قليلة هي المناسبات التي يحتفل فيها التونسي بطبق ينفرد به عن بقية شعوب العالم. لكن عصيدة «الزقزقو» هي ضمن الأطباق الخاصة التي لا تجد نكهتها إلا في تونس. لكن يبدو أن المضاربين والمحتكرين لم يغفلوا حتى في ذكرى المولد النبوي عن إفساد نكهة هذا الاحتفال وسكب المرارة في «الصحفة» الشهيرة للتونسيين. وليس «الزقزقو» مجرد ترف أو كمالية يحتفل بمذاقها «الميسرون» كما يذهب إلى ذلك البعض، فهذا الطبق كان منذ قرون مخصصا للفقراء. حيث تم استغلال أشجار الزقزقو لإعداد العصائد ايام الخصاصة وفي ايام عمت فيها المجاعة، وجاع التونسيون. لكن وكعادة المحتكرين سرعان ما يتحول طبق الفقراء ونكهة سعادتهم البسيطة إلى طريق يتم تعبيده كي يتحول إلى طريق للاستثراء. ارتفاع الأسعار هذا العام كان مستفزا، لكنه ليس باستثناء، فقد تعود التونسي أن تتم المضاربة بالمنتجات التي يستهلكها ويتعودها، لكن ووسط نيران الاسعار، برزت عادات جديدة للمستهلك بينت «نضجا» مفاجئا. فالتونسي اليوم دخل طريق مقاطعة كل من يتلاعب بجيبه أو يحاول استغلال «شهواته». ولعله بذلك قد قام بمعالجة من إدمان «عاداته». لكن نضجه هذا لا يعفي المسؤولين من مقاومة المحتكرين، ولا نقطع نكهة التونسيين.