أمام المأزق الذي بلغه الوضع السياسي اليوم وتمسك كل طرف من أطراف النزاع بمواقفه،عادت الأنظار لتتّجه مجددا نحو «التوافق» والعودة الى طاولة التشاور والحوار. تونس – الشروق: رغم حصول القطيعة بين أغلب الأطراف التي شكلت الوحدة الوطنية في 2016، إلا ان بعض بوادر الأمل مازالت قائمة في عودة الجميع إلى طاولة حوار واحدة قصد التفاوض حول الحلول الممكنة ثم التوافق حولها. فرضية لم يستبعدها القيادي في نداء تونس رضا بلحاج مؤخرا بالقول انه من بين الحلول المطروحة اليوم امكانية الجلوس إلى طاولة الحوار بين جميع الأطراف السياسية والعودة الى وثيقة قرطاج 2 وتوافق الجميع حول تفعيل فصولها بما في ذلك الفصل 64 منها الذي يحدد مصير رئيس الحكومة يوسف الشاهد. قرطاج 2 رضا بلحاج أكد أن الهدف من هذا الحل هو انقاذ البلاد والعودة الى تحكيم العقل رغم صعوبة عودة التوافق بمفهومه السابق. وقال في هذا السياق أن التوافق الوطني في تونس أصبح تقليدا وأنه إلى جانب الشرعية الانتخابية والدستورية أصبحت هناك «شرعية توافقية» حيث نجح مرة أولى مع الحوار الوطني ثم مرّة ثانية مع وثيقة قرطاج 1 لكنّه توقّف في وثيقة قرطاج 2 ..وكانت أطراف سياسية عديدة قد اقترحت سابقا العودة الى التوافق من خلال إعادة تفعيل وثيقة قرطاج 2 المعلقة منذ ماي الماضي باعتبارها ضرورية للانقاذ الاقتصادي ولتنفيذ الاصلاحات المطلوبة في مختلف المجالات ولمحاربة الفساد حتى لا تخسر البلاد المزيد من الوقت في التراجع الاقتصادي والتنموي. ثم يقع المرور في ما بعد الى النقطة 64 والجلوس مجددا إلى طاولة الحوار حولها. إضعاف التوافق غير ان التساؤل الاهم يبقى حول امكانية حصول التوافق مجددا بين مختلف الأطراف حول وثيقة قرطاج 2. فالعلاقة بين بعضهم ساءت على حد كبير بعد تطورات الايام الاخيرة وكل طرف بدا متمسكا إلى أقصى حد بمواقفه حول النقطة 64 من وثيقة قرطاج المتعلقة بمصير الحكومة الحالية. كما ان تطورات الايام الاخيرة قد تجعل من الصعب العودة الى التوافق مجددا. حيث واصلت النهضة التمسك بالاستقرار الحكومي وببقاء يوسف الشاهد على راس الحكومة. وبعد تأسيس كتلة «الائتلاف الوطني « في البرلمان، والتي تردد انها ستدعم الشاهد، اعلنت النهضة انها ستدخل في مفاوضات «شراكة» معه (الشاهد) خاصة بعد أن أعلن رئيس الجمهورية انها قطعت حبل التوافق معه ومع نداء تونس بطلب منها، وتراجع بالتوازي مع ذلك تأكيدها على شرط عدم ترشح الشاهد لانتخابات 2019 بينما واصل نداء تونس التمسك بإقالة الشاهد ودعاه رئيس الجمهورية الى الذهاب الى البرلمان للحصول على الثقة مجددا مثلما راج أيضا ان رئيس الجمهورية قد يلجأ الى الفصل 99 من الدستور ليطلب من البرلمان منح الثقة للحكومة. وقد تزامن كل ذلك أيضا باستقالات عدد من نواب النداء وانضمامهم لكتلة الائتلاف الوطني فيما لم يعبر الشاهد الى حد الآن عن موقف واضح وصريح من موقفي الطرفين، وكل هذه التطورات ساهمت في مزيد اتساع هوة التباعد بين مختلف الأطراف. توافق جديد من جهة أخرى، هناك من يرى أن التوافق بين النداء والنهضة وبقية الاطراف الفاعلة قد يعود مجددا (رغم الخلافات ورغم اعلان القطيعة) خاصة ان النهضة عبرت في بيانها الاخير عن تمسكها بالتوافق بين كل القوى الوطنية، كما ان حبل المشاورات بين «الشيخين» راشد الغنوشي والباجي قائد السبسي لم ينقطع بشكل نهائي حيث لم تنقطع اللقاءات بينهما. وهو ما دفع ببعض المتابعين الى القول أن التوافق قد يحصل مجددا بين الطرفين على خيار «البقاء المشروط» ليوسف الشاهد أي بقائه مقابل عدم ترشحه لانتخابات 2019 وهو خيار قد لا يوافقه يوسف الشاهد نفسه في صورة تشبّثه وحكومته بالبقاء دون الالتزام بشرط عدم الترشح لانتخابات 2019 وهو ما قد يدفع الى التوجه نحو الحل الدستوري أي اتباع الاجراءات الدستورية لسحب الثقة من حكومته او لتجديدها فيها.