بعد فترة من الهدوء استعادت الجمعيات «المُحترفة» نَغمة الاضرابات بحجّة ضعف التّمويلات التي قد تدفع أندية الرابطة الأولى إلى تعليق النشاط ما لم تَصرف الوزارة المُساعدات في أقرب الآجال. وقد أفرزت هذه التّهديدات قراءات مُتباينة إذ تُؤمن بعض الجهات ب»مَشروعية» هذه التحركات في ظلّ الأزمات المَالية الخَانقة التي تعيشها الجمعيات هذا في الوقت الذي تؤكد فيه بعض الأطراف أن «ثَورة» «المُحترفين» ليس بالإجراء «البريء» وقد يكون على صِلة ب»الحَرب» الدائرة بين جامعة الجريء مع الوزارة. تَحرّك تلقائي يَنفي بعض رؤساء الأندية «المُحترفة» تُهمة «التمرّد» على الوزارة نُصرة لرئيس الجامعة وديع الجريء في صِراعه المفتوح مع ماجدولين الشارني. وَيُلحُّ هؤلاء على أن هذه التحرّكات الاحتجاجية كانت تلقائية وحَتمية في ظلّ الوضعية المالية أ «الكَارثية» لجلّ الأندية التي يؤكد قادتهان التمويلات العمومية تراجعت بشكل رَهيب هذا فضلا عن التأخير الحاصل في صرف المنح الوزارية التي كانت عام 2012 في حدود 490 مليونا في الموسم الواحد لتنزل في الأشهر الأخيرة إلى حَوالي 250 ألف دينار فحسب. وقد أصبحت الوَضعية أكثر تَعقيدا في ظلّ عدم تَسوية عقد «البروموسبور» وعَجز العديد من الجمعيات على تَحمّل الأداءات الضّريبية. لُعبة الكواليس في الوقت الذي يُقدّم فيه البعض آلاف الأعذار لتبرير التَهديد ب»تَعطيل» النشاط تعتقد بعض الجهات أن الأندية أعلنت «العِصيان» لغَايات مَنطقية ولحسابات «خَفية». ذلك أنّ الجمعيات لَعبت وَرقة الاضرابات لتضغط على الوزارة وتُجبرها على صرف الإعانات أملا في تجاوز مشاكلها المالية. كما أن هذه التحرّكات تُحقّق لأصحابها هدفا ثانيا غير مُعلن وهو المشاركة في توجيه ضَربة قوية للوزارة ب»الوكالة» عن الجامعة. وبهذه الطريقة تكون الجامعة قد استخدمت الجمعيات ك»وُقود» في «حَربها» مع الوزارة التي من الواضح أنها متفطّنة للعبة الكواليس. وقد بادرت سلطة الاشراف بإصدار بلاغ قَدّمت من خلاله الايضاحات بخصوص ملف التمويلات الخَاضع لجملة من الشروط مثل عقد الجلسات العامّة والاستظهار بالكشوفات المالية والوصولات التي تُثبت تسوية الوضعيات الجبائية علاوة التصريح بالهِبات. وبين السّطور «تُحرج» الوزارة الجامعة التي لم تُحسن التنسيق مع سلطة الإشراف بدليل أن المسؤولين عن متابعة الملف راسلوا مكتب الجريء في أربع مُناسبات لكن الجامعة لم تردّ على «المَكاتيب» الوزارية إلاّ يوم 28 سبتمبر الماضي. وأكدت الوزارة في السّياق نفسه أنّها شرعت في صرف المساعدات رغم التأخير الحاصل في مراسلات الجامعة التي تعتزم اليوم الاجتماع مع أندية الرابطة الأولى لمعالجة ملف التمويلات وغيرها من الاشكاليات الأخرى كالمنشآت الرياضية والتشريعات علاوة على النّظر في مشروع السماح للاعبي المنطقة المَغاربية بالنشاط في البطولة التونسية دون إدراجهم في خَانة «الأجانب». وماهو مؤكد أن الأندية التونسية غَارقة في المشاكل المالية وتعيش «كَابوسا» حقيقيا بفعل ديونها المحلية والخارجية وهو ما يحتاج إلى معالجة فورية لهذا الملف بعيدا عن التَجاذبات المُقرفة بين الوزارة والجامعة. ومن الضروري أن تُراجع الأندية حِساباتها لأنّها تتحمّل قسطا كبيرا من حالة «الإفلاس» الناتج عن كثرة الانفاق على الانتدابات والتورّط في نزاعات مالية تسبّبت لها في عُقوبات قاسية.