هل هو تمسّك بالهوية وترسيخ لجذورها وإحياؤها حتى عاد بنا الصعاليك الذين تأبطوا شر جانفي إلى صعاليك الجاهلية وتأبطوا ما تأبطه تأبط شرا وأصحابه لقطع الطرق والرقاب والأرزاق والأمن والفرح والطمأنينة على ثمار كد اليمين وعرق الجبين والناشئة. أم هو عودة إلى ذاك الزمن السحيق حتى يعتلي سدة الحكم شيوخ القبائل المدججين ببطش صعاليكهم بشنفراهم وتأبط شرهم وعروة بن وردهم والسليك بن سلكتهم وأبي خراش هذليهم ومروة بن خليف فهميهم والأحيمر بن سعديهم وعبيد بن أيوب عنبريهم للإغارة وقطع الطرق والتمرد وقطع الصلة مع المجتمع والثورة على ثروات الغير حتى يصبحوا من الأغنياء بعد الفقر والخصاصة أليس صعلكة من تأبطوا شهر جانفي هي نفسها صعلكة عرب الجاهلية. أليست الغاية واحدة والهدف واحد والصفات والطباع واحدة أم أن التاريخ أنزلنا في محطة ذاك الزمان بعدما وجدنا «مرسكين» في مراحيض قاطرته السريعة. أم أننا لم نركب عربة الزمن أصلا وهو الأقرب إلى ظني وإن كان بعض الظن إثما ولكن لا ننسى أن بعضه الآخر قد يكون حقا أو هو الحق عينه. أم هي إحياء لصلة الرحم بين صعاليك جانفي وإخوتهم من رضاعة البطش في ذاك الزمن. لست أدري سوى أننا نعيش الصعلكة بكل تجلياتها ولكنها أكبر بكثير من صعلكة صعاليك الجاهلية. «القلوب هي هي والأسامي تغيّرت» ولم يبق منها إلا «سيدي الشيخ». حتى جانفي أصبح صعلوك الأشهر الأشهر من الشهور وكل صعلوك تأبط شر جانفي يا «تأبط شرّا» أطلب المعذرة إن كنت مخطئا.