لم يكد أبناء «الائتلاف الوطني» يهنؤون بتأسيس كتلتهم النيابية وإزاحة كتلة «النداء» من المرتبة الثانية حتى أعلن سليم الرياحي عن انسلاخ كتلته من الأولى واندماج حزبه في النداء. هي جرعة مهمة ينالها حزب السبسي. ولكن هل تكفي لإنقاذه؟ تونس (الشروق) اندماج الوطني الحر في حزب النداء وتفويض رئيس الحزب الأول سليم الرياحي اتخاذ جميع التدابير القانونية والإجرائية من أجل إتمام عملية الاندماج. هذا ما قرره الوطني الحر في بيان أصدره الأحد من سوسة. الاندماج سيرافقه بالضرورة توزيع جديد للصلاحيات. إذ من المفترض حسب بعض التسريبات تتويج سليم الرياحي أمينا عاما لحزب النداء وتعيين المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي رئيسا للمكتب السياسي وتكليف رضا بلحاج بخطة المنسق العام. لكن الأثر الواضح سيكون على المستوى البرلماني. إذ تعود كتلة النداء إلى المرتبة الثانية خلف النهضة فيما تتدحرج كتلة الائتلاف الوطني حديثة التأسيس إلى المرتبة الثالثة. أهمية هذا الحدث تكمن أساسا في توقيته. فقبيل الإعلان عنه كان أغلب الملاحظين يتحدثون عن قرب اضمحلال حزب النداء لاسيما أن كتلة الائتلاف الوطني كانت بصدد «التهام» ما تبقى من كتلة النداء. مازال فاعلا ومؤثرا من 43 عضوا إلى 55 عضوا هذه الأرقام تقريبية بما أننا نفاجأ كل ساعة بخبر جديد حول استقالة نائب مقابل التحاق آخر. وعموما فإن كتلة النداء تعود مبدئيا إلى المرتبة الثانية خلف كتلة النهضة (68 نائبا) فيما تتقهقر كتلة الائتلاف الوطني إلى المرتبة الثالثة (35 نائبا). قد تتعزز كتلة النداء بكتلة الحرة لمشروع حركة تونس (14 نائبا) لتقترب من عتبة السبعين عضوا. وقد تتعزز بنواب آخرين مستقلين أو منسحبين من كتل أخرى مثل إعلان النّائب عبد الرؤوف الشابي استقالته من كتلة الائتلاف الوطني والتحاقه بكتلة نداء تونس حسب ما أكده مساء الأحد في تدوينة له على صفحته الخاصة في الفايس بوك. لكن هذا كله لا يعني حسم مشكلة الحكومة والتحكم في مصير الشاهد. وفي المقابل هناك أوجه عديدة لاستفادة حزب النداء وكتلته. فالكتلة الثانية برلمانيا هي بالضرورة كتلة ضغط يستحيل الاستخفاف بها في تمرير القوانين. والحزب الذي «يلتهم» الحزب الفائز بالمرتبة الثالثة في آخر انتخابات تشريعية يثبت للجميع أنه مازال فاعلا ومؤثرا. بل متحكم في جانب مهم من المشهد السياسي. عمليات ارتدادية الحزب لم يمت. ولا يمكن الحديث عن قرب اندثاره ولا المراهنة على نهاية مؤسسه الباجي وابنه حافظ… هي رسالة مهمة بعث بها النداء عبر استمالة سليم الرياحي وحزبه. ولكن هل نجا الحزب فعلا؟ المنافع جمة ولكنها ليست خالصة. فبعد الإعلان عن الحدث وقعت ارتدادات مهمة قد يكون أهمها إعلان القيادي في حزب النداء محسن حسن استقالته لاسيما وهو القادم إلى النداء هروبا من الوطني الحر. كما أن العديد من مجالس حزب النداء الجهوية أعلنت رفضها عملية الاندماج (المواقف صدرت حتى أمس عن مجالس القصرين وقابس والوردية. وقد تتوسع بمرور الوقت). وفي الجهة المقابلة، أكد النائب عن كتلة الائتلاف الوطني ورئيس كتلة الاتحاد الوطني الحر سابقا طارق الفتيتي، عدم علمه وعلم زملائه باندماج الحزب في حركة نداء تونس، قبل أن يضيف في تصريح إعلامي أول أمس أن «انسحاب نواب الوطني الحر من كتلة الائتلاف الوطني وانضمامهم الى كتلة نداء تونس رهين القرار النهائي للمجلس الوطني للوطني الحر». مجرد مسكّن للألم قد يستقيل بعض النواب رفضا للعودة من جديد إلى الحزب الذي استقالوا منه (مثل حال النائب ابتسام الجبابلي التي التحقت بكتلة الوطني الحر قادمة من كتلة النداء). وقد يستقيل المزيد من الندائيين الذين يرفضون سليم الرياحي وأبناء الوطني الحر الذين يرفضون حافظ قايد السبسي لتصبح عملية الاندماج بلا معنى ولا تأثير ولا منفعة دائمة رغم الاستفادة الظاهرة على المستوى العاجل. وفي مشهد حزبي وبرلماني متقلب تزدهر فيه السياحة الحزبية والبرلمانية وتقام فيه التحالفات والاندماجات الهشة وتتخذ فيه القرارات السياسية المزاجية لا يمكن التكهن بتداعيات أي قرار. ولا يمكن الإقرار باستفادة حزب النداء (أو غيره) ولا بضرره. ولكن ما يعلمه الجميع أن هناك في النداء لغزا اسمه حافظ قايد السبسي ضره أكبر من نفعه في السابق والحاضر بما أنه سبب أغلب الاستقالات والانسحابات. لهذا القيادي كامل الحق في ممارسة السياسة والنشاط الحزبي. وقد يكون على درجة عالية من الأهلية والكفاءة... لكن بإمكان حزبه أن يستعيد أبناءه ويسترد عافيته بمجرد انسحابه منه ولو من باب التضحية على أن يعود بشرعية الانتخاب. أما الاستعانة بسليم الرياحي أو غيره فستكون مجرد مسكن يخفف الألم الى حين. لكنه لا يعالج العلة. قالوا عن الاندماج «القواعد ترفض انضمام سليم الرياحي الى نداء تونس... هذا الشخص لن يكون المنقذ للحزب» (المنسق الجهوي لحركة نداء تونس بالوردية من تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أول أمس الأحد). المجلس الجهوي الموسع لحركة نداء تونسبالقصرين، «يرفض رفضا تاما الطريقة التي تم بها الاندماج بين حركة نداء تونس والاتحاد الوطني الحر... كان من الأولى الحفاظ على المناضلين والمؤسسين قبل الانفتاح على بقية الأحزاب» (من البيان الذي أصدره المجلس يوم الأحد). قرار اندماج حزب الاتحاد الوطني الحر مع حركة نداء تونس «حركة سياسية لا معنى لها ولن يكون لها أي صدى داخل البرلمان أو خارجه ولن تعيد التوازن في المشهد السياسي». المتحدث باسم حزب العمال الجيلاني الهمامي من تصريح ل»موزاييك» أمس الاثنين). «تحالف سليم الرياحي وحافظ قايد السبسي لا يدوم طويلا لأنه تحالف غير طبيعي ومبني على مصالح… بعد شهرين سيأخذ سليم الرياحي نوابه إلى مكان آخر…» (الناشط السياسي والقيادي السابق في حزب النداء لزهر العكرمي من مداخلة له على «راديو ماد» أول أمس الأحد).