بعد التطورات المثيرة على الساحة السياسية نهاية الأسبوع الماضي، يتوقع المتابعون أن تتواصل «التحركات» هنا وهناك لتفرز توازنا سياسيا جديدا. وستكون كل الأنظار متجهة في الايام القادمة لحزب النهضة وبدرجة أقل لبقية الكتل البرلمانية. تونس (الشروق) تتالت خلال الأيام الاخيرة التقلبات المثيرة على الساحة السياسية وهو ما زاد من تفاقم الأزمة في البلاد وجعل الانظار تتجه في الفترة القادمة للتحركات المنتظرة لبعض الاطراف السياسية الفاعلة من أجل حسم النزاع القائم بين شقي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. تفوّّق عددي الثابت من خلال تطورات الايام الاخيرة ان كل طرف من طرفي النزاع يسعى جاهدا لتكوين حزام سياسي قوي حوله ولتجاوز الآخر على الاقل عدديا (من حيث عدد نواب البرلمان) وكذلك مزيد استمالة أطراف سياسية أخرى يمكن ان تدعم هذا التفوق العددي برلمانيا وسياسيا في انتظار دعم التفوق الانتخابي العام المقبل. ويعتبر المحللون ان «التفوق العددي البرلماني» سيكون له بالغ التأثير خلال الايام القليلة القادمة لتحديد التوازن السياسي الذي ستشهده البلاد قبل انتخابات 2019. إذ ستكون له أهمية بالغة تحت قبة البرلمان عند المصادقة على قانون المالية الجديد وكذلك على التحوير الوزاري الذي قد يُجريه الشاهد ولكن أيضا على تطبيق الفصول الدستورية التي قد يلجأ لها أحد طرفي النزاع لحلحلة الازمة ولتوضيح مصير الحكومة الحالية (الفصل 99 بالنسبة لرئيس الجمهورية والفصل 98 بالنسبة لرئيس الحكومة ويمكن إضافة الفصل 97 بالنسبة لمجلس نواب الشعب ). امكانيات... وفرضيات هذا التفوق العددي البرلماني الذي سيكون مفتاح الفوز او الهزيمة بالنسبة لطرفي النزاع الدائر اليوم على الساحة لا يبدو في متناول اي منهم اليوم وقد يتطلب منهما مزيد التحرّك لتوفيره استعدادا للمحطات المذكورة اعلاه. فانضمام الوطني الحر لنداء تونس يعني نظريا خروج نواب كتلته من كتلة الائتلاف الوطني وانضمامهم لكتلة نداء تونس التي سيرتفع عددها بالتالي الى أكثر من 50 نائبا وهو ما يرجح كفة شق رئيس الجمهورية أمام شق يوسف الشاهد الذي سيكون مدعوما ( في صورة تأكد ذلك) بكتلة أقل عددا وهي كتلة الائتلاف الوطني ( حوالي 40 نائبا). هذه الأرقام ( أكثر من 50 بالنسبة للنداء وحوالي 40 بالنسبة للائتلاف الوطني) لن تعني شيئا بالنسبة لطرفي النزاع عندما تشتد الحاجة في الأيام القادمة للأغلبيات المطلوبة داخل البرلمان للتصويت في مختلف المحطات المنتظرة والتي ستكون مفصلية في حسم النزاع. ففصل النزاع سيتطلب دخول بقية الكتل ذات الوزن المحترم في البرلمان على الخط لدعم هذا الطرف او ذاك. ومن ابرز هذه الكتل، كتلة النهضة ( 68) وكتلة مشروع تونس «الحرة» (14) وكتلة الجبهة الشعبية ( 15) والكتلة الديمقراطية (12) وكتلة الولاء للوطن( 11)، إلى جانب غير المنتمين البالغ عددهم 7. وهو ما سيجعل الأنظار متجهة في الفترة القادمة إلى هذه الاطراف، وسيكون أكثر طرف معني بذلك حزب النهضة. فمواصلة النهضة دعم شق الشاهد سيجعل هذا الاخير الاوفر حظا في ضمان الحد الادنى المطلوب للفوز في «المعركة» سواء عندما يتعلق الامر بالتصويت في البرلمان بالاغلبية المطلقة ( 109 اصوات) او باغلبية الحضور او باغلبية الثلثين ( 145 نائبا). وقد يتدعم ذلك إذا ما نجحت النهضة أو الشاهد في «جرّ» نواب من كتل أخرى او من المستقلين أثناء التصويت. لكن على صعيد آخر، فان باب «العودة» إلى التوافق بين النهضة والنداء يبقى مفتوحا بعد أن اثبتت التطورات الاخيرة أن كل شيء يبقى واردا في تحركات السياسيين. وفي هذه الصورة يمكن ان ننتظر تقدما عدديا في البرلمان لشق رئيس الجمهورية وقد يتدعم ذلك أيضا بأصوات أخرى إذا ما نجح هذا الشق في استمالة مكونات برلمانية أخرى مازالت الى اليوم لم تحدد موقفها من النزاع الدائر. مسؤولية الحسم على عاتق هؤلاء في كل الأحوال فان حسم النزاع القائم بين الطرفين ينتظره التونسيون بفارغ الصبر بعد أن سئموا الازمة السياسية التي طالت أكثر من اللزوم والقت بظلالها على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، وبعد أن ملّوا مناورات السياسيين وحساباتهم الضيقة وسعيهم نحو بلوغ السلطة على حساب مصلحة الشعب ومصلحة البلاد. ووفق أغلب المتابعين فان مسؤولية النهضة ستكون جسيمة في هذه المرحلة التاريخية الحساسة التي تمر بها البلاد وذلك بالتسريع في اتخاذ القرار المناسب والصريح لحسم «المعركة» الدائرة بين شقي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حتى لا تتفاقم اوضاع البلاد نحو الأسوإ. كما ان بقية الاطراف وهي مشروع تونس والجبهة الشعبية وبقية الاحزاب المُكونة للكتلة الديمقراطية وكتلة الولاء للوطن ستكون بدورها معنية بهذا الحسم وستكون لها مسؤولية تاريخية أيضا في ذلك. أغلبيات مطلوبة في البرلمان الأغلبية المطلقة للأعضاء (109 نائبا): القوانين الأساسية أبرزها القانون الانتخابي والاحوال الشخصية والحريات وحقوق الانسان( الفصل 65 من الدستور) – تعيين محافظ البنك المركزي ( ف78)- سحب ثقة البرلمان من الحكومة او من احد اعضائها (ف97) – التصويت على الثقة في الحكومة بطلب من رئيسها (ف98)- التصويت على الثقة في الحكومة بطلب من رئيس الجمهورية (ف99)- نيل الثقة في صورة اجراء تحوير وزاري.. أغلبية الثلثين ( 145 نائبا): تعديل الدستور أغلبية الحاضرين: القوانين العادية أبرزها قانون المالية كتل برلمانية معنية ب»حسم» النزاع في البرلمان كتلة النهضة: 68 نائبا كتلة الجبهة الشعبية: 15 نائبا كتلة الحرة: 14 نائبا الكتلة الديمقراطية: 12 نائبا كتلة الولاء للوطن : 11 نائبا غير المنتمين لكتل: 7 نواب