سألته عن الحال فافتكّ مني الورقة والقلم ومنحني مكنسة ثم أجاب الحال زبالة لا يهدأ فيها نبش على مدار الشمس والقمر. قلت افصح إن المزابل أنواع شتى وأخطر النبش فيها نبش مزبلة التاريخ ونبش زبالة البشر فعن أي زبالة وعن أي نبش منهما تتحدث. تنهد كما لو كان صبيا فقد أمه وحليبها مازال بين أسنانه ونظر إليّ وفي عينيه خاطر مكسور وهزيمة نكراء ثم أجاب: الحال نبش للزبالتين في نفس الوقت قلت هات ما في جرابك دلّني قال: في القمة «سادة» ينبشون مزبلة التاريخ ليستثروا يتخذون من الفتنة قفازات ومن العمالة واقيات من الغازات القاتلة ومن أبي لهب مكاسبه ومن قارون ماله ومن فرعون ثروته ومن علي بابا مغارته ومن البايات نهمهم للجباية ومن المافيا محاصيلها وفي القاعدة عبيد ينبشون مزابلنا ليقتاتوا خوفا من الجوع وهم على علم اليقين بأن الموت يترصدهم في المزابل ولكنهم يرون الموت أرحم من مخالب الجوع ومذلة الاستجداء. قلت: ألا توجد للزبالة وزارة ووزير ودواليب وإدارات في كل مكان فلماذا لا يكون هؤلاء النباشون من أنظارها أليسوا هم الأولى بالأجر والوقاية من آلاف العملة في حضائر البيئة أليس هم من ينقون فعلا المحيط من البلاستيك والمواد الصلبة انفجر ضحكا كما لو كان مسك بتلابيب جبة جحا وهو يقول ساخرا: ما أتفهك وما أغباك يا «دغفة» قلت افصح قال: محيط نظيف وسلامة بيئة فمن أين ستعيش الجرذان قلت صدقت انتفض وهو يصيح خذ حذرك وفجأة جاء من افتكّ مني المكنسة وركب عصاها حصانا وسمعت من في القوم ينادي «مبروك هالحصان».