بين قبضة بثلاثة مخالب أوّلها مغادرة بريطانيا للاتحاد الاوروبي وثانيها الاحتجاجات الاجتماعية التي بدأت تجتاح العواصم الاوروبية وثالثها تصدع العلاقات الداخلية اوروبيا وبين اوروبا وحليفتها امريكا بسبب الناتو والجيش الاوروبي الموحّد، بين هذا كله تجد القارة العجوز نفسها امام «ربيع اوروبي» قد يعصف بوحدتها وحتى أنظمتها ويجعلها فريسة بالمتربصين بها. «بريكست علمتنا أن أوروبا هشة» هكذا وصف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الوضع بعد استفاقته من صدمة مغادرة بريطانيا للاتحاد الاوروبي وما خلفته من ضجيج وتصدعات داخل البيت الاوروبي وما أثارته حول جدل الهوية الاوروبية الموحدة والتبعات الاقتصادية والأمنية لهذه المشكلة وهي أول امتحان في وجه الوحدة الاوروبية. ماكرون نفسه وفرنسا هما محور الأزمة الجديدة التي ضربت الاتحاد الاوروبي حيث اندلعت احتجاجات «السترات الصفراء» ضد الزيادة في المحروقات وغيرها من المواد الأخرى والتي باركها الشعب الفرنسي وانخرط فيها وأصبح المطلب واحدا: «فليرحل ماكرون»، بل وتوسعت هذه الاحتجاجات لتشمل دولا أوروبية اخرى على غرار بلجيكا واسبانيا وهو تصدع داخلي يزيد من رفع التحديات امام هذا الكيان الغارق أصلا في الازمات من أوكرانيا الى ايطاليا. «الجيش الأوروبي الموحد» هو الآخر عنوان لأزمة شائكة داخل البيت الاوروبي أدّت الى تصدع العلاقة مع الحليف الامريكي الذي يبتز حلفاءه الغربيين من أجل الدفع أكثر لحلف الناتو لحمايتهم وهو ما خلق جدالا داخل العواصم الاوروبية بين من يرى وجوده ضرورة ملحة لإنشاء هذا الجيش وبالتالي انهاء الارتهان للحليف الامريكي وبين من رفضه لارتفاع تكلفته وعدم جدواه. يضاف لذلك في الأثناء صعود التيارات اليمينية المتشددة وما خلفته من استقطاب داخل المجتمع الاوروبي. ما هو ثابت أن صرح الاتحاد الاوروبي الآن هو أمام أمرين، إما أزمة اقتصادية و أزمة هوية قد تعصف بأركانه وتحيله الى التفكك وبالتالي الاندثار أو ربما عاصفة عابرة قد تزيد من اشتداد عود هذا الحلف عملا بالمثل القائل «الضربة التي لا تقتلك تقويك».