تونس (الشروق) توصف مدينة الثقافة، على انها «شعلة» الثقافة التونسية، وهووصف لايمكن لاي زائر الى هذه البناية العملاقة الا ان يصدقه، طالما ظل النطاق الذي يتجول به منحصرا داخل البناية، اما اذا تجاوزت اقدام الزائر هذا النطاق فانه سيكتشف الوجه الاخر لهذه المدينة، حيث ان اكواما من مادة الالمنيوم والقصدير، منتشرة خلف البناية، وجزء منه صدأ فشوه هذه المدينة التي اعتبرت صرحا تونسيا بمواصفات عالمية. حين تتجول وسط مدينة الثقافة يلفت انتباهك، انها من اكثر المؤسسات العمومية التي جرى تشيدها باموال طائلة، لكن هذه الاموال لا يظهر اثرها الا وسط المدينة واما ضواحيها فحالتها يرثى لها خاصة في ما يتعلق بتخليصها من شوائب بقايا الاشغال التي خربت جمالها ورونقها المعماري. أكوام من الألمنيوم والقصدير الوضعية المزرية للمظهر الخارجي الخلفي، لهذه المدينة جعل البعض من الذين يغيرون على صورة بلادنا، وعلى الثقافة التونسية يعتبرون ذلك بمثابة الفضيحة، خاصة ان هذه المدينة الثقافية تستقطب العديد من الزوار والفنانين والمثقفين من دول عربية واجنبية، وتلك المزابل التي تركت خلف البناية ستترك صورة سئية عن الثقافة التونسية اولا وعن تونس ثانيا. ورغم ان السمعة الواسعة، التي حظيت بها مدينة الثقافة كوجهة ثقافية تونسية ذات اشعاع عربي وافريقي، الا ان مظهرها الخارجي لم يستجب الى مستوى تلك السمعة، فهواهتمام مزيف انحصر بواجهة البناية، لكن واجهتها الخلفية بقيت مهملة، وتستوجب اتخاذ الاجراءات اللازمة ورفع تلك الاكوام حفاظا على صورتها وسمعتها. إجراءات عاجلة ولمعرفة مآل تلك المواد، اتصلت «الشروق» بمدير ادارة البناءات بوزارة الشؤون الثقافية لطفي بكار، الذي اكد ان لا علم له بتفاصيل الملف، ما عدا انه سيتم فتح طلب العروض لبيع هذه المواد خلال الايام القليلة القادمة. كما افاد مصدر مطلع بوزارة املاك الدولة ل»الشروق» ان الوزارة تلقت بتاريخ 22 اكتوبر 2018 مراسلة من قبل وزارة الشؤون الثقافية، قصد التفويت في تلك المواد، وتابع نفس المصدر انه تم تعيين خبراء لتحديد قيمة تلك المواد ونوعيتها وأن اللجنة سوف تنجز اختبارها اليوم على أقصى تقدير ومن المنتظر نشر طلب العروض بالصحف لبيع تلك المواد خلال الفترة القادمة. تعيين خبراء من جهة أخرى، افادت مديحة الزغلامي مديرة الادارة الفرعية للمعدات بوزارة الشؤون الثقافية ان الوزير محمد زين العابدين، خصص صباح امس الاول جلسة عمل حول هذا الملف، واشار خلال الجلسة الى ضرورة تنظيف المكان المحاذي للمدينة في أسرع وقت ممكن. وتابعت محدثتنا ان تلك المواد هي على ملك الدولة، وانه لا يمكن التصرف فيها بطريقة عشوائية، وان العملية تخضع الى جملة من الاجراءات القانونية والادارية. واكدت الزغلامي ان تلك المواد سيتم بيعها على عين المكان تفاديا لمحاولات سرقتها، إذا تم تحويلها من ذلك مكان، مشيرة الى انه تم تعيين خبراء لمعاينة المواد واعداد تقرير مفصل يحمل نوعية المواد واسعارها وقيمتها، ثم يتم فتح طلب عروض من طرف وزارة املاك الدولة للتفويت في تلك المواد بصفة مستعجلة. واضافت محدثتنا انه تم اتخاذ كل الاجراءات المعمول بها ليتم بيع هذه المواد عن طريق اجهزة الدولة، مضيفة ان الخبراء سيتنقلون اليوم على عين المكان لمعاينة المواد وتقديم تقرير مفصل حولها. وللاشارة فان مدينة الثقافة تمتد على مساحة 9 هكتارات، في قلب العاصمة التونسية، وقد تم تشييدها على الموقع السابق لمعرض تونس الدولي، وهي تطل على شارع محمد الخامس. وتجدر الاشارة الى ان تكلفة المشروع قدرت بحوالي 150 مليون دينار، ومن شانه ان يساهم في دعم التموقع الثقافي لتونس دوليا حتى تكون عاصمة الثقافة العالمية، تستقطب صناع الفكر والفن والابداع والسينما.وتكون فضاء للتجارب والبحوث الفنية وللتكوين والانتاج والنشر مما قد يساهم في خلق استثمارات في المجال الثقافي. لمحة تاريخية انطلقت اشغال مدينة الثقافة بصفة رسمية سنة 2006 على يد شركة مقاولات تشيكية، ثم توقفت في 2008، وكان من المفروض أن تعود سنة 2009، لكن مع ارتفاع أسعار معدات البناء، طالبت شركة المقاولات بالترفيع في الكلفة وفسخ العقد الأول، وهوما لم توافق عليه السلطات انذاك. وفي سنة 2011 ، بلغت تكلفة المشروع 75 مليون دينار تونسي، وتبقى مبلغ يتراوح بين 12 و15 مليون دينار لإنهاء الأشغال. تبلغ ميزانية المدينة المبرمجة سنويا حوالي 8 مليون دينار تغطي طاقة تشغيلية تناهز 400 موظف. إثر الثورة التونسية في 2011، توقفت الأشغال، وكان من المحدد أن تنطلق في سنة 2014 بعد توقيع اتفاق بين وزارة الثقافة والشركة المسؤولة على الأشغال. إلا أنه في سنة 2015، وقع إلغاء الصفقة مع الشركة المكلفة بالأشغال بسبب خرق الالتزامات التعاقدية. واستأنفت الأشغال مرة أخرى في 27 مارس،2016 وفي 20 أكتوبر 2017، زار رئيس الحكومة يوسف الشاهد مدينة الثقافة وأعلن على أن الأشغال تقدمت بنسبة 80%، ليتم افتتاحها بصفة رسمية يوم 21 مارس 2018. 9 هكتارات هي المساحة الجملية لمدينة الثقافة 3 هو عدد قاعات السينما 1800 هو عدد مقاعد قاعة الاوبرا 150 مليون دينار هي تكلفة المشروع 50 ألف متر هي المساحة المغطاة للمدينة 400 موظف هي الطاقة التشغيلية لمدينة الثقافة