يتوقع المختصون أن تكون سنة 2019 سنة صعبة بالنظر الى تواصل الضغوطات المالية على الدولة وتواصل ارتفاع أسعار مختلف المواد وايضا تواصل ضعف الاقتصاد. تونس (الشروق) رغم تأكيدات الحكومة منذ مدة ان سنة 2018 ستكون الاخيرة في ما يتعلق بتطبيق الاجراءات الصعبة التي تضمنها قانون المالية الاخير إلاان بوادر قانون المالية لسنة 2019 الذي صادق عليه مجلس الوزراء مؤخرا وأحاله الى البرلمان لا توحي بانتهاء الفترة الصعبة التي مر بها التونسيون في العامين الاخيرين.. فالدولة ستواصل مواجهة الصعوبات المالية والاقتصادية نفسها بالنظر الى تواصل ارتفاع ديونها الخارجية وتواصل انهيار سعر صرف الدينار وارتفاع الواردات مقارنة بالصادرات وارتفاع بعض الاسعار العالمية الى جانب تواصل ضعف الاستثمار وما يترتب عن ذلك من بطالة. كما ان منظومة السوق المحلية أصبحت تقريبا خارج سيطرة الدولة في ظل تواصل مظاهر فوضى الاسعار والاحتكار والمضاربة.. محروقات وفق توقعات صندوق النقد الدولي في تقريره الاخير حول تونس فان الزيادة الدورية في أسعار المحروقات ستتواصل في 2019 وقد ترافقها زيادات في اسعار الكهرباء والغاز وكل ذلك جراء تواصل ارتفاع واردات تونس من الطاقة وفي ظل تواصل ارتفاع اسعار النفط في السوق العالمية وكذلك بسبب ضغوطات صندوق النقد الدولي على تونس لتقليص دعم الدولة للمواد الطاقية وتحميلها للمستهلك. وفي هذا الصدد لا يعرف ان كانت صادرات تونس من البترول (بحكم ارتفاع اسعاره في السوق العالمية) يقع أخذها بعين الاعتبار عند احتساب نفقات توريد ودعم المحروقات التي تقول الحكومة انها مكلفة وتدفع الى الزيادة الدورية في اسعار بيعها للمواطن . الدينار... الضرائب والاقتطاعات كما توقع التقرير ذاته تواصل تراجع سعر صرف الدينار خلال العام المقبل وهو ما سيكون له بالغ التأثير على أسعار مختلف المواد الموردة او المنتجة محليا التي تعتمد على مواد اولية موردة، بما يعني تواصل ارتفاع معدل التضخم خلال العام القادم وتوقع صندوق النقد بان يستقر في 7.8 بالمائة وبالتالي تواصل الضغوطات على المقدرة الشرائية للمواطن. ومن جهة أخرى لم يتضح الى الآن ان كان سيقع التخلي عن اقتطاع نسبة 1 بالمائة من الاجور والمداخيل التي جاء بها قانون المالية 2018 ام لا وكذلك الشان بالنسبة للنقاط التي وقعت إضافتها لنسب الاداء على القيمة المضافة في قانون المالية الماضي والتي ساهمت بدورها في التهاب الاسعار. ضعف اقتصادي وفي المقابل، ووفق تقرير صندوق النقد الدولي ستتواصل الصعوبات الاقتصادية والمالية في تونس بالنظر الى ارتفاع حجم الواردات ( اغلبها من الطاقة ) وعدم تغطيتها بالصادرات والى ارتفاع نسبة المديونية الى اكثر من 70 بالمائة مع توقع تواصلها خاصة المديونية الخارجية وايضا الى تواصل ضعف نسبة النمو وضعف الاستثمارات المحلية والاجنبية وما يعنيه ذلك من تواصل ارتفاع معدلات البطالة والفقر وغياب التنمية في الجهات المحرومة. الدعم تحاول الحكومة طمأنة الراي العام من خلال الترويج باستمرار لفكرة عدم الزيادة في المواد المدعمة والحال ان ابرز مادة مدعمة وهي البترول تشهد زيادات دورية وسيتواصل ذلك العام المقبل شأنها شان مادتي الكهرباء والغاز، في حين يقع التغاضي بطريقة مثيرة للشكوك عن تشجيع الطاقات البديلة التي بامكانها التقليص كثيرا من مبلغ دعم الدولة للمحروقات. كما ان المواد المدعمة التي تتحدث عنها الحكومة لا تمثل الكثير في قفة التونسي لأنها تقتصر فقط على العجين الغذائي والخبز والزيت النباتي والسكر. وبالنسبة لمادتي السكر والزيت اصبح من غير الممكن الحديث في شانهما عن دعم لانهما اصبحتا مادتين مفقودتين على مدار العام فلا يستفيد منهما المستهلك العادي بسبب الاحتكار والمضاربة وبسبب تعمد الموزعين ترويجها في مسالك اخرى باسعار ارفع لأطراف تتولى تحقيق مرابيح على غرار اصحاب المطاعم والنزل ومحلات المرطبات والمصانع واحيانا يقع استغلال الزيت النباتي في بعض الصناعات الكيمياوية او لخلطه بالزيوت المستعملة وتصديره.. ولم يتضمن قانون المالية الجديد اية اشارة لمعالجة هذا الملف الحساس وهو ما يعني ان الصعوبات ستتواصل في هذا المجال ايضا للدولة وللمواطن. ينصح الخبراء والمختصون في المجال الاقتصادي بان تعمل الحكومة على اتخاذ اجراءات أخرى مرافقة لامتصاص هذه الصعوبات المنتظرة، منها مثلا: - التعامل بجرأة وشجاعة مع مظاهر المضاربة والاحتكار والترفيع العشوائي في الاسعار. - التشجيع على تكثيف الانتاج في المواد الاستهلاكية الحساسة (خاصة الفلاحية والغذائية) فذلك من شانه التقليص في الاسعار والتفاوض بجدية مع المنتجين لتفادي الترفيع المتواصل في الاسعار. - المرور – على غرار كل دول العالم – لانتاج واستعمال الطاقات البديلة للحد من توريد الطاقة بأسعار مرتفعة والتصدي لكل من يريد تعطيل هذا الملف الهام. - الجراة والشجاعة في مكافحة المتهربين من الضريبة قصد توفير اموال إضافية لخزينة الدولة تُغني عن الترفيع في اسعار المواد المدعمة وفي الضرائب وعن الاقتطاع من الاجور. - استقطاب الاقتصاد غير المنظم نحو المنظومة الاقتصادية المنظمة لتوفير ضرائب إضافية. - معالجة ملف سعر صرف الدينار بكل جدية - التقشف في النفقات الادارية المرتفعة خاصة الامتيازات - مزيد محاربة الفساد - توجيه الدعم نحو مستحقيه وتشديد العقوبات تجاه من يخالف ذلك