ترى القاصة والشاعرة علياء رحيم ان تونس تعيش كارثة حقيقية منذ ثماني سنوات فقدت فيها المعاني والقيم ولم تعد اللغة قادرة على وصف القاع الذي سقطنا فيه . تونس - الشروق علياء رحيم قاصة وشاعرة برزت كصوت متفرد يكتب قصيدة النثر ويحافظ على جملة سردية ذات نبرة شعرية عالية ، لا تظهر إلا نادرا مقلّة في النشر وهي من القلائل الذين لا يستسهلون الكتابة ولا يعتبرونها نافذة للشهرة او الحضور الاستعراضي كما تدرك ان الكتابة هي الخسران المبين . الشروق إلتقتها في هذا الحوار . هل اختطفت الإذاعة علياء رحيم القاصة؟ بصدق لا ادري..كل ما اعرفه انني بعد عمر من الإذاعة والكتابة اجدني كالمحارب المنهك اجلس في خلاء روحي واسال كيف صدقت احلامي الطائشة وانسقت وراءها بروح خطاف ولم الحظ ولو لبرهة انني فقط كنت على امتداد كل هذه السنوات احلّق بين هاويتين مفخختين بكم هائل من الإحباطات . كنت من الاصوات النسائية الاولى في الثمانينات وخلافا لبنات جيلك لم تصدري رواية الى حد الآن؟ بدات بكتابة القصة القصيرة ومازلت وساظل ، وهي شكل ادبي صعب مستقل بذاته له شكله ومضامينه وتقنياته الخاصة وعلى عكس ما يتصور البعض القصة القصيرة لا تقل اهمية عن الرواية، هي ايضا تحوي العناصر الاساسية لتقنية الرواية ولكنها تاتي بشكل مركّز وومضي وهنا تكمن الصعوبة. وما يجعلني انحاز دائما لهذا الجنس الادبي هي مساحة الحرية التي يمنحها هذا الفضاء للكاتب والتي قد تجره الى نوع من الإنفلات الفني الجميل الذي يفتحه بدوره على عالم فن التجريد، وانا الآن اشتغل على مجموعتي القصصية القادمة وبصدق لست متحمسة لنشرها رغم انها شبه جاهزة . كيف ترى اليوم علياء رحيم المشهد الادبي؟ علاقتي بالمشهد كعلاقة الجالس على سفح جبل الحياة ، اتابع في وجع تفاصيله من سجالات اهله وتناحرهم على صفحات التواصل الإجتماعي ولكن عموما المشهد الادبي شانه شان الوضع العام للبلاد ، مشهد يتمدد وينكمش بين الحدود القصوى للإبداع والإستسهال .هناك انتاجات غزيرة ولكن النصوص الهامة تظل محدودة، وقليلة هي الاسماء التي استطاعت ان تكتب بوعي عن مرحلة ما بعد 14 جانفي وان تصالح بين القارئ والكتاب وبالاخص ان تثمّن دورالادب والاديب في مجتمع اصبح القاع فيه سطحا والبذاءة عنوانا. حزت على جوائز مهمة منها جائزة الكريديف لكن صوتك القصصي ظل خافتا هل هو اختيار منك ام هي لعنة المهنة الإعلامية؟ ارجو ان اعود ذات يوم في مساحة اخرى للحديث عن لعنة المهنة الإعلامية اما عن صوتي القصصي الخافت اعترف انني منذ 14 جانفي مررت بمواقف صادمة اربكت علاقتي بكل القيم التي نشات عليها بما في ذلك نبل الكتابة وانا الآن اشبه الى حد كبير تلك الصورة التي كتبها درويش في قصيده›› ارى شبحي قادما من بعيد ‹›والتي تقول : اطل على الريح تبحث عن وطن الريح في نفسها.كما اعترف انني لم اعد متحمسة للنشر ونصوصي الجديدة وان كنت اشتغل عليها كثيرا الا انني غير راضية عنها واشعر ان لغتي ظلت عاجزة امام كل هذا الدمار الذي تمر به الإنسانية. كتبت قصيدة النثر وشاركت في مهرجانات اوروبية مهمة كيف تضعين نفسك بين الشعر والسرد؟ انا بنت الفكرة وهي من تحدد لي جنس الكتابة وانا محظوظة بهذا القدر لكونه يجعلني في حالة متحركة ومتجددة . لماذا لا نرى علياء رحيم في الملتقيات الادبية هل هو تكبّر ام اقصاء او كلاهما؟ لا هذا ولا ذاك ..كل ما في الامر انني بالاساس شخص انطوائي والحضور المكثف ليس طموحا بالنسبة لي والكتابة عندي هي بمثابة الشال الذي احتمي به من صقيع الحياة والبيت الذي اهرب اليه كلما استشرت من حولي مظاهر الإفتراس الآدمي . بعد ثماني سنوات من «الثورة» كيف ترى علياء رحيم تونس؟ حيتان كبيرة تنهش بعضها البعض وكذلك حيتان صغيرة لم تجد مفرا وسط هذه الفوضى العارمة والسقوط المدوي لكل القيم من الإنخراط في نفس اللعبة القذرة وما بينها تظل تونس تستغيث. في حديث مع الممثل الفرنسي الكبير الان ديلون مع احدى الصحف الفرنسية سئل عن موقفه مما يحدث في العالم بعد فوضى الربيع العربي اجاب بقوله: تمنيت لو مت قبل ان ارى كل هذا السقوط ..وانا كذلك علياء رحيم في سطور من مواليد مدينة المنستير شاعرة وقاصة وإذاعية انتجت عديد البرامج الثقافية وشاركت في مهرجانات اوروبية وحازت على جائزة «الكريديف» من مؤلفاتها نذكر :طين وبلور- بماذا تعدني ايها الليل- الخيبة تسبق الموت -اسمك يدل عليك- العوسج يتبرا من ظله