من فَجر الاستقلال إلى عَصر القِطارات الخَارجة عن السكة والسُّفن «الحَارقة» للإشارات المُرورية في عرض البحر تَغيّر الزّمن وساءت الأحوال لكن عشق التونسيين للكرة ثَابت لا يَتزحزح حتّى في أيّام المِحن. ومن عَهد ذويب و»عتّوقة» إلى جيل شوّاط والعيّادي تَبدّلت العَقليات في الطيّب المهيري ومركّب القبائلي لكن حبّ «المَريول» الذي تَقمّصه «سَاحر الجيلين» حمّادي العقربي والعِملاق الرّاحل الطّاهر الشايبي لا يَموت. قمّة اليوم في صفاقس ستكون مُناسبة جَديدة ليؤكد الفريقان شَعبيتهما الجَارفة من «باب الجديد» إلى باب بحر الذي يعيش على وقع «الكلاسيكو» الكَبير بين «السي .آس .آس» والافريقي في إطار الجولة الخَامسة من سِباق البطولة التي تَكاد تَنطق لتشهد بما قدّمه أبطال الناديين من عروض كروية أمتعت النّاس لعقود طويلة. موعد مع الفرجة في حُدود الثانية والنّصف بعد الزّوال ستكون الأنظار مَشدودة صَوب الطيّب المهيري أملا في «سَرقة» نصيب من الفُرجة والمُتعة لنسيان الأحزان والهُروب ولو إلى حين من صَخب السياسيين المُتفقين على تَخريب البلاد و»تَجويع» الشّعب المُتسلّح بصبر أيوب والسّاخر من «مَأساته» ب»الضّمار» والفنّ وكرة القدم التي قد تُهدينا اليوم عَرضا فُرجويا بتوقيع «الصّفاقسية» والأفارقة وذلك على ميدان الطيّب المهيري وهو مَسرح اللّعب الجَميل على مَرّ الأعوام. فريق عاصمة الجنوب خَسر الرّهان في كأس العَرب لكنّه أظهر استعدادات جَيّدة في سباق البطولة المحلية خاصّة بعد أن أطاح أبناء «كرول» بالترجيين وأكدوا في العَلن أنّ الجمعية لم تَتأثر بهجرة «النّجوم» طالما أنّ منجم المواهب استعاد تَقاليده المعروفة في التَكوين وهو ركن أساس في «المَشروع» الحَالي للمنصف خماخم الحالم بِتَغيير «المَوازين» واستعادة اللّقب بنفس الربّان الذي كان قد أسعد المُحبين في 2013. وَيقف ال»سي .آس .آس» اليوم أمام فرصة ذهبية ليضيف إلى رصيده فوزا جديدا يُمدّد بفضله أفراح الجماهير ويُحافظ به على موقعه في مُقدّمة المتراهنين على الزّعامة المحلية في انتظار عودة قوية إلى المنافسات الدولية بعد أن تَنضج تجربة زملاء شوّاط الذي شَرّف الجمعية بعد أن أهدى المنتخب وثيقة العُبور إلى الكأس الافريقية وبَرهن أن مدرسة دلهوم وعقيد وعبّاس وقمامدية لن يُصيبها الافلاس. في الطّرف المُقابل من ملعب المهيري يَتحامل الافريقي على أوجاعه ودُيونه ليعود إلى سكّة الانتصارات بقيادة مدرّبه الجديد - القديم شهاب اللّيلي الواعد بقلب المُعطيات واثبات الذّات خاصّة بعد حَملات التَشكيك في «تَكتيك» ابن قرقنة الذي درّب أكبر الجمعيات وتَذوّق حلاوة التتويجات في الأردن و»باب الجديد». الافريقي انفصل عن البلجيكي «ريغا» بالورود وهو تَصرّف حَضاري يعكس القِيم الأصيلة لمَعقل عزّوز لصرم وحمّودة بن عمّار وحمّادي بوصبيع الدّاعم للجمعية بالنّصيحة والمال والحَالم مثل كلّ الأنصار في عودة الروح للحديقة «أ» ولفريق الأكابر الذي كثيرا ما حصد الاعجاب والألقاب رغم المَتاعب والديون التي تُلاحق الفريق من العاصمة إلى الطيّب المهيري حيث «كرول» الذي سيلهف مَبلغا مَاليا ضَخما من الافريقي رغم أن ابن «الأجاكس» لم يُحقّق مع الجمعية أيّ مكسب يَستحقّ الذّكر. «كَابوس» الملاعب بالتوازي مع قِمّة صفاقس، يَتضمّن برنامج اليوم صِراعين آخرين في المَنزه والرديف ويَكمن القَاسم المُشترك بين هَاتين المُقابلتين في «أزمة» الملاعب التي حكمت على «البقلاوة» والمتلوي ب»الهِجرة القَسرية» وهو حال عدة جمعيات أخرى مثل «الهمهاما» وبنزرت... اللّقاء الأوّل سَيجمع بين «البقلاوة» والشبيبة في ملعب المنزه الذي سيكون «المَلجأ» المُؤقّت ل «الستادستية» بعد انهيار جزء من جدار مركب الهادي النيفر وهو من الشخصيات الرياضية المَنقوشة في ذَاكرة أحبّاء الملعب التونسي الذي يعيش فترة زاهية مع مدرّبه الطّموح محمّد المكشر السعيد برباعية الافريقي والباحث عن التأكيد المشروط بمواصلة العَطاء وعدم الاغترار بالنتائج الحَالية. وهُنا تظهر مسؤولية هيئة بن عيسى على مستوى التحكّم في نَشوة الانتصارات التي لم تَعرف لها الشبيبة القيروانية طريقا والأماني مَعقودة على دربال لتَغيير الحَال وإنهاء مُسلسل التعادلات هذا في انتظار نهاية مسلسل آخر أكبر و»أخطر» وهو لُعبة الانتخابات المَمزوجة بالسياسة وأشياء أخرى يَعرفها «القراوة» الذين يَعنيهم أمر واحد وهو انقاذ الجَمعية. في الرديف، قدّم أهل الدّار درسا كبيرا في حُسن الجوار بعد السماح للمتلوي باللّعب في ميدان الرديف لأن «القفاصة» يد واحدة من المظيلة إلى سيدي عيش التي أهدت تونس «الغَزال الأسمر» والبطل الأشهر محمّد القمودي. نجم المناجم استعان بالجار لاستقبال بن قردان إلى حين إنهاء أشغال الصّيانة في المتلوي الذي ينشد الفرار من بُرودة القاع في الوقت الذي يخطّط فيه ضَيفه بن قردان للحصول على صيد ثمين يمنحه المَزيد من الأمان ويُعزّز ثقة المحبين في خَيارات المسؤولين خاصّة بعد القطيعة «الفُجئية» مع أنيس بوجلبان والتَعاقد مع خالد بن ساسي. البرنامج بطولة الرابطة «المُحترفة» الأولى (الدّفعة الثانية من الجولة الخامسة ذهابا) (س14 و30 دق) في صفاقس: النادي الصفاقسي - النادي الافريقي (الحكم يوسف السرايري) في المنزه: الملعب التونسي - شبيبة القيروان (الحكم عامر شوشان) في الرديف: نجم المتلوي - اتحاد بن قردان (الحكم أمير العيادي)