ترسل واشنطن ابتداء من اليوم الاربعاء إلى أوروبا كبار مسؤولي إدارة الرئيس دونالد ترامب في أول زيارة لهم إلى القارة العجوز سعيا إلى طمأنة الحلفاء القلقين من سياسته الخارجية التي توصف بأنها انعزالية وقومية. وفي حين يرى عدد من القادة الأوروبيين في ترامب رئيسا شعبويا يسعى للتقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يصل نائب الرئيس مايك بنس ووزيرا الخارجية والدفاع ريكس تليرسن وجيمس ماتيس الأربعاء إلى ألمانيا ومن ثم إلى بروكسل في زيارة تستمر حتى 20 فيفري الجاري. ولن يغادر ترامب واشنطن حيث عليه ان يستقبل رئيس وزراء اسرائيل ويدير تبعات استقالة مستشاره للامن القومي مايكل فلين الذي اتهم بعدم الإفصاح عن فحوى محادثاته مع السفير الروسي بشأن سياسة العقوبات على موسكو. يشارك مايك بنس في 17 و18 فيفري في مؤتمر حول الأمن في ميونيخ وهو مؤتمر سنوي يحضره قرابة 80 وزيرا للدفاع والخارجية وبعض رؤساء الدول والحكومات. ويرافق بنس وزير الدفاع ماتيس ووزير الامن الداخلي جون كيلي إذ يسعى البيت الابيض الى "تعميق وتعزيز تحالفاته عبر الأطلسي". ومن جهة اخرى تعرضت كل الهيكلية الأمنية التي أنشئت في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لتجربة صعبة خلال حملة ترامب وفي الأيام الأولى لرئاسته إذ قال إن حلف شمال الأطلسي "عفا عليه الزمن" ورحب ببريكست الذي وصفه بانه "رائع" لدى استقباله قبل أيام رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي. وأعرب رئيس مؤتمر ميونيخ فولفغانغ اشينغر عن أمله في أن "نتمكن أخيرا من توضيح الأمور بشأن أهداف السياسة الخارجية الأميركية" مع بنس وماتيس. ولكن سفير المانيا السابق لدى واشنطن قال انه قلق بشأن الاندماج الأوروبي، ويخشى من "سيناريو كارثي في العلاقات عبر الأطلسي" إذا اعتبرت واشنطن ان "فكرة بريكست رائعة وانه سيكون من الجيد أن تقتدي دول أخرى" ببريطانيا، واضاف "سيكون ذلك بمثابة اعلان حرب غير مسلحة". وحذرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني خلال زيارتها يوم الجمعة الماضي الى واشنطن من اي "تدخل" في السياسة الأوروبية. وكانت تشير إلى بريكست وإلى الانتخابات المقبلة في فرنساوألمانيا وهولندا حيث يمكن أن يلقى التيار الشعبوي تشجيعا من موسكو وبعض المسؤولين في واشنطن مثل مستشار الرئيس ستيفن بانون الذي يعتبر مقربا من اليمين المتطرف الأميركي. وسيتعين على ادارة ترامب ان تسعى إلى طمأنة حلفائها خلال اجتماعات مع وزراء دفاع حلف الاطلسي في بروكسل، في قلب أوروبا. اتصل وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس بنظرائه البريطاني والألماني والفرنسي في نهاية جانفي الماضي ليؤكد التزام واشنطن "الثابت" ازاء الحلف الاطلسي. واكد امين عام الحلف ينس ستولتنبرغ بهذا الصدد أمس أن زيادة "نفقات الدفاع وتقاسم الأعباء هما على رأس أولوياتنا"، في ما يمكن اعتباره ردا على انتقادات دونالد ترامب بشأن مساهمات الحلفاء الاوروبيين في ميزانية الحلف. وكانت الادارات الاميركية السابقة تشتكي من تخصيص القوى العظمى الأوروبية اقل من 2% من اجمالي ناتجها الوطني لنفقات الدفاع. لكن اشينغر ليس مصدوما من نداءات واشنطن المتكررة للأوروبيين لكي يمدوا أيديهم إلى جيوبهم بقدر ما صدمته "الفظاظة" المستخدمة للمطالبة بتقاسم الأعباء. وامل أن يعيد بنس الذي سيزور بروكسل في 19 و20 من الشهر الحالي التأكيد على الالتزام "الواضح" ازاء المادة الخامسة في ميثاق الحلف حول تضامن الدول الاعضاء في حال حدوث عدوان خارجي. أما بالنسبة لوزير الخارجية ريكس تيلرسون فلن يزور سوى بون في 16 و17 من الشهر الجاري للاجتماع بوزراء خارجية دول مجموعة العشرين. والرئيس السابق لمجلس ادارة اكسون موبيل الذي لم ينطق بكلمة واحدة في مجال السياسة الخارجية منذ توليه منصبه في 2 فيفري مقرب من الرئيس بوتين ويفترض أن يتباحث مع وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف والصين وانغ يي.