حراك كبير يعيشه حزب النداء بعد أن اختار مغادرة الحكومة إلى المعارضة… هذا الحراك استغله البعض في دعوة جميع الندائيين الغاضبين إلى العودة ولكن هل انطلقت الخطوة الصحيحة في طريق إنقاذ الحزب فعليا حتى يلتف به جميع أبنائه؟. تونس الشروق: «هناك محاولات لإصلاح الحزب من الداخل ستنطلق بتنظيم مؤتمر توحيدي ديمقراطي حقيقي (...) مفتوح لكل من يهمه شأن نداء تونس» هذا ما قاله النائب عن كتلة نداء تونس فيصل خليفة قبل أن يضيف مؤخرا عبر إذاعة تطاوين أن الحزب لن يتبع «سياسة الإقصاء وكل من غادر النداء بإمكانه العودة من خلال المؤتمر وعلى أسس صحيحة». الدعوة ذاتها وردت أيضا على لسان القيادي بوجمعة الرميلي الذي توجه خاصة إلى قواعد الحزب السابقين حاثا إياهم على «العودة إلى حزبهم لإنقاذ مساره» وفق تعبيره في الندوة الصحفية التي عقدتها الهيئة السياسية مؤخرا. هذه الدعوات لم تأت من فراغ فرغم الكم الهائل من المشاكل والمصائب والقرارات الموجعة الصادرة عن النداء… هناك بارقة أمل أمام الندائيين متأتية من الحراك المهم الذي يعيشه هذه الأيام فأين تبدو منافعها على النداء وأبنائه؟. خطوة صحيحة إعداد لجنة تعنى بالإعداد لمؤتمر وصفه البعض بالديمقراطي والنزيه والشفاف وغير الإقصائي... والتوافق حول رئيسها (رضا شرف الدين) وتحديد رزنامة عملها وتثبيت موعد جديد للمؤتمر واستكمال تركيبة الهيئة السياسية التي جمعت بين المتخاصمين والشروع في دراسة مطالب الاندماج الصادرة من بعض الأحزاب (قيل أنها صادرة عن أربعة أحزاب). في النداء خلاف حول توجهات الحزب وقراراته التي تتخذها قيادة لا يحظون بالإجماع ولا يستشيرون خصومهم ولا يملكون شرعية انتخابية ما يجعل كل خطوة تقرب من الهاوية مهما بدت فوائدها النظرية. لهذا يمكن لكل ندائي أن يأمل في قيادة جديدة تستمد شرعيتها من صندوق الاقتراع بغض النظر عن هويات أصحابها وتتكلم بلسان من انتخبوها من الندائيين وتتخذ القرارات المتزنة باسمهم… وتكون قادرة على استيعاب الأحزاب الجديدة الراغبة في الاندماج. هي خطوة أولى صحيحة في الطريق الصحيح بإمكانها أن تنقذ ما تبقى من الحزب أولا وأن تقويه وتشحنه وتعيده إلى مكانته الأولى ثانيا ولكن هل إن هذا كله مضمون؟. غياب الضمانات مصيبة نداء تونس الأولى والأساسية في استهانته بعقد مؤتمره ولهذا فإن الاتفاق حول موعد معلوم لعقد هذا المؤتمر وتوفير الضمانات لإنجاحه خطوة مهمة جدا لكن هناك فرق بين الأمل والسراب. فتحديد أواخر فيفري القادم موعدا للمؤتمر لا يعد إنجازا لأن الحزب بات يحدد في السنة الواحدة عشرات التواريخ لمؤتمره بل إن الهيئة السياسية اتفقت خلال جويلية الماضي على عقده خلال سبتمبر الماضي ثم تم التأجيل إلى ديسمبر ومنه إلى جانفي ومن غير المستبعد أن يتم التأجيل مرة أخرى إلى ما بعد فيفري القادم دون أن يكتب له أن يرى النور. الأدهى أن المؤتمر السابق الذي تم عقده في سوسة لم ينقذ النداء ولم يجمّع أبناءه بل زاد في التفريق بينهم ما أدى إلى انشطار الحزب وتتالي انقاساماته. والأخطر أن البعض يتحدث اليوم عن ضمانات لمؤتمر ديمقراطي وغير إقصائي لكن هذه الضمانات غير ملموسة ولا محسوسة ومن غير المستبعد أن تركب القيادة الحالية على الحدث لتحقق مآربها فقط. وضعية الشاهد لا يمكن الحديث عن ضمانات دون توافق جميع الندائيين حول الاشتراكات الحزبية ومن يحق لهم حضور المؤتمر والترشح لمناصبه والمشاركة في التصويت بالإضافة إلى تحديد المسموح لهم بالعودة والمشاركة: هل هم المستقيلون جميعهم أو بعضهم؟ والمطرودون كلهم أم فئة منهم؟. الأهم هو التعجيل بالنظر في وضعية من تم تجميدهم بقرار مثير للجدل والخلافات داخليا كوضعية رئيس الحكومة يوسف الشاهد إذ لا ننسى أن هناك مجموعة من التنسيقيات تصر إلى اليوم على ضرورة رفع التجميد عنه قبل الخوض في أي قرار آخر حتى إذا تعلق بعقد المؤتمر. النداء مهمش حاليا فلا هو في الحكومة ولا هو قادر على المعارضة جراء تباين الآراء داخل كتلته بصفة خاصة وداخل الحزب بصفة عامة ولا مفر من عقد المؤتمر لتجميع الآراء وتحصين القيادة بالشرعية الانتخابية لكن تهاونا ولا بسيطا في شفافيتها وشموليتها ونزاهتها قادرة على إفشال المؤتمر والقضاء على ما تبقى من النداء.