بخبرة قارية تُناهز الخَمسين عاما افتكّ شيخ الأندية التونسية أمس الأوّل في رادس تأشيرة العبور إلى «فينال» رابطة الأبطال الافريقية للمرّة السابعة في تاريخ مُشاركاته في الكأس الأغلى والأقوى في برّ القارة السّمراء. وقد أطاح الترجي ب»غرّة أوت» الأنغولي ليضرب موعدا جديدا من الأهلي المصري المُتأهل إلى النهائي بعد أن أزاح سطيف. وسينزل الترجي ضَيفا على الأهلي يوم 2 نوفمبر قبل استضافته يوم 9 من الشّهر نفسه. فرحة كبيرة كانت فرحة الترجيين بالعُبور إلى «الفينال» الافريقي «هِستيرية» خاصّة أن المُواجهة الأنغولية عَسيرة بل أن مَهمّة فريق الشعباني كانت في فترة من الفترات شبه مُستحيلة بما أن ضيف «المكشخين» دخل اللّقاء مُتقدّما بهدف سجلّه في «لواندا» وقد تَعقّدت الأمور أكثر بعد أن «صَدم» زملاء «جيرالدو» الجميع بهدف ثان منذ الدقائق الأولى من لقاء الاياب في رادس. والحَقيقة أن الترجي كان في حاجة إلى أعصاب من حديد وهُجوم من نار لإحياء الآمال وانقاذ الحُلم القاري وقد كان الفريق في مستوى الانتظارات وتمكن من تحقيق شبه «مُعجزة» بتسجيله لرباعية كَاملة تَناوب على توقيعها البلايلي واليعقوبي والجويني والبدري وهو صاحب الهدف الحَاسم بما أن الخصم زار شباك الجريدي في ثلاث مناسبات بين الذهاب والايّاب وهو ما يمنحه وثيقة التأهل بفضل «الامتياز» المتعلق بالأهداف المُسجلة خارج الديار. هذا السّيناريو «الهيتشكوكي» ضَاعف الفَرحة الترجية التي عاشها 40 ألف «مكشّخ» في رادس لتمتدّ في مرحلة مُوالية نحو ربط الحَلفاوي وتَجتاح بقية الجهات الداخلية العاشقة للأزياء الذهبية المُحتفى بها أيضا في الخارج وتحديدا في العاصمة الفرنسية باريس حيث احتلّ روّاد «خلية» أحباء النادي الساحات العامّة والفضاءات التجارية ليعيشوا هذه اللّحظة الاستثنائية في أجواء تُونسية بَحتة. الاحتفالات الترجية بهذا المَكسب كانت واسعة لأنّ العُبور جاء بعد «غَصرة» كبيرة. كما أن هذا الترشّح يكتسي أهمية بَالغة بالنظر إلى توقيته وقياسا بالظّرف العَام في الحديقة «ب». ذلك أنّ الفريق تخلّى عن خدمات مدربه الأوّل عشية المُواجهة الأنغولية في رادس كما أن جماهيره تُعلّق آمالا عريضة على النسخة الحالية من رابطة الأبطال لاستعادة الزّعامة الافريقية في مَوسم المائوية. مُجازفة ناجحة تَحتاج كرة القدم أحيانا إلى المُغامرة والمُجازفة وهذا ما فعلته إدارة المدب في تعاملها مع الفترة الصّعبة التي عاشتها الجمعية منذ الإطاحة بالنّجم في سباق رابطة الأبطال. هيئة الترجي استشعرت الخَطر وسارعت بالانفصال عن بن يحيى يوم 9 أكتوبر: أي قبل 14 يوما فحسب من المواجهة المصيرية أمام «غرّة أوت» والأصعب من ذلك أن أصحاب القرار لم يستنجدوا بأحد «الشيوخ الكِبار» للإشراف على الجمعية في هذه المحطّة المفصلية وإنّما راهنوا على المساعد وهو في سن السابعة والثلاثين ومازال يتلمّس خطواته الأولى في عالم التدريب. والكلام عن معين الذي راهن على دعم المُحبين وردّة فعل اللاعبين ليقتلع ورقة التأهّل وينتصر كذلك لنفسه ول»رئيسه» بعد أن منحنه فرصة العمر خاصّة أن أيّة نتيجة عَكسية كانت سَتورّط الجميع. الترجي لم يُقدّم عرضا كرويا كبيرا أمام «غرّة أوت» كما أن المدافعين والحارس رامي الجريدي وقعوا في أخطاء لا «تُغتفر» لكن النتيجة الخِتامية كانت ايجابية وتأهّل الفريق إلى «الفينال». وهذا ما أسعد الأحباء المُرتاحين لأداء عدة أسماء على رأسهم بن محمّد و»كوم» في انتظار المزيد من التحسينات لتكسب الجمعية المُواجهة النارية و»الثأرية» ضدّ الأهلي. دعم الجمهور لعبت الجماهير الصّفراء والحمراء دورا بارزا في نجاح الترجي خاصّة بعد رابطت لعدّة أيام في التدريبات وتَحوّلت بالآلاف إلى رادس لتُوفر الدّعم المعنوي للجمعية وتدفعها بالقوّة نحو «الفِينال» الافريقي. جماهير الترجي كانت رائعة وحَاسمة في لقاء رادس وذلك رغم إصرار فئة صَغيرة من الأحباء على عزف النّشاز بعد أن أيقظوا «حروبهم» القديمة على الزعامات الفارغة وعادوا إلى «مَعاركهم» المُملّة مع الجهات الأمنية وقد شكّلت هذه الأحداث نقطة سوداء في ليلة سعيدة وكان من المفروض أن تكون استثنائية على كلّ المستويات. ومن المعروف أن هذه الصّراعات أصبحت خُبزا يوميا في العديد من الجمعيات التونسية «الكبيرة» وحتى «الصّغيرة» لكن هذا لا يَعني السكوت عن هذه الظاهرة الخَطيرة والتي عادة ما تُفرز خسائر جسيمة.