عن هدف استراتيجي، وهو أن الانتخابات ستجري رغم الهجمات. وتهدف إلى إيجاد توازن مع استراتيجية الثوار في هجماتهم والتي تعلن بالمقابل للعراق وللعالم أن البلاد تواجه حالة من الفوضى وأن ذلك يحول دون وصولها إلى انتخابات ديمقراطية. ويرى خبراء أن الأرقام التي تجمعها شركات الأمن الأمريكية الخاصة والتي تشمل هجمات على العراقيين المرتبطين بالاحتلال والمقاولين هي أكثر شمولا من تلك التي تجمعها قوات الاحتلال والتي تتركز على الهجمات ضد القوات العسكرية فقط. وقد سجلت الدراسة الأخيرة أن الهجمات التي وقعت خلال الثلاثين يوما الماضية، كان منها 283 في نينوى و 325 في صلاح الدين، و 332 في الأنبار، و 123 في ديالي و 76 في بابل، و 13 في واسط، ولم تكن هناك محافظة عراقية واحدة لم تحدث فيها هجمات في تلك الفترة. وقد تزامن مع نشر الدراسة ازدياد التشاؤم حول العراق وازدياد الشكوك داخل الوكالات الأمنية والاستخبارية الحكومية، حيث يعتقد العديد من المختصين الأمنيين الحكوميين بأن الوضع في العراق أسوأ بكثير مما يعرب عنه كبار المسؤولين الأمريكيين علنا، وأن الطريق إلى النجاح في العراق صعب جدا، مؤكدين أن الثورة في العراق تعتبر أكثر عمقا وانتشارا مما يعترف به المسؤولون الأمريكيون والعراقيون علنا. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن ضابط سابق في المخابرات الأمريكية على علاقات مستمرة مع مسؤولي ال سي آي إيه أن «الأشخاص في السي آي إيه يشعرون بالحنق تجاه السياسة المتبعة في العراق لأنها عبارة عن كارثة، ولا يوجد هناك سبيل لإصلاحها» وأضاف إن أفضل ما نستطيع أن نأمل به هو دولة شبه فاشلة تتصارع مع المقاومين وحكومات متعاقبة ضعيفة.» وقال مسؤول أمريكي طلب عدم الإفصاح عن هويته مطلع على التقارير والتحليلات الخاصة بالعراق أن «الأمور لا تتحسن بالتأكيد» فيما قال ضابط في هيئة الأركان المشتركة الأمريكية خدم في العراق أنه على اتصال مع زملائه هناك عن طريق البريد الإلكتروني الذين يؤكدون له أن «الوضع يزداد سوءا وهناك الكثير من التشاؤم وأمور تحدث هناك لا يمكن تصديقها بالنسبة لي، فهناك متسللون يشنون هجمات في المنطقة الخضراء (حيث مقر قيادة الاحتلال والسفارة الأمريكية والحكومة المؤقتة). ولم تكن هذه هي الحال قبل عام.»