لم يسبق أن مرت البلاد بمرحلة صعبة كالتي تمر بها اليوم.. احتقان سياسي ووضع اقتصادي واجتماعي محاط بالمخاطر ووضع معيشي مثير لغضب المواطن وضبابية كبرى حول المستقبل وهو ما يهدد تواصل الانتقال الديمقراطي. تونس الشروق: رغم النجاح النسبي في جانب من الانتقال الديمقراطي الذي تخوضه البلاد منذ 2011 إلا أن عديد المؤشرات المطروحة اليوم تقول ان الوضع العام مهدد بأكثر من خطر. وهو ما سيجعل الأطراف الفاعلة من أحزاب وحُكّام ومنظمات وطنية امام تحديات كبرى للتوصل إلى تجاوز مختلف التعطيلات القائمة. تعطيلات هيكلية تعطيلات عديدة تبدو اليوم في أفق اتمام المسار الانتقالي لما بقي من الفترة النيابية الحالية وربما للفترة التي ستليها. ومن أخطر هذه التعطيلات عدم ارساء المحكمة الدستورية إلى اليوم والتي تُعدّ في الديمقراطيات الكبرى أكبر ضمانة لتحقيق الديمقراطية ولتجنب الانحراف السياسي. فرغم التأكيد على أهميتها من مختلف الأطراف (رئيس الجمهورية – رئيس الحكومة – نواب البرلمان – الأحزاب) إلا أن التوافق بينها غاب الى اليوم. ومن المخاطر الأخرى المحدقة بالوضع العام تلك المرتبطة بتواصل تعطل هيئة الانتخابات التي تعتبر هي الأخرى من ضمانات الديمقراطية. فهذه الهيئة مازالت خاضعة لمنطق الحسابات السياسية الضيقة ولبحث كل طرف على الاستحواذ عليها وهو ما يضرب الديمقراطية في مقتل لأن الانتخابات النزيهة والشفافة هي شرط من شروط الديمقراطية. وبالنظر الى الدور المفصلي لهذين الهيكلين في شفافية ونزاهة الانتخابات فان تواصل تعرضهما للتعطيلات قبل أقل من عام من انتخابات 2019 من شأنه ان يُهدد حظوظ تنظيمها في ظروف طبيعية. نقائص قانونية وعلى المستوى التشريعي مازال القانون الانتخابي بشكله الحالي يمثل تهديدا كبيرا للاستقرار السياسي الديمقراطي ولم تتوصل الأطراف الفاعلة الى اليوم الى حلول بخصوص تنقيحه حتى يستجيب لمتطلبات الديمقراطية الحقيقية القائمة على تولي الاحزاب القوية والفاعلة الحكم وعدم تشتيته بين أكثر من طرف استنادا الى منطق «ارضاء الجميع» و"التشارك" في الحكم الذي لم تجن منه البلاد شيئا طيلة الاعوام الماضية. وتنضاف الى ذلك مجموعة قوانين أخرى تهم الحياة السياسية على غرار مزيد احاطة قانون الاحزاب وقانون الجمعيات بأكثر احتياطات وضمانات حتى تلتزم الأحزاب بأخلاقيات العمل السياسي السليم ( مثلا ضرورة منع السياحة الحزبية ومزيد التشدد مع التمويلات الحزبية المشبوهة ..). ويرى مختصون أن دخول الانتخابات القادمة بهذا الضعف التشريعي قد يؤدي الى تأثر المسار الانتقالي. احتقان سياسي بقطع النظر عن التعطيلات المؤسساتية والتشريعية، فان الوضع السياسي العام القائم حاليا يبدو بدوره أبرز خطر على استكمال الانتقال الديمقراطي وعلى تنظيم الانتخابات القادمة. فحالة الاحتقان غير المسبوق السائدة هذه الأيام بين مختلف الأطراف و"فوضى" التحالفات الجديدة وكذلك «المواجهات» القائمة بين الجميع وما تبعها من تبادل للاتهامات وأيضا الضغوطات المختلفة تثير مخاوف من امكانية عدم التوصل الى التوافقات المطلوبة لاتمام الاستعداد الجيد لانتخابات 2019 . صعوبات اقتصادية تُخيّم حالة من الصعوبات الاقتصادية الكبرى على البلاد بسبب انشغال السياسيين بالحسابات الضيقة وبالاستعداد المبكر للانتخابات القادمة. وهو ما أثر على الوضع المعيشي للمواطن وسيزيد من حالة الاحتقان الاجتماعي التي ستتسبب حتما في المس من الاستقرار المرجو لاتمام الاستعداد الجيد لانتخابات 2019 وستجعل اقبال المواطن على الانتخابات ضعيفا كما حصل بمناسبة الانتخابات البلدية الاخيرة. كما أن الوضع الاقتصادي الصعب من شأنه ان يحول دون اتمام انتخابات شفافة ونزيهة في غياب الامكانيات المالية المطلوبة لاجراء الانتخابات. لا يوجد مؤشر واحد إيجابي يخدم مصلحة الانتخابات القادمة، وفق ما يقوله الخبراء والملاحظون، ليجد سياسيو المرحلة أنفسهم أمام تحدي تجاوز كل التعطيلات والمخاطر من أجل اتمام هذا الاستحقاق الهام الذي سيكون مفصليا في مسار الانتقال الديمقراطي. أبرز المخاطر المحدقة بانتخابات 2019 تأخر إرساء المحكمة الدستورية تواصل التعطيلات على مستوى هيئة الانتخابات عدم تنقيح القانون الانتخابي وقانون الأحزاب احتقان سياسي بين كل الأطراف وتطورات كبرى منتظرة في الفترة القادمة في علاقة بملفات «الانقلاب» و"الجهاز السري" وقانون المساواة في الميراث. احتقان اجتماعي وغضب من أداء السياسيين قد يتسبب في عزوف الناس عن التوجه الى صناديق الاقتراع. صعوبات اقتصادية قد تحول دون توفير الامكانيات المادية اللازمة لانتخابات شفافة ونزيهة خاصة في ظل الحديث عن امكانية تخفيض الميزانية المخصصة لهيئة الانتخابات.