تم بمناسبة التحوير الوزاري الأخير إحداث وزارة للوظيفة العمومية وتحديث الإدارة والسياسات العمومية. وزارة جديدة ستتجه إليها الأنظار مستقبلا بالنظر الى أهمية الدور المنتظر منها. وهو النهوض بقطاع الإدارة. تونس (الشروق) ليست المرة الأولى التي يتم فيها تخصيص وزارة للشأن الإداري والوظيفة العمومية في تونس. فهذه الوزارة موجودة منذ سنة 1980. وتداولت عليها عديد الأسماء. وتم تغيير اسمها وشكلها أكثر من مرة، تارة وزارة مستقلة بذاتها وطورا كتابة دولة وفي الأخير إدارة تابعة لرئاسة الحكومة ( سنة 2017) قبل أن تعود من جديد على شكل وزارة بمناسبة التحوير الوزاري الأخير. وطيلة حوالي 30 عاما لم يلمس التونسيون دورا لافتا للنظرلهذه الوزارة (أو كتابة الدولة) خاصة على مستوى تطوير عمل الإدارة والقيام بالإصلاحات الضرورية المطلوبة في مجال الوظيفة العمومية والحوكمة . فقد ظل الإصلاح الإداري مطلبا مُلحّا للتونسيين. ونادى به الخبراء والمختصون. وربطوا بقية الإصلاحات في مختلف المجالات، بما في ذلك المجال الاقتصادي والمالي للدولة والشأن الاجتماعي والمعيشي ، بضرورة اصلاح الادارة أولا وقبل كل شيء. التسمية الجديدة لهذه الوزارة هي « وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة والسياسات العمومية». وكُلّف بها الوزير السابق للدفاع والخارجية كمال مرجان. وقد حافظت هذه التسمية على مهمة « الوظيفة العمومية» غير أنها تضمنت مهمتين جديدتين. وهما «تحديث الإدارة « و»السياسات العمومية». وقد تزامن إحداثها مع تحوير وزاري تعددت حوله الانتظارات ومنها بالخصوص تطوير أداء الإدارة التونسية وتحسينها والقيام بالاصلاحات الضرورية فيها. بيروقراطية في السّنوات الأخيرة، ورغم أن الإدارة التونسية حافظت على تماسكها ( خاصة خلال فترة الثورة وما رافقها من فوضى في كل المجالات). وحافظت على نسق محترم في تقديم الخدمات الإدارية للأفراد وللمؤسسات وعلى ضرورة احترام وتطبيق القانون والإجراءات والضوابط الادراية المختلفة وعلى احترام مؤسسات وهياكل الدولة، إلا أن أشياء كثيرة ظلت تنقصها جعلت العمل الإداري لا يرتقي إلى مستوى الجودة المطلوبة المعمول بها في أغلب دول العالم. من ذلك مثلا الحفاظ على الطابع البيروقراطي المتشدد الذي لا يقبل التعامل المرن ويساهم في إضاعة وقت طويل على طالبي الخدمات الإدارية ويعطل في غالب الأحيان التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويبرز ذلك خاصة بمناسبة استخراج بعض الوثائق الإدارية أو عند التقدم بمطالب الحصول على التراخيص المختلفة فضلا على تراجع جودة منظومة الاستقبال في الإدارات. وهو ما يتسبب في متاعب عديدة للمواطن وللفاعلين الاقتصاديين. إدارة قديمة من النقائص الملحوظة أيضا في عمل الادارة التونسية التمسك بآليات ووسائل عمل تقليدية وقديمة وعدم وجود رغبة حقيقية في التوجه نحو التحديث الالكتروني والرقمنة والتخلي التدريجي عن العمل بالوثائق الورقية التي تتسبب في تعطيلات كبرى وتستنزف ميزانيات كبرى من الدولة مخصصة لشراءات الورق والحبر والآلات الطابعة ومن المواطن عند إتمام الاجراءات المطلوبة منه.. وكل ذلك قد يقع تلافيه مع المهمة الجديدة لهذه الوزارة ( تحديث الإدارة) لكن شريطة توفر إرادة سياسية واضحة لذلك وتوفر رغبة لدى كبار المسؤولين القائمين على العمل الإداري في مختلف الإدارات حتى لا يعطلوا كل توجه اصلاحي تحديثي. إغراق الوظيفة العمومية من جهة أخرى لم تلعب هذه الوزارة الدور المطلوب منها من حيث انقاذ الوظيفة العمومية من التوظيف السيئ على غرار الانتدابات العشوائية والانتدابات غير الضرورية ( وجود فائض من الموظفين في بعض الادارات مقابل نقائص فادحة في إدارات أخرى) وانتداب غير الاكفاء اعتمادا على المحسوبية. وسبب ذلك هو النقص الآخر الذي تعاني منه الإدارة. وهو ضعف الرقابة على العمل الإداري وعلى التصرف المالي في بعض الإدارات وضعف الحوكمة وعدم وجود إرادة سياسية حقيقية لاصلاح الإدارة. وهو ما سهل انتشار الفساد في بعض الإدارات. سياسات عمومية ستكون «السياسات العمومية» من بين مهام هذه الوزارة الجديدة الى جانب الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة» غير ان هذا الدور – بحكم ثقله وما يحتاجه من عمل كبير- قد يساهم في إضعاف أداء الوزارة في الدورين الآخرين. فالسياسات العمومية مفهوم شاسع يُقصد به كل القرارات الحكومية التي تحدد وترسم التوجهات المتعلقة بكافة مجالات حياة المواطن وتنفذ أهداف الحكومة. لذلك فهي تحتاج لوحدها هيكلا خاصا بها يكون قائم الذات ويعمل بالتعاون مع مراكز التفكير ومع الخبراء في مختلف المجالات. من 1980 إلى 2018 تعددت التسميات والأسماء .. لكن 1980: وزير معتمد لدى الوزير الأول مكلف بالوظيفة العمومية والإصلاح الإداري: منصور السخيري 1987: وزير معتمد لدى الوزير الأول مكلف بالوظيفة العمومية: حسين الشريف 1991 كاتب دولة لدى الوزير الأول مكلف بالإصلاح الإداري والوظيفة العمومية : صلاح الدين الشريف 1999 كاتب دولة لدى الوزير الأول مكلف بالإصلاح الإداري والوظيفة العمومية : عبد الحكيم بوراوي 2004: وزير معتمد لدى الوزير الأول مكلف بالوظيفة العمومية والتنمية الإدارية: زهير المظفر 2014: كاتب دولة لدى رئيس الحكومة مكلف بالحوكمة والوظيفة العمومية: أنور بن خليفة (حكومة مهدي جمعة) جانفي 2016 وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد : كمال العيادي(حكومة الحبيب الصيد) أوت 2016 : وزير الوظيفة العمومية والحوكمة: عبيد البريكي (حكومة يوسف الشاهد ) مارس 2017: وزير الوظيفة العمومية والحوكمة : تعيين خليل الغرياني لكنه رفض المنصب. فقرر رئيس الحكومة إلغاء الوزارة وإلحاق إداراتها برئاسة الحكومة التونسية. نوفمبر 2018: وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة والسياسات العامة : كمال مرجان( حكومة يوسف الشاهد).