نَجح فوزي البنزرتي في التَعامل بشكل جَيّد مع "الفترة الانتقالية" التي يَعيشها منتخبنا الوطني منذ خَيبة المُونديال والانفصال عن معلول وقد تمكّن الفريق في نُسخته الحَالية من اقتلاع بطاقة التأهل إلى ال "كان" وهو مكسب مُهمّ في انتظار الارتقاء بالمَردودية التي مازالت مُتواضعة بإعتراف صَريح من مدرّب المنتخب لأنّ النقائص كبيرة ولابدّ من مُعالجتها لتبلغ عناصرنا الدولية المستوى المنشود. ولاشك في أنّ استرجاع خَدمات العَناصر المُصابة في مُقدّمتها المساكني والخزري وحسّان من شأنه أن يُساهم في تَحسين "الانتاجية" وتَحويل الشّعار الذي رفعه البنزرتي إلى حَقيقة لا مُجرّد كلام للبَيع. ذلك أن الرّجل قال إنه طالب لاعبيه ب"الاستمتاع" بلعب الكرة وامتاع الجمهور بعروض قَوية وهذا الأمر مازال للأسف ضِمن الأماني المُعلّقة والتي نَتمنّى أن نَلمسها على أرض الواقع بداية من اللّقاءات القادمة على رأسها المُواجهة النَارية أمام مصر لحساب الجولة الخَامسة وقبل الأخيرة من التصفيات الافريقية. وَرقة هُجومية جديدة تَكفّل فراس شوّاط بتسجيل هَدفي المنتخب في النّيجر وقد شَكّل مهاجم "السي .آس .آسي" المُفاجأة السّارة في "نيامي" خاصّة أن الفريق الوطني يُواجه منذ فترة ليست بالقصيرة عدّة مشاكل على مستوى مُقدّمة الهجوم نتيجة حالة الفراغ التي يعيشها الخنيسي و"إقصاء" العَديد من الأسماء التي كان بوسعها توفير الحلول البَديلة كما هو شأن الحرباوي والعكايشي... وقد جاء تألّق شوّاط في أوّل مُصافحة رسمية له مع "النّسور" لِيُثلج صُدور الفنيين والمحبين الذين افتقدوا إلى مُهاجم صَريح يتمتّع بحاسّة تَهديفية جيّدة وله الحدّ الأدنى من المُؤهلات التي تُخوّل له خطف الأهداف التي تبقى المَهمّة الأساسية لرأس الحربة وذلك على عكس ما يَدّعيه بعض المدربين في دفاعهم عن المُهاجمين الصَّائمين و " نجوم "الورق عن مُعانقة الشباك حيث يُوهم هؤلاء الناس بأن المُهاجم بوسعه الاكتفاء بتوفير اللّمسات الحَاسمة والقيام بأدوار تَكتيكية بَحتة وهذه النَظرية أتحفنا بها مثلا نبيل معلول لإخفاء الفشل الذَريع ليوهان تُوزغار وهو واحد من عدّة لاعبين وقع تَجريبهم في المنتخب أملا في توسيع دائرة الخَيارات على مستوى مُقدّمة الهجوم. والمُهمّ أن البنزرتي عَثر على ورقة هُجومية جديدة بعنوان فراس شوّاط الذي كان نَاجعا وحَاسما في لقاء النيجر كما أنّ الأداء الطيّب لهذا اللاعب سيساهم في اشعال المنافسة في المنطقة الأمامية وهو ما من شأنه أن يعود بالنّفع على "المَاكينة" التونسية التي لن تَبقى رهن الخنيسي بوصفه العنصر "الفَريد" والوحيد في هذا المركز. ومن المُؤكد أن ثُنائية شوّاط "وَرّطت" الخنيسي و"استفزّته" وما عليه إلاّ أن يَستيقظ من "غَيبوته" ليدافع عن عَرشه في الهُجوم الذي سيكون مُستقبلا من نَصيب الأنجع والأنفع لا الأقدم والأشهر. تَحسّن نِسبي شَهد أداء المنتخب في اللّقاء الثاني ضدّ النيجر تَحسّنا ملحوظا بالمُقارنة مع المردود المُتواضع الذي ظهر به فريق البنزرتي مساء السّبت الفارط ضدّ الخَصم نفسه. وقد كانت التشكيلة المُعتمدة مُتجانسة نَوعا ما وذلك على عكس مباراة رادس حيث لاحظ الجَميع أنّ التركيبة المُراهن عليها آنذاك كانت "مُتنافرة" وبدت الخطوط أيضا مُتباعدة. ولئن تَحرّكت الأقدام التونسية مرّة واحدة يوم السّبت فإنّ "المَاكينة" الهُجومية دارت في مُناسبتين أثناء لقاء "نيامي". والجَدير بالذّكر أن التحسّن الطَفيف في المستوى العَام للمنتخب رافقه انضباط كَبير على الصّعيدين التَكتيكي والسّلوكي وهو ما افتقدناه في مباراة رادس التي سَجّلنا أثناءها تَجاوزات خَطيرة من الشعلالي والصّرارفي. كَابوس الكرات الهوائية بعد أن حافظت عناصرنا الدولية على نَظافة الشباك طيلة المواجهات الثلاث الأولى من التصفيات تمكّن النجير من كسر هذا الصُّمود وبلوغ مرمى بن مصطفى بفضل ركنية استغلّها كما يجب اللاعب "عُومارو" لتَذليل الفارق. عَملية الهدف النيجيري تُعيد إلى الأذهان المُعاناة الكبيرة لمنتخبنا على مستوى التعامل مع الصّراعات الفَضائية والكرات الهوائية التي كانت قد حكمت على تونس بهزيمة مُثيرة أمام أنقلترا في النهائيات المُونديالية. وقد تَكرّر السيناريو نفسه تقريبا عند اخفاق السخيري في ابعاد الكرة بالرأس لتسقط أمام اللاعب النيجيري الذي تَلقّف "الهَدية" وخطف الهدف الوحيد لمنتخب بلاده. "لُغز" بن يوسف التحق فخرالدين بن يوسف بصفوف المنتخب مُحمّلا بإصابة وقد تكفّل الإطار الطبي بمُعالجته ليكون تحت تصرّف البنزرتي في المُواجهة المكرّرة أمام النيجر. وقد ظهر مُحترف الاتّفاق السعودي بوجه شَاحب ليؤكد البعض أن غياب "الفُورمة" مَردّها مُخلّفات الاصابة هذا في الوقت الذي يَرى فيه البعض الآخر أن اللاعب محدود الامكانات ولا يُمكنه تَقديم اضافات نَوعية للتشكيلة التونسية. والثابت أن بن يوسف تلقّى بعد لقاء "نيامي" العديد من الانتقادات ولا نعرف هل أنّه سيصمد في وجه هذه "العَاصفة" أم أنه سيسقط بالضربة القاضية تماما مِثل شريكه الآخر في اللّقب وهو صيام الذي فقد مَكانه بسبب الاصابة ولن يكون من الهيّن أن يسترجع مقعده في محور الدفاع في ظل الانطباعات الجيّدة التي تركها ديلان برون وهو واحد من عدّة أسماء أظهرت استعدادات جيّدة كما هو شأن بن مصطفى في المرمى والحدّادي في الجهة اليسرى وبن عمر في وسط الميدان وشوّاط في المِنطقة الأمامية والسليتي الذي بَرهن في "نيامي" عن لمسته الفنية وقُدراته في صِناعة اللّعب والأهداف كما فعل أثناء عملية الهدف الثاني حيث قَدّم الكرة على طَبق من ذهب لشوّاط ليهزّ الشباك النيجيرية دون أيّة صُعوبات.