نظمت رابطة تونس للثقافة والتعدد بالتعاون مع رابطة المثقفين العرب في لندن ندوة حوارية بعنوان "حرية التعبير في ظل الأنظمة السياسية العربية" وذلك يوم الأحد 9 ديسمبر الجاري بالعاصمة. وقد أثث الندوة مجموعة من المفكرين والباحثين من داخل وخارج تونس على غرار كل من د.حميدة النيفر: رئيس رابطة تونس للثقافة والتعدد، د.أكرم حمدان: رئيس رابطة المثقفين العرب، روشان صالي: كاتب وصحفي بريطاني، د.عبد اللطيف الهرماسي: دكتور في علم الاجتماع التاريخي، د.عايدة قائد السبسي: إعلامية ودكتورة في القانون الخاص والإعلامي التونسي وعضو نقابة الصحفيين التونسيين محمد اليوسفي. وتطرقت الندوة، التي أدارها الإعلامي مكّي هلال، الى إشكاليات حرية التعبير التي اعتبرتها الدكتورة في القانون الخاص عائدة قائد السبسي والأستاذة المساعدة في كلية العلوم القانونية انها مفهوم شمولي يتجاوز حرية الاعلام والصحافة رغم انه يبز اكثر من خلال وسائل الاعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي. وفي الإطار نفسه قدمت الدكتورة مقاربة بين حرية التعبير قبل ثورة جانفي 2011 وبعدها حيث بينت ان قبل هذا التاريخ عاشت حرية التعبير تضاربا صارخا بين النصوص القانونية والواقع فيما تعيش اليوم ارتباكا بين النصوص والواقع مؤكدة في الآن ذاته انه يجب ان تكون ضوابط للحرية لاحترام حقوق الغير. وحول الارتباك في النص القانوني أوضحت قائد السبسي ان تونس حاليا تعيش ما اعتبرته تجاوزا للحدود فيا يخص حرية التعبير وتراجعا في الضوابط استنادا الي دستور 2014 والمرسوم 115 من مجلة الصحافة. اما عضو نقابة الصحفيين والباحث الصحفي محمد اليوسفي فقد انتقد الحضور المكثف لأساتذة القانون الدستوري في المنابر الإعلامية معتبرا ان الخطاب الإعلامي أصبح مواضيع قانونية بالأساس وان الاعلام الذي يندرج في خانة حرية التعبير ورغم تحرره بعد الثورة فانه لم يساهم في الثورة لأنه يخوض تحديا هاما متعلق بالمسار الديمقراطي مرتبط مشددا على ارتباط الاعلام بالضوابط الأخلاقية أساسا وتطرقت مداخلته الى موضوع الاعلام والانتقال الديمقراطي في تونس. كما تطرق في مداخلته الى ما اعتبره وهم حرية الاعلام الذي شابه منسوب من العنف الرمزي خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي انخرط فيه البعض من الصحفيين والمنتسبين الى المشهد الإعلامي ما خلف حسب اعتقاده تراجع كبير في نسبة ثقة المواطن التونسي بوسائل الاعلام ما يعكس نوعا من التعفن على مستوى الانتقال الديمقراطي مؤكدا ان الاعلام اليوم ليس في خدمة المشروع الديمقراطي ويعيش ازمة على مستوى الوجهة والمضامين. اليوسفي اعتبر ان هناك نوعا من الانحراف والانسلاخ نحو لبننة الاعلام التونسي بسبب تعفن المسار الإصلاحي وعدم فرض القانون على اصحاب منابر إعلامية متهمون بالتهرب الضريبي حسب وصفه مقابل بعض من الصحفيين المهتمين الشأن العام وتتصدر المشهد الاعلامي رغم انهم محل شبهات منتقدا في نفس الإطار أصحاب مؤسسات سبر الآراء الذين يشتغلون في المنابر الإعلامية وهو ما اعتبره تضارب مصالح وشكلا من أشكال الفساد. كانت في الندوة الحوارية عدة رؤى حتى من خارج البلاد التونسية مثلته مداخلة الصحفي والكاتب البريطاني روشان ومؤسس موقع صالي الذي زار مختلف بلدان "الربيع العربي" الذي تحدث عن رؤية العالم الغربي لدول الربيع العربي وخاصة منها تونس على المستوى الإعلامي معتبرا انهم لم يفهموا جيدا الى حد الآن العالم العربي وأن المواطن الغربي يرى العالم العربي عبر عيون نخبتهم البعيدة عن الواقع إضافة الى "عدم الثقة الطبيعية" تجاه الدين الإسلامي. وانتقد صالي الاعلام الغربي الذي قام بتهويل الأحداث في تونس وليبيا وسوريا وتجاهل أحداث البحرين واليمن خلال فترة "الربيع العربي".