احتواء كتلة الأجور والمضي قدما في برنامج الإصلاح الاقتصادي وإيجاد الحلول اللازمة لإيقاف نزيف التضخم، الذي ارتفع خلال شهر ماي المنقضي إلى 7.7 % ليبلغ أعلى مستوياته، بالإضافة إلى العمل على الحد من عجز الميزانية وتعافي المالية العمومية وخاصة دعم احتياطي تونس من العملة الصعبة هي أهم التوصيات الصادرة عن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي الذي اختتم مشاورات المادة الرابعة والتي انطلقت يوم 17 ماي المنقضي وتواصلت لأسبوعين والتي تخللها لقاءات لبعثة الصندوق مع مختلف الأطراف السياسية والمالية والاجتماعية الفاعلة وناقشت خطة لإنعاش الاقتصاد التونسي وتجاوز الأزمة الاقتصادية في تونس. كما وقفت البعثة خلال زيارتها على مدى تقدم مسار الإصلاحات الكبرى في تونس ومناقشة السياسات الضرورية لاستكمال المراجعة الثالثة لأداء الاقتصاد والتي ستتيح لتونس الحصول على 257 مليون دولار ليقدم الصندوق في أعقاب هذه الزيارة جملة من التوصيات التي ستتخذها السلطات التونسية للحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن والمقدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وتعافي المالية العمومية ودعم منظومة الإنتاج وأيضا الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بصفة عامة. فقد دعا مجلس إدارة صندوق النقد الدولي السلطات التونسية إلى التزامها بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية واتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة لضمان تعافي المالية العمومية والحد من التضخم وتراجع الاحتياطي من العملة إلى جانب ضمان استقرار الاقتصاد الكلّي. ومن أبرز التوصيات أيضا بذل الحكومة جهود أكبر من أجل تطهير الميزانية التي من أهم أسسها اتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم العائدات الجبائية عبر دعم عمليّة تحصيل الضرائب هذا إلى جانب الحد من النفقات الجارية وذلك بهدف دعم نفقات الاستثمار والنفقات الاجتماعيّة. كما أوصى الصندوق بالحد من تضخم كتلة الأجور من خلال تنفيذ برنامج المغادرة الطوعية للعاملين في الوظيفة العمومية وتفادي أي زيادات جديدة في الأجور إذا لم يتجاوز النمو التوقعات المرسومة. وبهدف احتواء كتلة الدعم التي تذهب في مجملها إلى غير مستحقيها لا سيما دعم المحروقات دعا الصندوق إلى تطبيق زيادات في أسعار المحروقات كل ثلاثة أشهر وذلك في إطار إصلاح قطاع الطاقة. واعتبر أعضاء مجلس الإدارة انه من الأهمية إقرار إصلاحات إضافية في القطاع المالي، وثمنوا لجوء البنك المركزي التونسي إلى الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية 75.5 %، كما دعا المجلس إلى تدعيم السياسة النقدية عبر التقليص من التدخل على مستوى سوق الصرف وإضفاء المزيد من المرونة على معدل الصرف ما سيسهم في تحسين نتيجة الميزان الجاري ودعم الاحتياطي من العملة. وفي ذات السياق حث صندوق النقد الدولي تونس على استكمال إصلاح الوظيفة العمومية وتعزيز عملية اختيار مشاريع عمومية أكثر نجاعة فضلا عن تحسين التصرف في المؤسسات الراجعة بالنظر إلى الدولة هذا بالإضافة إلى استحداث عقود الأداء للبنوك والمؤسسات العمومية وسن القوانين التي تستهدف تخفيض القروض المتعثرة في البنوك. وأكد الصندوق على أن تحقيق إنعاشه اقتصادية سيكون ممكنا إذا ما تواصل تنفيذ الإصلاحات الرامية إلى تحسين الحوكمة ومناخ الأعمال، وإتاحة فرص الحصول على التمويل، مع مزيد العمل لتحسين بيئة الأعمال، وخاصة تبسيط البيئة التنظيمية، وتشجيع الحوكمة الرشيدة والشفافية. وتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل نسبة النمو في تونس خلال سنة 2018 إلى 2.4 % والى2.9 % في سنة 2019 في حين تبقى نسبة البطالة مرتفعة لتبلغ 15 % في سنة 2018 لتتراجع في سنة 2019 إلى 14.8 %.