بقلب لا يَعرف اليأس يقود لسعد الدريدي سفينة «المِستيرية» وفي البَال العُبور إلى برّ الأمان وإطفاء غضب المحبين الثَائرين بفعل ظلم التحكيم وغَدر الزمان الذي يحكي عن الصّيت الكبير لقلعة حيزم وطبقة «والمُجاهد» والمناري... وغيرهم من «الكَوارجية» الخَالدين في ذاكرة الاتحاديين والتونسيين عُموما. «الشّروق» حَاورت الدريدي لتشريح الأوضاع في بن جنّات فأكد بثقة عالية أن الأمل قائم رغم عُمق «الجِراح». تؤكد كلّ الوقائع أن الاتّحاد المنستيري يُواجه المجهول فهل من بصيص أمل في الأفق؟ سَيكون من الجُنون أن نقول إن الأمور عال العَال في الوقت الذي نعيش فيه ظروفا صعبة على جميع المستويات الرياضية والإدارية والمالية. القاصي والداني يعرف أن الإتحاد المنستيري يمرّ بأزمة خَانقة يُمكن أن نختزل مظاهرها في تردي النتائج وضُعف التمويل فضلا عن إعلان الرئيس أحمد البلي عن الرحيل ومن المعلوم أن الرّجل ذات ثِقل في مصطفى بن جنّات ولا جدال في أن الجمعية ستتأثّر بشكل سلبي من هذا القرار. والرجاء كلّ الرجاء أن يبقى هذا المسؤول في الفريق لأن المرحلة دقيقة وسيكون الاتحاد في حاجة إلى خِبراته وعلاقاته لتجاوز «المِحنة». إنّ الاتّفاق حاصل بشأن خُطورة الوضع في المنستير لا يَعني أبدا الاستسلام ورَمي المنديل خاصة أنّنا مازلنا في منتصف الطريق ونملك كل المقوّمات لتغيير الحَال في هذه الجهة التي تتنفّس كرة القدم والتي لها باع وذراع في اللّعبة من زَمان. ما الذي يُعطّل رحلة الإنقاذ؟ المُتابع الجيّد لمسيرة الإتحاد يعلم عين اليقين أن فريقنا يُقدّم مردودا غزيرا لكن جَودة الأداء تفتقر إلى النجاعة والواقعية الشيء الذي يحكم علينا بخسارة النقاط وتَضييع الانتصارات بطريقة مُثيرة. ولاشك في أن كلّ من سنحت له الفرصة لمواكبة المواجهات التي خاضها الاتحاد سيلاحظ المردودية العالية للجمعية ونستحضر في هذا السياق على سبيل الذِّكر لا الحَصر اللّقاءات التي جمعتنا بالنادي البنزرتي واتحاد بن قردان ونجم المتلوي ونادي حمّام الأنف. وقد دفعنا كذلك ثمن الأخطاء الدفاعية القاتلة وهذه النقطة السلبية تفرض علينا التصريح بحقيقة ثانية وهي الضعف الفادح على مستوى حراسة المرمى. ومن الواضح أن خُروج الحارس الدولي مكرم البديري شكّل خسارة كبيرة ل «المِستيرية» مِثله مثل المهاجم هشام السّيفي. والكلام عن الزاد البشري يقودنا حَتما إلى فتح ملف التعزيزات التي وجب القيام بها في فترة الانتقالات الشتوية لتحسين الانتاجية في بعض المراكز ويشير التشخيص الذي قُمنا به إلى أن الجمعية في حاجة إلى انتدابين أو ثلاثة. وبالتوازي مع غياب الفَاعلية والنَقص في الموارد البشرية هُناك عامل آخر يُعرقل الصّحوة المُرتقبة وهو»الحَاجز الذهني». ذلك أن الفريق لم يعرف طعم الفوز منذ شهر فيفري الماضي وهوما يُكبّل الأرجل التي نَجزم بأنها ستتحرّر وتُعلن عن الانتفاضة الحقيقية بمجرّد استعادة نغمة الانتصارات وفكّ هذه «العُقدة النَفسية». ثَار الأنصار على المَظالم التحكيمية والعُقوبات «التَعسّفية». فهل تَتبنّى الرأي القائل بأن الجمعية أصبحت من «المُستهدفين» بصفة علانية؟ لقد تمّ هضم حقوق الإتحاد المنستيري في أكثر من لقاء وهذه الحقيقة دامغة ولا مجال لإنكارها ونطالب المسؤولين بكل لطف بإنصاف الفريق وذلك من خلال حِفظ حقوقه دون زيادة ولا نقصان. والأمل كلّه أن لا تتكرّر مثل هذه الهفوات التحكيمية خاصة أنها تُؤثّر في مسيرة الجمعية وتساهم في تسخين الأجواء في صفوف الأحباء العارفين بأن ناديهم «يُناضل» في سَبيل تحصيل النقاط للخروج من النَّفق المُظلم. لم تَخل خِطابات الفنيين واللاعبين في بن جنّات من التَلميح والتَصريح بالتأثيرات السلبية للضّغوطات التي تُمارسها فئة من الأحباء على الفريق. فهل من تفسيرات لهذه الاتّهامات؟ ما أعرفه أن جماهير الإتّحاد المنستيري تَعشق الكرة وتُساند جمعيتها بلا شروط. وقد يُصادف طبعا أن يَرتفع منسوب الغَضب والتشنّج لدى فئة صَغيرة من الأنصار لكن هذا الأمر عَابر ومفهوم خاصّة أن الوضعية التي نعيشها مُعقّدة جدا وقد يَصعب على البعض ضَبط النفس في اللّحظة التي يَغرق فيها الفريق في قاع الترتيب. أكدت في تصريحات إعلامية سَابقة أن الكرة التونسية لا تُلعب في الميادين الرياضية. فهل من إيضاحات في هذا الموضوع؟ الأغلبية السّاحقة استنتجت بأن المقصود بتصريحي هوما يحصل خلف السّتار. وإن كنت لا أنكر أن جزءً من اللّعبة يَدور فعلا في الكواليس فإن الكلام الذي نطقت به كان مُوجّها أوّلا وأخيرا إلى المسؤولين في المنستير. حيث أردت إشعارهم بأن النجاح يحتاج إلى تحضيرات كبيرة قبل انطلاق الموسم الرياضي ويتطلّب كذلك انتدابات مُوجّهة ونصيب معلوم من المَال. صَراحةً ألم تفكّر في «الفِرار» من المنستير في ظلّ الانهيار التي يَعرفه الفريق؟ لم يَعد خَافيا على أحد الكمّ الهائل من العروض المحلية والخليجية التي وصلتني مؤخرا. فقد طلبت ثلاث جمعيات تونسية ودّي ورغم أن هذه الجمعيات تنشط في الرابطة الأولى وتعيش في «بحبوحة» فإنّني أغلقت في وجهها الباب وفاءً ل «المستيرية» الذين أصبحت واحدا منهم ولا يُعقل أن أتركهم في هذا الظّرف الصّعب. وقد فعلت الأمر نفسه مع الشعلة ونجران ونادي الخليج خاصّة بعد أن عاهدت أبناء عاصمة الرباط على مُقاسمتهم هُمومهم وأحلامهم. ولن أخون العهد تحت ذريعة الظروف القاسية التي تعيشها الجمعية. مَارست أسهمك الفنية «القَفز العَالي» وفتحت لك أبواب الطيّب المهيري قبل أن تَنتهي التَجربة في ظروف «ضَبابية». فهل تَشعر بأنك عُدت إلى «نادي الصّغار»؟ لنتّفق أوّلا وقبل كل شيء على أن لا وجود لمدرب خاصّ ب»الصّغار» وآخر ب»الكِبار» وإنّما الظروف وتوجّهات الرؤساء هي التي تَتحكّم في تنقلات الفنيين. ولاشك في أن مُغامرة الشعباني مع الترجي تبقى من العيّنات النَموذجية بخصوص التأثيرات الكبيرة للظروف في مسيرات المدربين. ذلك أن التقلّبات التي عاشها الترجي عبّدت الطريق للشعباني ليُحرز رابطة أبطال إفريقيا بدعم من الرئيس حمدي المدب الذي غَامر وكسب الرهان. كما أن نجاح المدرب لا يُختزل في إحراز الألقاب كما يُخيّل للبعض وإنما يشمل القدرة على تحقيق نتائج جيّدة وتقديم أداء مُحترم عند الإشراف على جمعيات محدودة الامكانات ويُمكننا أن نستشهد في هذا الصّدد بالبصمة الواضحة لزميلنا إسكندر القصري. من جانبني، أشعر بالإرتياح إزاء كلّ المُغامرات التي قُمت بها في حمّام سوسة وقابس وبنزرت وصفاقس وباردوحيث الجمعية التي دافعت عن ألوانها كلاعب وكمدرب والتي تَجمعني بأهلها علاقات وثيقة إلى حدّ يوم النّاس هذا. ذلك أنني على اتصال مُستمّر مع رئيس «البَقلاوة» جلال بن عيسى. وأعتقد أن المسيرة التي قمت بها في البطولة تتكلّم عن نفسها ويبقى التقييم دائما من مشمولات المُتابعين العارفين حتما بأنّ المدرب هوحلقة صَغيرة من عدة حلقات أخرى مثل المسؤولين واللاعبين الذين يساهمون في «صِناعة» الفنيين. كيف تَنظر إلى واقع المدربين في سَاحتنا الكروية؟ واقع مرير بكلّ ما تحمله الكلمة من معان خاصّة أنّنا نشتغل في ظروف غير عادية ولاشك في أن مَوجة الإقالات والاستقالات التي تَجتاح بطولتنا تكفي وحدها لتأكيد «الجَحيم» الذي يعيشه المدرب بسبب ضغط النتيجة وأهواء الرؤساء فَضلا عن تأثيرات الوكلاء وكَابوس «الفايس بوك» الذي يتحكّم للأسف الشديد في مَصائر الكثير من الفنيين وذلك من خلال الحملات الشعواء التي تَشنّها بعض الجهات ظُلما وبُهتانا على مدرب بعينه إلى حين إجبار المسؤولين على إقصائه. شخصيا فهمت اللّعبة واخترت أن تكون حَقيبتي جاهزة على الدّوام تَحسّبا لأيّ طارىء. ما هي النُّقطة التي تَختارها لغلق الحوار؟ سَنقاتل حتّى الرّمق الأخير في سبيل إنقاذ المنستير وأؤكد لأحباء الفريق بأنّني على العَهد بَاق ولن أغادر بن جنّات إلاّ بقرار من أهل الدار. وأنا واثق بأنّ المُستقبل سيكون أفضل خاصّة بعد تعزيز الجمعية ببعض اللاعبين واستعادة الاستقرار الإداري عبر الجلسة المُرتقبة في الأيام المُقبلة وأعتقد أيضا أن القادم أحسن بالنّظر إلى المؤهلات التي أظهرتها عدة عناصر قُمنا بإدماجها في خياراتنا الفنية مثل زهير والكوت والشتيوي... لسعد الدريدي في سطور لعب لفائدة الملعب التونسي والنادي البنزرتي والنادي الصفاقسي وأمل حمّام سوسة خاض تجربة الاحتراف في الخليج وليبيا أشرف على تدريب عدة أندية تونسية مثل حمّام سوسة والملعب التونسي والنادي البنزرتي والملعب القابسي والنادي الصفاقسي يقود حاليا الإتحاد المنستيري