استأنف محتجو «السترات الصفراء» مظاهراتهم في شوارع العاصمة الفرنسية باريس، للسبت الخامس على التوالي، في تحدٍّ جديد للرئيس إيمانويل ماكرون الذي يواجه صعوبة في احتواء الغضب رغم سلسلة التنازلات التي قدمها للمتظاهرين وعموم الشعب الفرنسي. باريس (وكالات) وأعلن وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنير، أن 33 ألفا و500 شخص شاركوا في مظاهرات «السترات الصفراء» في جميع أرجاء البلاد، فيما أكدت الشرطة الفرنسية اعتقال 107 أشخاص من المحتجين. ودارت اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، حيث أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع واستخدمت خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين من أصحاب «السترات الصفراء». وحول قوس النصر الذي تعرض للتخريب في الأول من ديسمبر الماضي تمركزت عربات قوات الأمن، بينما شوهدت شاحنات مزودة بخراطيم مياه في الجادة التي تحولت خلال أسابيع إلى مركز المظاهرات. وفي تولوز جنوبي فرنسا، قطع عدد من متظاهري «السترات الصفراء» طريقا سريعا بمحيط منطقة لاروزري. وكانت السلطات الفرنسية نشرت 8 آلاف عنصر من قوات الأمن و14 آلية مدرعة في باريس، لمواجهة المظاهرات، وتجري القوات المشاركة عمليات تفتيش في الطرق ومحطات القطارات ووسائل النقل المشترك في العاصمة. وقال رئيس شرطة باريس" ما زال هناك قلق من احتمال تسلل جماعات تميل للعنف إلى الاحتجاجات. وسوف تتولى شرطة مكافحة الشغب حماية المعالم المهمة وإبعاد المحتجين عن القصر الرئاسي". وقال قائد الشرطة ميشيل ديلبييش لإذاعة (آر.تي.إل) «يجب أن نستعد للسيناريوهات الأسوإ». وتوقع أن يكون أثر الاحتجاجات على الأعمال في العاصمة أقل بالمقارنةمع أيام السبت في الأسابيع الثلاثة الماضية عندما أغلقت متاجر كبيرة أبوابها، وألغت الفنادق الحجوزات رغم ازدحام تلك الفترة في العام مع اقتراب عيد الميلاد. ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اول امس، من بروكسيل إلى «الهدوء»، مشيرا إلى أن «الحوار لا يتم باحتلال الأماكن العامة والعنف». وكان ماكرون قد أعلن، الأسبوع الماضي، رفع الحد الأدنى للأجور وخفض الضرائب على أصحاب المعاشات، مقدما تنازلات بعد أسابيع من احتجاجات شابتها في الغالب أعمال عنف ومثلت تحديا لسلطته. كما أعلن أن الحد الأدنى للأجور سيزيد 100 يورو شهريا دون تكاليف إضافية على أصحاب العمل، وستلغى الزيادة الأخيرة على ضرائب التأمين الاجتماعي لأرباب المعاشات الذين يتقاضون أقل من ألفي يورو. وقال: «نريد فرنسا التي يعيش فيها المرء بكرامة من خلال عمله، وقد سرنا في هذا السبيل ببطء أكثر من اللازم. أطلب من الحكومة والبرلمان القيام بما هو ضروري». وتخشى السلطات وقوع حوادث جديدة بعدما انتهى السبت الماضي بتوقيف نحو ألفي شخص، وأكثر من 320 جريحا، وأضرار في العديد من المدن، بينها باريس وبوردو وتولوز، وكان نحو 136 ألف شخص نزلوا إلى الشوارع في ذلك اليوم. وكانت حركة (السترات الصفر) بدأت الاحتجاج في التقاطعات والميادين، في منتصف نوفمبر الماضي، اعتراضا على زيادة الضرائب على الوقود، لكن سرعان ما اتسع نطاق الاحتجاجات على سياسات ماكرون الاقتصادية. وكانت الحكومة وعدة نقابات وعدد من السياسيين المعارضين قد دعوا المحتجين لعدم الخروج إلى الشوارع امس السبت بعد مقتل أربعة أشخاص في ستراسبورغ لدى إطلاق النار في سوق لهدايا عيد الميلاد.