تونس-الصباح الاسبوعي - ثلاث زيادات إضافية ستعرفها أسعار المحروقات بحسب ما يشترطه صندوق النقد من إجراءات للضغط على مصاريف الدولة في السنة الحالية وذلك في نهاية كل من شهر جوان وسبتمبر وديسمبر 2018. وهي زيادات يرجح الخبير المالي وليد بن صالح في تصريح ل"الصباح الأسبوعي" بأنها لن تكون أقل من 50 مليم في كل مرة مؤكدا أنه يصعب التكهن بدقة بالمستوى الذي ستبلغه أسعار المحروقات في تونس نهاية 2018. زيادات المحروقات تأتي من جهة بهدف إصلاح الفرضيات الخاطئة التي انبنت عليها ميزانية 2018 من أن سعر النفط يقدر ب54 دولارا للبرميل في حين أن سعر البرميل ارتفع خلال الأشهر الأولى من السنة إلى نحو 70 دولارا للبرميل. أما حول إن كانت هذه الزيادات الثلاث ستؤدي في النهاية إلى رفع الدعم عن المحروقات، فإن محدثنا يوضح أن هذا الأمر مرتبط بأسعار النفط العالمية. فإذا ارتفع سعر البرميل فإن ذلك يعني بقاء الدعم، ولكن باستثناء هذه الفرضية فإن الاتجاه نحو الزيادات في المحروقات يعني التخلي عن دعمها تدريجيا. رؤية متناقضة "يتعين تخفيض دعم الطاقة غير العادل عن طريق زيادات في أسعار الطاقة المحلية تمشيا مع أسعار النفط الدولية" هكذا يطلب صندوق النقد في بيان في ختام زيارة بعثة تابعة له إلى تونس بين 4 و11 أفريل الجاري لكنه يدعو أيضا إلى تثبيت توقعات التضخم الذي يعتبر أنه "ارتفع بسرعة مسجلا 7.6% في شهر مارس" إلا أن هذين الطرحين يعتبران متناقضين. وهنا يؤكد الخبير المالي وليد بن صالح ل"الصباح الأسبوعي" أن ما قاله صندوق النقد في هذا البيان لا يختلف عما قاله في بيان 27 مارس وأن فيه تناقضا بالفعل لأن الترفيع في سعر المحروقات سيؤدي إلى الترفيع في نسبة التضخم وذلك لأنه يعني الترفيع في أسعار نقل الأشخاص والبضائع. كما أن المحروقات تعد مادة أولية في عدد من المنتوجات. "إصلاحات لا تتماشى مع الاقتصاد التونسي" صندوق النقد يدعو إلى تبني إجراءات الترفيع في سعر النفط من أجل الضغط على نفقات الدولة مقابل التحكم في نسبة التضخم من خلال الترفيع في سعر الفائدة الأساسي. ولكن هذا الإصلاح بنظر محدثنا لا يتماشى مع طبيعة الاقتصاد التونسي هو بمثابة الإصلاح الجاهز الذي يطبقه صندوق النقد بشكل عام لأن نسبة التضخم كما يشرح الخبير وليد بن صالح ليست متأتية من السياسة النقدية وإنما هي بالأساس نتاج عوامل مختلفة منها نسبة التضخم المستوردة ومسالك التوزيع والاحتكار والمضاربة وغيرها من العوامل الأخرى. ويعتبر محدثنا أن المفاوضات الاجتماعية وزيادات الأجور في القطاعين العام والخاص هي من عوامل التضخم أيضا لأن الأجور تؤدي إلى زيادة الاستهلاك وبالتالي إلى ارتفاع الطلب وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. كما أن كلفة الأجور تدخل أيضا في كلفة الإنتاج. ويتوقع محدثنا أن المفاوضات الاجتماعية القادمة ستكون صعبة. 330 مليون دينار من الدعم لم تبرمج في الميزانية التوجه إلى مراجعة الدعم ورفعه تدريجيا عن بعض المواد يعد أمرا مساهما في زيادة الأسعار بالضرورة. فنسبة التضخم الحالية تحتسب فيها المواد الأساسية المدعمة وإذا تخلت الدولة عن دعمها سترتفع اسعارها كما يوضح محدثنا ففي ميزانية 2018 تقدر الاحتياجات في دعم المواد الاساسية 1900 مليون دينار في حين أنه قد تم تخصيص 1570 مليون يدنار فقط في الميزانية ما يعني أن ما قيمته 330 مليون دينار لم يتم برمجتها في الميزانية على أساس أن الدولة قادرة على الاقتصاد فيها بأن تتحكم في الإنتاج ومسالك التوزيع وهذا الأمر لم يحدث خلال الثلاث أشهر الأولى فنسبة التضخم تواصل ارتفاعها. وإذا تواصل الوضع على ما هو عليه فلا يمكن لنسبة التضخم إلا أن ترتفع حسب محدثنا وذلك ردا على سؤالنا إن كانت نسبة التضخم يمكن أن تصبح برقمين نهاية 2018، معتبرا أن جميع المؤشرات اليوم في منطقة الخطر. ولكن مواجهة التضخم بزيادة الأسعار والتخفيض في الدعم تبدو مقاربة غير منطقية، وبالرغم من أن الحكومة تبدو خاضعة لخارطة الطريق التي يضعها صندوق النقد فإن الخبير وليد بن صالح يعتبر أنه يمكن إيجاد حلول مع هذه المؤسسة المالية والتفاوض معها على أسس سليمة تتماشى مع طبيعة الاقتصاد التونسي وخصوصياته . أروى الكعلي