بعد تعليق اجتماع الموقعين على وثيقة قرطاج الاثنين 28 ماي 2018 من أجل الحسم في مصير حكومة يوسف الشاهد ، في ظلّ تواصل الخلاف حول النقطة ال64 من وثيقة قرطاج2 ، من المرتقب أن تُرحّل مسألة إقرار مآل الحكومة إلى مجلس نواب الشّعب ليكون صاحب القول الفصل فيما يخصّها. وعلى اختلاف وجهات النّظر بين الفرقاء السياسيين حول مآل الحكومة، يظلّ البرلمان هو الجهة الوحيدة المخول لها سحب الثقة منها من عدمها. جدير بالإشارة ، ههنا، إلى أن استفراد الموقعين على وثيقة قرطاج المجتمعين تحت إشراف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بتحديد مصير الحكومة الحالية وأولويات الحكومة القادمة أثار انتقاد عدد من النواب بمجلس نواب الشعب لما اعتبروه تعدّيا على صلاحيات السلطة التشريعية وتهميشا لها. وبتعليق الاجتماع المنعقد أمس الاثنين بعد مدّة قصيرة من انطلاقه، بات مصير حكومة يوسف الشاهد رهن قرار مجلس نواب الشعب. ومع تمسّك حركة النهضة، صاحبة الأغلبية البرلمانية ب 68 مقعدا بيوسف الشاهد ، وعدد من الكتل البرلمانية الأخرى بإجراء تحوير وزاري جزئي دون التفريط في يوسف الشاهد، يجد حزب نداء تونس، صاحب ال56 مقعدا برلمانيا ، نفسه في موقف حرج، يجعل مسألة إبعاد الشاهد عن رأس الحكومة مستبعدة . وكان مجلس شورى حزب حركة النهضة قد فوّض الأحد لرئيسه راشد الغنوشي تحديد مصير الشاهد إما بتغييره أو إبقائه. أكد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، في تصريح إذاعي الاثنين 28 ماي 2018 عقب تعليق اجتماع قرطاج ، أن الحركة لا ترى مصلحة لتونس في تغيير حكومة يوسف الشاهد، معتبرا ان هذه الحكومة ليست مثالية ولكن لا يمكن تغييرها في ظل غياب بديل واضح ،وفق تعبيره. وأضاف الغنوشي أن الجميع تعودوا على تقديم حركة النهضة تنازلات، مشددا على ان الحركة لا تقوم بتنازلات الا ان " كانت تخدم مصلحة تونس ؟". وأشار الى ان المصلحة الوطنية اليوم في خطر وأن ذلك دفع بالحركة الى السعي الى التوافق، متسائلا "لماذا يقع تغيير الحكومة في هذا الوضع المتأزم الذي تعيشه المالية العمومية". و بدوره ، أكّد النّاطق الرّسمي بإسم حركة النّهضة عماد الخميري الإثنين 28 ماي 2018 أنّ كتلة الحركة بمجلس نوّاب الشّعب ستصوّت على بقاء الحكومة في صورة تمرير هذا الأمر إلى البرلمان. وأضاف عماد الخميري أنّ موقف حركة النّهضة واضح وثابت وأنّ فشل الحكومة نسبي بإعتبار أنّ الإشكاليّات المطروحة هي نتيجة لتراكمات وليست خاصّة بحكومة الشّاهد مشيرا إلى أنّ الحركة ترى في ضرورة المضيّ في الإصلاحات المطلوبة فورا. و بغضّ النظر عن موقف كتلة حركة النهضة المتمسكة بالإبقاء على الشاهد، فقد عبّرت كلّ من الكتلة الديمقراطية ، صاحبة ال12 مقعدا، وكتلة الجبهة الشعبية صاحبة ال15 مقعدا، عن رفضهما للمسار السياسي الحالي ككل ولوثيقة قرطاج2 ، وبالتالي من المرجح ألا يصوتا على إقالة الشاهد على اعتبار أن ذلك منصوص عليه في وثيقة قرطاج2. أما الكتلة الوطنية، التي تضمّ 10 نواب منشقين عن نداء تونس، فقد عبرت عن مواقف مؤيدة لحكومة يوسف الشاهد في عديد المناسبات ويرجّح أن أغلبية أعضائها على الأقل داعمة لإبقائه في رئاسة الحكومة، وقد أعلنت مؤخرًا عضو الكتلة صابرين القوبنطيني أنها لن تسحب ثقتها من الشاهد. بدورها كتلة الحرة التابعة لمشروع تونس كتلة مشروع تونس، صاحبة ال20 مقعدا برلمانيا، من المرجح أن تصوت الكتلة بعدم منح الثقة أو بتحفظ على الحكومة القادمة. وكانت قد أعلنت عضو الكتلة ليلى الشيتاوي عدم نيتها سحب الثقة من الشاهد. في المقابل، من الضفة الأخرى نجد كلا من كتلتي نداء تونس (56 مقعدا برلمانيا) والاتحاد الوطني الحر (12 مقعدا برلمانيا) تطالبان بإقالة يوسف الشاهد وبإجراء تحوير وزاري شامل، ولكن لا يمكن الجزم بتبني كافة أعضاء الكتلتين موقف حزبيهم بصفة تامة، حيث لا يلتزم اعضاء الكتلتين بالانضباط لمؤسسات الحزب . وقد اعترفت مؤخرًا النائب عن نداء تونس وفاء مخلوف أن موقف كتلة الحزب بخصوص بقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد في منصبه من عدمه "غير موحد". وقد هاجمت القيادية في نداء تونس، في هذا الجانب، مديره التنفيذي حافظ قايد السبسي، معلنة رفضها لإبعاد الشاهد على خلاف ما يطالب حزبها. بينما لم تبلور كتلة الولاء للوطن، و هي أحدث الكتل البرلمانية و تضم 11 نائبًا، موقفها بعد في ظل استقلالية أفرادها، بَيْدَ أن ممثلين عن الكتلة التقوا نهاية الأسبوع الماضي بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل المصر على إقالة الشاهد، وقد صرح النائب بالكتلة عقب اللقاء بأن الكتلة "ترى في تغيير الشاهد إشكالًا وفي بقائه أكثر من إشكال". وفي ظل هذه التركيبة الفسيفسائية لمجلس نواب الشعب وتباين المواقف بين الكتل، يبقى مصير حكومة يوسف الشاهد رهين التصويت، دون استبعاد أن تحدث توافقات "تحت الطاولة" من شأنها قلب الموازين.