نجح أمس اساتذة التعليم الثانوي في مقاطعة امتحانات الْيَوْمَ الاول من الأسبوع ما قبل المغلق وقد تزامن ذلك مع احتجاجات تلمذية بأغلب المؤسسات التربوية تنديدا بتواصل الخلاف بين النقابة والوزارة والزج بهم في هذا الصراع. تونس «الشروق»: لم تهدأ العاصفة بعد بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي، بل ان الأمور زادت تعقيدا وتوترا بعد فشل الجلسة التفاوضية الاخيرة التي جمعت بينها وبين سلط الاشراف والتي شهدت تراجعا عن مختلف النقاط المتفق في شأنها سابقا لينطلق الأساتذة أمس في تنفيذ ما أقرّته الهيئة الادارية القطاعية من مقاطعة لامتحانات الثلاثي الأوّل (الأسبوع المفتوح والأسبوع المغلق). ويشمل قرار مقاطعة الامتحانات كافة مدرسي التعليم الثانوي والتربية البدنية العاملين بالمدارس الإعدادية والإعدادية التقنية والنموذجية والمعاهد الثانوية والنموذجية والأساتذة المكلفين بخطة مدير(ة) مؤسسة تربوية أو بخطة ناظر(ة) أو بعمل اداري او تربوي بإحدى المؤسسات التربوية. ويأتي هذا القرار على خلفية عدم استجابة الحكومة لمختلف المطالَب العالقة التي مثلت محور خلاف حقيقي مع المدرسين والمتمثّلة أساسا في تحيين المنح الخصوصية وإصلاح المنظومة التربوية والتخفيض في سن التقاعد الى 55 سنة باعتبار التعليم مهنة شاقة وسد الشغورات الحاصلة في أغلب المدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية الى جانب سن قانون يجرم الاعتداء على المربين وعلى العاملين بالمؤسسات التعليمية واصدار الأنظمة الاساسية لمعلمي التطبيق الاول ومنشطي الرياضة وترسيم دفعة 2013. وأكّد الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي فخري السميطي في تصريح «للشروق» ان قرار مقاطعة الامتحانات الذي حقق نسبة نجاح مرتفعة جدا قد انجر عنه تحركات احتجاجية تلمذية بأغلب الجهات ليست موجهة للمدرسين الذين منعونا من انجاز الفروض بل للتنديد بتواصل الخلاف بين النقابة والوزارة وعدم حل الاشكال الحاصل بين الطرفين ما يجنبهم مثل هذا التعطيل. وأضاف فخري السميطي ان القطاع لن يتردد في المضي في إنجاح هذه المحطة النضالية (المقاطعة) بعد ان ازداد قناعة ان سلط الاشراف ليست على استعداد لتسوية الملف على قاعدة التفاوض الجدي والمسؤول والدليل في ذلك هو فشل الجلسة الاخيرة التي أشرفت عليها رئاسة الحكومة، بل والتراجعات التي أبدتها حتى في ملفات كان من المنتظر الاتفاق حولها على غرار مسألة التقاعد ومضاعفة منحتي العودة المدرسية ومنحة الامتحانات الوطنية. وقال عضو جامعة التعليم الثانوي ان احساس القطاع بالحيف والظلم والاستهداف لا يمكن الا ان يزيد المدرسين اصرارا على إنجاح محطاتهم النضالية حتى التوصل الى اتفاق مجز ينصفهم. «الاقتطاع غير قانوني» وبخصوص تهديد الوزارة بتطبيق القانون، أكد فخري السميطي انه من المنتظر من وزير «يتعامل بسَلَطٍ مع مطالب المدرسين وباستخفاف مع حقوقهم ويتعامل بأسلوب المؤامرة مع طرف اجتماعي جدي ومسؤول، ان يتعلل بتطبيق القانون وان يلجأ الى لغة التهديد والوعيد بعد ان اثبت افلاسه من كل ما يمكن ان يتصف به مسؤول على رأس وزارة مهمة». وأضاف انه لا يحق قانونا على الوزير الاقتطاع من اجرة يوم منجز مؤكدا ان الجامعة العامة للتعليم الثانوي تدرك ان الخطوة النضالية التي اتخذتها هي شكل نضالي قانوني ومسؤول وما على وزير التربية الا ان يطبق ما وعد به وما على المدرسين الا مواجهته بقانونية إضرابهم وبنضالية تحركاتهم وبشرف انتمائهم الى منظمة الاتحاد. وفي تعليقه على رفض قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل لقرار الهيئة الادارية القاضي بمقاطعة الامتحانات، قال عضو الجامعة العامة للتعليم الثانوي ان مختلف هياكل المنظمة تتفاعل بالحوارات اليومية والمستمرة على قاعدة ارغام سلط الاشراف على الجلوس على قاعدة التفاوض وإنجاح محطات المدرسين مع دعوتهم الى التهدئة في كل الخطوات النضالية واجتماع المكتب التنفيذي الموسع الأخير اشار الى ضرورة تلبية مطالب قطاع التعليم الثانوي كما ان بيان الاضراب العام المزمع تنفيذه يوم 17 جانفي 2019 سكت عن الإشارة الى ملف التعليم الثانوي وهذا ما يفهم ضمنا ان هذا الملف جزء من استحقاقات المنظمة الشغيلة. تراتيب مقاطعة امتحانات الثلاثي الأوّل تتمثل تراتيب مقاطعة امتحانات الثلاثي الاول من السنة الإدارية 2019-2018 بالنسبة للأسبوع ما قبل المغلق الذي انطلق يوم أمس ليتواصل الى غاية 1 ديسمبر المقبل في إعداد مواضيع الامتحانات الخاصة بهذه الفترة وعدم تسليمها الى الادارة وإنجاز الساعة المخصصة للفرض ساعة تدريس عادية وفق جداول الأوقات الرسمية. كما يمتنع مدرسو التربية البدنية عن اجراء الاختبارات الخاصة بالمادة والتي سيتم احتسابها اختبارا تأليفيا مع مواصلة التدريس بصورة عادية وفق جداول الأوقات الرسمية. اما بالنسبة للأسبوع المغلق الذي يمتد من 3 ديسمبر 2018 الى غاية 8 ديسمبر فان الاساتذة سيمتنعون عن تسليم مواضيع الامتحانات الخاصة بالأسبوع المغلق الى الادارة كما يمتنعون عن تسلم رزنامة المراقبة المتعلقة به الى جانب مقاطعتهم لكافة حصص المراقبة اثناء هذا الأسبوع مع مواصلة التدريس بصفة عادية وفقا لجداول الأوقات الرسمية. وسيقاطع مدرسو الإعدادات التقنية الفروض النظرية والتطبيقية المبرمجة خلال هذا الأسبوع إعدادا ومراقبة. من جهة أخرى سيتولى المديرون والنظار إعداد رزنامة الامتحانات والامتناع عن تسليمها الى المدرسين والتلاميذ الامتناع عن تسلم مواضيع الفروض الخاصة بامتحانات الثلاثي الاول او نسخها او توزيعها مع مواصلة مباشرة بقية مهامهم وتأمين سير الدروس العادي خلال فترة امتحانات الثلاثي الاول. وبالنسبة للأساتذة المكلفين بعمل اداري او تربوي سيمتنعون عن القيام بأي مهمة تتعلق بالامتحانات مع مواصلة عملهم العادي أثناءها. جمعية الأولياء والتلاميذ تحذّر تونس «الشروق»: أثار قرار مقاطعة الامتحانات استنكار الجمعية التّونسية للأولياء والتّلاميذ التي عبرت عن استنكارها مواصلة حشر التلاميذ والمدارس والمعاهد في ملفّات ليست لهم أي علاقة بها، وهو ما يؤثّر بالضرورة سلبا على معنويات التّلاميذ وعلى درجة تركيزهم وإعدادهم لامتحاناتهم وعلى استقرار المدرسة عموما. ونبهت الجمعية اصحاب القرار الى تبعات التّصعيد في أشكال النّضال الّذي تُلوّح به الجامعة العامّة للتّعليم الثّانوي في صورة مواصلة الخلاف القائم بينها وبين الوزارة وما ستسبّب فيه هذه الوضعية من انعكاسات خطيرة على السّير العادي للدّروس وعلى نتائج التّلاميذ ونجاح السّنة الدّراسية وعلى الوضعيّة العامة بالبلاد. وأكّدت الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ أن الكلفة الباهظة للخسارة المعنويّة والمعرفيّة والماديّة الّتي يدفع ثمنها اليوم التّلميذ والعائلة ويتكبُّدها المجتمع والمصلحة الوطنية ليس لها أي وجه للمقارنة مع رهان الخلافات القائمة بين الطّرفين وقيمتها، داعية الأطراف المعنيّة الى الجلوس حول طاولة الحوار لتّسوية كلّ الملفّات العالقة والانطلاق في إصلاح فعلي للوضعية الحرجة للمنظومة التّربوية باعتبارها الرّهان الوحيد الذي سيضمن مستقبل التلاميذ وازدهار البلاد ووحدته واستقراره.