يمثل سكان المناطق الريفية بجندوبة 72 % من جملة سكان الولاية البالغ عددهم 401 ألفا 47 % منهم يقطنون المناطق الحدودية في ظروف عيش قاسية تآمرت فيها عليهم الطبيعة والفقر والبطالة وزادتها العزلة المفروضة قسرا سوءا على سوء. جندوبة «الشروق»: وتعيش عديد المناطق من أرياف غار الدماءوفرنانةوعين دراهم النائية واقعا صعبا للغاية ولعل أسوأها حظا هي منطقة «الغرة» التي تبعد عن مركز المدينة ما يقارب 40 كيلومترا ونفس الشيء لمنطقتي حليمة وبوحلاب من معتمدية فرنانة اللتين تبعدان 35 كم عن مدينة فرنانة، وجبل دينار والزويتينة واولاد ضيف الله والتي تبعد جميعها حوالي35 كم عن مدينة عين دراهم وسط عوامل مناخية قاسية وتضاريس صعبة وهما عاملان طبيعيان اشتركا في تعميق المأساة وكبر حجمها لدرجة لا تطاف، هذه العوامل ساهمت في عدة وفيات لمرضى لم يستطيعوا الوصول الى المستشفيات، ونذكر على سبيل المثال عجوز الثمانين حيث تطلب وصول الهلال الأحمر اليها أكثر من ثلاث ساعات بين المسالك، ولعل قتامة المشهد تتعاظم في عملية نقل حارس الغابات لدفنه بأرياف غار الدماء وسط الاوحال والسيول الجارفة التي عجز حتى الجرار المستعمل في نقل الفقيد عن مقاومتها في مشهد سجله التاريخ لكن لم يأخذه المسؤولون بعين الاعتبار. عزلة تامة... أمام غياب تعبيد الطرقات والمسالك يضطر المتساكنون من عمال وطلبة وتلاميذ حسب تاكيدات المواطن منجي فقيري إلى قطع مسافة كيلومترات للوصول إلى الطريق المعبدة والمدن في أغلب الأحيان على القدمين أو على الحمير والبغال ولمن يرغب في امتطاء سيارة فعليه أن يستعمل إما «الباشي» أو «الايسوزي» في سفرة يتكدس فيها البشر مع الحيوان بأعداد تفوق الخيال، وقد سبب هذا الواقع في حادث مرور منذ ثلاثة سنوات حين انقلبت سيارة تقل 35 تلميذا بالمدرسة الإعدادية ذهب ضحيتها طفل في عمر الزهور (15 سنة) وجرح 13 آخرون جروحا متفاوتة الخطورة... وقد أكد المواطن احمد المزريقي صعوبة تحصيل الخدمات الصحية جراء رداءة المسالك وبعد مراكز رعاية الصحة الأساسية والمستشفيات المحلية والجهوية فيضطر أهل المرضى لنقلهم على ظهور البغال والحمير في معاناة كبيرة وهذا الواقع يشترك في فصول معاناته عديد المناطق الريفية الحدودية بجهة جندوبة. صعوبات نقل المنتوج... تنقل سكان المناطق الحدودية محفوفا بالمخاطر والصعوبات في مسالك ملتوية وجبلية تتحول شتاء إلى أوحال فتعزل عديد المناطق وتتعطل مصالح المواطنين عملا ودراسة وحتى من الناحية الغذائية حيث يصعب تحصيل المواد الغذائية جراء العزلة وانقطاع الطرقات وكذلك الحال بالنسبة لوسائل التدفئة. وكما تشكل رداءة المسالك هاجس الفلاحين وخاصة بالمنطقة السقوية التي تمسح حوالي 40 ألف هكتار مما حال دون نقل المنتوج حيث أكد عادل غريبي فلاح بسوق السبت أن أكثر من 60 % من المسالك الفلاحية بالمناطق السقوية رديئة وتسبب مشكلة للفلاح في نقل الإنتاج والأدوية والبذور والعمال وكل مستلزمات العملية الفلاحية وهي مسألة تتطلب تدخل الدولة ممثلة في وزارة الفلاحة والتجهيز لصيانة هذه المسالك حتى تعود صالحة للاستعمال وتخفف من مشاكل الفلاح. أولوية للمناطق الحدودية من جانبه أكد المعتمد الاول للولاية رشيد بن مصباح أنه يتم سنويا تمكين المناطق الريفية الحدودية خاصة بمعتمديات فرنانةوغار الدماءوعين دراهم من مشاريع عن طريق المجلس الجهوي وتتعلق بتهيئة المسالك وايصال الماء الصالح للشراب حيث تم خلال الصائفة تهيئة 14 عينا طبيعية لتمكين المتساكنين من الماء الصالح للشراب في انتظار الاستغلال الكلي لمشروع المحاور الكبرى. كما تم ادراج عدد من الطرقات والمسالك لفك عزلة الارياف وتيسير ظروف التنقل وخاصة المسالك الحدودية بين غار الدماءوفرنانة : حليمة _ الحوش (فرنانة) _ القلعة _ المعدن (غار الدماء)_ الزويتينة _ الرويعي _ أولاد ضيف الله (عين دراهم) لفك عزلة هذه المناطق الحدودية حيث تم بمعتمدية عين دراهم تهيئة 13.2 كلم، 12 كلم بمعتمدية طبرقة، 4.8 كلم بمعتمدية بلطة بوعوان و6.5 كلم بمعتمدية وادي مليز وكذلك و7.4 كلم بمعتمدية غار الدماء. كما تم تهيئة 14.8 كلم بمعتمدية فرنانة ليكون المجموع بكامل الولاية 92.2 كلم بكلفة جملية مقدرة ب 17.936 مليون دينار هذا اضافة لبرنامج تكميلي لتهئة 31.9 كلم بقيمة 8.103 مليون دينار. أرقام ودلالات 92.2 كلم من المسالك تم تهيئتها 72 في المائة من السكان في الارياف 47 في المائة من السكان في المناطق الحدودية