تونس (الشروق) أُعلن أول أمس البيان التأسيسي لحملة «السترات الحمراء» وانطلاق تركيز التنسيقيات الجهوية والمحلية لها دون الكشف عن هوية القائمين عليها وطبيعة التحرّكات التي تنوي القيام بها دافعة الى السؤال حول من يقف وراء المبادرة وماهي أهدافها؟ وأهداف الحملة كما أوردها البيان التأسيسي الصادر مساء السبت المنقضي على صفحات التواصل الاجتماعي –والذي لم يحمل أي توقيع – تتلخص في الاحتجاج على فشل منظومة الحكم في الارتقاء بالحد الادنى من مستوى طموحات الشعب في الحياة الكريمة حيث يعلن البيان:« تأسيس مجموعة من الشباب حملة السترات الحمراء لإنقاذ تونس في ظل غياب المصداقية والتصور وضبابية الرؤية لدى الطبقة السياسية الحالية، وتعمق الهوة بينها وبين الشعب التونسي» وتصف هذه المجموعة الحملة بالمفتوحة للعموم وتعتبرها استمرارية لنضال الشعب التونسي وخطوة لاستعادة التونسيين لكرامتهم وحقهم في العيش الكريم معلنة الانطلاق الرسمي في تركيز التنسيقيات الجهوية والمحلية. انقسام وإثر اصدار البيان التأسيسي على الفايسبوك انقسمت تفاعلات المواطنين بين رافض ومؤيد ولكل تبريراته في ذلك، حيث اعتبر مساندو الحملة ان الوقت قد حان لبروز حركات التغيير العفوية التي تشترط وجود الطابع السلمي ورفض تقاطع الاجندات الحزبية معها معتقدين في أن الطبقة السياسية الراهنة لا يُأمل منها شيء راهنا ومستقبلا في ظل تعاظم الصراعات الهامشية والجانبية فقط على السلطة،فيما تساءل معارضوها عن هوية من يقف وراءها ومن يمولها خاصة وكذلك علاقتها بالتجاذبات السياسية وبمطالب الانتخابات المبكرة وفي مستوى مسؤوليتها أمام ماتعرفه البلاد من مخاطر أمنية علاوة على رفض ماوصفه بالتقليد الاعمى لما يحدث في فرنسا. تقليد ومن جهته اعتبر الدكتور في علم الاجتماع الطيب الطويلي في تصريحه «للشروق» أن تأسيس حملة السترات الحمراء محكوم بالتقليد والاتباع وليس بامكانه انقاذ تونس مضيفا بأن اعلان تأسيس الحركة جاء بعد أيام طويلة من الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي لاتخاذ شكل من أشكال الاقتداء بالحراك الشعبي الفرنسي. وشدد الطويلي على ان هذه الحملة هي تكرار لأثر الدومينو الذي تلا الثورة التونسية والذي جعلها تنتقل الى غيرها من الدول بأشكال وأهداف مختلفة والتي تكشف في رأيه الاقتداء الثوري الناتج عن التأثير الفكري والثقافي والاقتصادي الفرنسي على المجتمع التونسي وهوما جعل الاهتمام التونسي بما يصير في فرنسا اهتماما كبيرا ومتابعته له متابعة تفاعلية على مستوى الفكر والفعل مضيفا بالقول:«ولعل هذا التفاعل يدفعنا الى التساؤل حول من المتأثر بمن؟ هل ان الفرنسيين تأثروا بالثورة التونسية وهم يحاولون إعادة إنتاجها في بلادهم؟ أم أن التونسيون يتبعون مشهدية السترات ورمزيتها للاقتداء بحراك شعبي كانت تونس هي السباقة فيه؟» وخلص الطويلي الى ان تأسيس سترات حمراء لخلاص تونس وإنقاذها يمثل إعلانا يحكمه الاتباع والتقليد باعتبار أننا جربنا الحركات الاحتجاجية فلم تنقذ تونس ولم توجهها الى الخلاص الذي لا يأتي الا عبر العمل والانتاج والسلم الاجتماعي وتغيير العقليات وتنظيف البلد بيئيا وعقليا. لا عبر اعلانات تأسيسية أوحركات احتجاجية شبع بها التونسيون ليجوعوا في النهاية. غموض كما اعتبر استاذ القانون والناشط السياسي رابح الخرايفي في تصريحه «للشروق» أن هذه الحملة هي تقليد ولن تنجح لأنها تجربة مسقطة مضيفا بأن قانون الطرقات الفرنسي يفرض على أصحاب السيارات توفير سترة صفراء بينما وجود مثيل لها في تونس بعدد مهول لدى المحتجين يحيل الى سؤال حول قدرة المحتجين البسطاء على شراء سترة يفوق ثمنها الخمسين دينارا. ويشدد الخرايفي على أن تنزيل الحملة على الفايسبوك لم يرافقه تفاعل شعبي واسع حيث رمى بها أصحابها لترقب نتائجها قائلا «ان نجحت حققوا أغراضهم وان فشلت فليس هناك خسارة لانهم مختفين» وهذا في رأيه يزيد من التساؤلات حول غرضها ومن يمولها ويفقدها مصداقيتها وشروط نجاحها. محسن مرزوق حملة السترات الحمراء دعوة فوضوية قال أمين عام حركة مشروع تونس محسن مرزوق أمس أن هناك أطراف تدعو الى الفوضى وتختلقها في البلاد على غرار حملة السترات الحمراء معتبرا ان إيقاف مثل هذه الدعوات الفوضوية يتطلب وسائل سياسية وتركيز قطب سياسي قوي يعيد الثقة الى المواطنين وان حزبه لن يسمح أن تسير البلاد في طريق الفوضى.