عاد الحديث بقوة هذه الأيام على الساحة السياسية عن استئناف حوار وثيقة قرطاج 2 المعلق منذ ماي الماضي وسط تساؤلات لدى المتابعين حول مدى قدرة هذا التمشي على اخراج البلاد من أزمتها العالقة منذ أشهر. تونس الشروق: توجهت حركة نداء تونس اول أمس إلى رئيس الجمهورية بطلب لدعوة كل الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية المكونة لاتفاق قرطاج 2 إلى الاجتماع بشكل عاجل للاتفاق على مخرج للأزمة السياسية الحالية. وقبل ذلك سبق أن أكد مجلس شورى حركته النهضة في بيانه الاخير بطريقة غير مباشرة على ضرورة عودة مشاورات وثيقة قرطاج 2 وهي الدعوات التي عبر عنها المكتب التنفيذي للحركة في جوان الماضي ورددها اكثر من مرة رئيس الحركة راشد الغنوشي.. هذه الدعوة المشتركة عكست في راي المتابعين انسجاما ملحوظا بين الطرفين في الموقف العام من الازمة وتنفي ما تردد مؤخرا عن وجود تقلبات في العلاقة بينهما وعن امكانية انهاء التوافق الذي يجمعهما. كما يعتبرها المحللون بمثابة «الاعتراف بالفشل « في حلحلة الازمة العالقة منذ اعلان رئيس الجمهورية تعليق مشاورات قرطاج 2 في ماي الماضي وهو ما كشفته مختلف تقلبات الاشهر الماضية. فلا الاطراف المتمسكة بإقالة يوسف الشاهد وحكومته نجحت في الاقناع بموقفها ولا الأطراف المدافعة عنه صمدت وأقنعت الراي العام ببقائه ولا رئيس الجمهورية تمكن من خلق أرضية تفاهم وتوافق بين مختلف الاطراف ولا البرلمان لعب دورا في محاولة حلحلة الأزمة ولا يوسف الشاهد نفسه عبر عن موقف واضح من شانه المساعدة ايضا على إيجاد الحل. وهو ما جعل البلاد تمر بفترة صعبة على مستوى تسيير الشأن العام وسط صراعات ومناورات سياسية لم تشهدها من قبل وأثرت على عمل الحكومة وعطلت الاصلاحات المنتظرة وفاقمت الازمة الاقتصادية والمالية للدولة والازمة الاجتماعية للمواطن، فكان الخيار الامثل في مثل هذه الفترة هو العودة الى المربع الأول الذي بُنيت عليه منظومة الحكم الحالية وهو مربع التشاور والحوار وصولا الى التوافق بين مختلف الاطراف الشريكة في ظل تمسك كل طرف بموقفه وعدم رغبة أي منهم في تقديم تنازلات.. أزمة الانسجام بدا واضحا ايضا بين الطرفين حول وجود أزمة حقيقية في البلاد، فقد عبر مجلس الشورى في بيانه المذكور عن « انشغاله الكبير بتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانعكاساتها المباشرة على المقدرة الشرائية للمواطن « داعيا الحكومة إلى انفاذ الإصلاحات دون تردد لتجاوز الصعوبات الاقتصادية والضغوطات على المالية العمومية ومقاومة الفساد والتخفيف من وطأة تلك الصعوبات على الفئات الضعيفة والهشة مع ضرورة دعم الاستثمار واستحثاث نسق التصدير والعمل على التحكم في الأسعار. اما بيان حركة نداء تونس فقد عبرت فيه عن «انشغالها بتنامي الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية المتزامنة مع العودة السياسية والاجتماعية والمدرسية وانعكاساتها المرتقبة على السلم الاجتماعي ‹في ظل تواصل استفحال الأزمة السياسية التي وضعت أجهزة الدولة ومؤسساتها في حالة انتظار وشلل››. توافق الى جانب ذلك، تضمنت مواقف الحزبين تأكيدا على ضرورة «التوافق» حيث عبر نداء تونس عن «تمسكه بالتوافق والوحدة الوطنية خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد» وهو ما عبر عنه ايضا بيان مجلس شورى النهضة «تمسّكه بخيار التوافق لتجاوز كل صعوبات هذه المرحلة وتأكيده على ضرورة العمل المشترك مع القوى الوطنية السياسية والاجتماعية لتجاوز الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد..» نوايا الطرفين تجاه الشاهد يعتبر المحللون انه إلى جانب اشتراك النداء والنهضة في تشخيص الازمة وفي الدعوة الى استئناف مشاورات قرطاج 2 وفي التمسك بالتوافق، بدا واضحا ايضا اشتراكهما في الموقف من يوسف الشاهد وحكومته.. فالنهضة سبق ان اشترطت على يوسف الشاهد وحكومته عدم الترشح لانتخابات 2019 إذا رغب في البقاء على راس الحكومة ، وقد ذكر رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني أن «النهضة تدعم ما جاء في النقطة 64 من وثيقة قرطاج والمتعلقة بصيغة الحكومة››. وهو ما ذهب اليه تقريبا بيان نداء تونس ولو بطريقة غير مباشرة من خلال القول «عبرت حركة نداء تونس عن تمسكها بكل نقاط وثيقة قرطاج 2 بما فيها النقطة 64 المطالبة بتغيير حكومي شامل».