ما انتابني ذلك الاحساس المربك الذي تملكني وانا الج باب السجن للمرة الثانية بل انتابني إحساس عميق بالحزن وانا اشاهد الزوار في انتظار موعد زيارة المساجين لا تخلو يد من قفة هذه القفاف سجون صغيرة لماكولات متنوعة حرصت نساء كثيرات على مسكها بكل عناية مع المحافظة على استقامة الجسم والانتباه اثناء المشي حتى لا تندلق رغم احكام غلق العلب كل هذا الحرص في سجن الماكولات حتى تصل لاصحابها في احسن حالة لم يفلح في سجن روائح الاطعمة المنبثقة منها التي اعدت في سجون صغيرة اسمها المطابخ لابد ان كل امراة قد سجنت نفسها لساعات في المطبخ لإ عداد ما لذ وطاب للذي ستزوره في الغد لا بد ان التوابل التي وضعتها بحرص شديد زادت الطعام لذة واعطتها نكهة يعرف من خلالها السجين اصابع امه او اخته او زوجته او جارته او .... توابل اخرى في الطعام اشك في ا ن يتفطن إليها السجناء انها دموع نساء كثيرات تقاطرت من قلوبهن بل هو مطر يهطل من سماء سجون صغيرة . وضعت يدي على سجني الصغير القابع في الجهة اليسرى من صدري حين احسست بوخزة جعلتني اغمض عيني قليلا حتى اتجنب رؤية طفلين صغيرين امام باب السجن ما استطاعا الانتظار ان يسجنهما داخل جسميهما الصغيرين ويشلهما عن الحركة بين الحين والحين تمتد اليهما يد الشرطي عفوا يد الام لتعيدهما الى سجن الانتظار ما الذي حصل لي؟ تتحول اشياء كثيرة امامي الى سجون حتى الحقيبة التي احملها فوق كتفي تصير سجنا وكل محتوياتها سجون اخرى بطاقة هويتي سجن هاتفي الجوال سجن قارورة العطر سجن حافظة نقودي سجن ديوان الشعر الذي قراته في السجن اقصد في سيارة الاجرة التي اقلتني من العاصمة الى زغوان امام باب السجن سجين آخر في سجن آخر جدرانه اسلاك شائكة لم يرهبني هذا السجين ونظرته الحادة ونباحه المتواصل وحركته المتوترة التي قطعها صوت مزلاج الباب الحديدي الكبير ابتسامة جميلة من وجه اسمر جميل ترحب بنا لندخل آمنين إلى السجن ....... * من وحي زيارة الى سجن الناظور في إطار برنامج متعة القراءة الذي تنظمه جمعية احباء المكتبة والكتٌاب بزغوان