في مؤشر على الرضوخ لمطالب أصحاب «السترات الصفراء» الذين قضّوا مضجع العاصمة الفرنسية الهادئة باريس علقت الحكومة الفرنسية رسميا ومؤقتا الزيادة الضريبية على الوقود. باريس (وكالات) وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، أمس الثلاثاء، عن تراجع الحكومة بشكل مؤقت عن خطة للزيادة في الضرائب، إثر تسببها باندلاع احتجاجات عنيفة في العاصمة باريس وسقوط قتيلين وجرحى. وأكد فيليب في كلمة بالجمعية الوطنية، تعليق قرار فرض الضرائب على الوقود مدة 6 أشهر. وأوضح أنها «ستخضع لنقاش موسع في البلاد». وأضاف أن رسوم الغاز والكهرباء لن تُرفع، مؤكدا أن هذا القرار يسري بشكل فوري لأجل ضمان الأمان في الشارع، بعدما دخلت البلاد أزمة غير مسبوقة جراء احتجاج ذوي «السترات الصفراء». وأقر المسؤول الفرنسي بالغلاء في فرنسا. وقال إن الضرائب التي تفرض في البلاد «من الأعلى على مستوى أوروبا». وقال فيليب إن «من تسببوا بأضرار خطيرة في الأملاك العامة ومواقع سياحية خلال الاحتجاجات، سيحاكمون على ما قاموا به»، مشددا على أن فرنسا «لن تتساهل مع هذه الممارسات». وأضاف: «لا ضريبة تستحق أن تضع وحدة البلاد في خطر. ومن أجل تهدئة الأوضاع قررنا اتخاذ ثلاثة إجراءات ضريبية. وهي تجميد زيادة الضرائب على الوقود مدة ستة أشهر، والامتناع عن رفع أسعار الغاز والكهرباء خلال فصل الشتاء، وأخيرا تجميد التحكم الفني على السيارات». وفي السياق ذاته انسحب متظاهرون من أعضاء حركة «السترات الصفراء» من اجتماع مع رئيس الوزراء إدوارد فيليب أمس الثلاثاء. وأعلن متحدث باسم الحركة رفض الحوار مع الحكومة «لأسباب أمنية». وقال بعض أعضاء الحركة إنهم تلقوا تهديدات بالقتل من متظاهرين متشددين يحذرونهم من الدخول في مفاوضات مع الحكومة. وعن البادرة الحكومية، قال عضو بمجلس الشيوخ الفرنسي عن حزب الجمهوريين اليميني إن الفرنسيين يريدون إلغاء القرار. أما مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف فقالت إن تعليق الزيادات على الضرائب غير كاف لأنه هو فقط تأجيل لقرار ولا يرقى الى تطلعات الناس ولا للأوضاع المعيشية التي يعيشون فيها حسب تعبيرها. ونظرا الى الأجواء المتوترة وتردي الوضع الأمني، اضطر الرئيس الفرنسي الى تأجيل زيارة إلى صربيا كانت مقررة أمس. وإلى جانب السترات الصفراء، هناك تلاميذ الثانويات الغاضبون من الإصلاحات التي أدخلتها وزارة التعليم في المقرر المدرسي في الطور الثانوي. فقد قرروا الالتحاق بركب الغاضبين من سياسة ماكرون بعد أن رأوا في موجة الاحتجاجات الأخيرة فرصة لإسماع أصواتهم التي بدت أنها لم تكن مسموعة حتى الآن رغم محاولاتهم المتكررة. وقد تم إغلاق منافذ بعض المؤسسات التعليمية أول أمس في تحرك صاحبته بعض أعمال العنف. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد قال إن الضرائب على المحروقات جزء من مسعاه الى محاربة تغير المناخ. وإنه يريد إقناع السائقين الفرنسيين بالاستغناء عن السيارات التي تعمل بالديزل والإقبال على أنواع أقل تلويثا للبيئة. وأضاف ماكرون، السبت الماضي، أنه «لن يتراجع عن أهداف سياسته بسبب الاحتجاجات الأخيرة». وتفجرت انتفاضة «السترات الصفراء» في 17 نوفمبر الماضي، في تحد هائل أمام ماكرون البالغ من العمر 40 عاما. بينما يحاول إنقاذ شعبيته التي هوت بسبب إصلاحات اقتصادية ينظر إليها على أنها «منحازة للأغنياء». وعاث المحتجون فسادا في أرقى الأحياء الباريسية. وأحرقوا عشرات السيارات. ونهبوا متاجر. وحطموا نوافذ منازل فاخرة ومقاه، في أسوأ اضطرابات بالعاصمة منذ عام 1968.