الحوكمة الرشيدة في تسيير الجمعيات الرياضية والجامعات ووزارة الإشراف وبالنسبة لمسيرة الرياضي كانت محاور المؤتمر الدولي حول حوكمة الرياضة، الذي نظمته المنظمة الدولية للحوكمة الرياضية بكندا والتي تسيرها كفاءات تونسية على رأسها الدكتور سمير الطرابلسي منظم ومنسق هذا الملتقى. وتضمّن الملتقى ثلاثة جلسات الأولى ترأسها الإعلامي حاتم الرقيق قدم فيها الرئيس السابق للنجم الساحلي عثمان جنيح مداخلة تمحورت حول مفاتيح النجاح لتسيير فريق محترف لكرة القدم، وتعرض ماهر بن عيسى إلى التصرف في ناد محترف وتحدث صلاح الشطي عن «جمعيات كرة القدم المحترفة: فرص وتحديات»، وقدم الدكتور سمير الطرابلسي مداخلة بعنوان مقاربة في الشراكة البراغماتية للحوكمة في كرة القدم» مؤكّدا ضرورة اعتماد الحوكمة الرشيدة في التسيير الرياضي سواء داخل جمعية أو داخل الوزارة ولكل الأطراف التي لها علاقة بالرياضة. اللاعب ضحية سوء تصرفه الجلسة الثانية عرض فيها اللاعب زبير بية مسيرته قائلا «لقد مررت بثلاث وضعيات في مسيرتي الكروية الهواية وشبه الاحتراف وهي أغرب وضعية ثم الاحتراف في الخارج، والحوكمة اليوم تتجاوز الاعتقاد السائد في أنها تقتصر على مدير أعمال يهتم بعقود اللاعب فقط بل هي أشمل، حيث يجب الاهتمام بحاضر ومستقبل اللاعب وتواصله مع مدربه ومع الإعلام ومختلف الأطراف وفترتنا تختلف تماما عن ما نعيشه اليوم فهناك جانب الحظ أيضا». وأضاف «للأسف يمكن أن يعاني اللاعب من مسؤول جاحد وناكر للجميل فبمجرد أن يترك هذا اللاعب الفريق أو يُصاب يتخلّى عنه رغم أن شهرة هذا المسؤول كان المتسبب فيها هذا اللاعب فعلى اللاعب أن يفكر في مستقبله واذكر كثيرين جنى عليهم مديرو أعمالهم «. وتدخل اللاعب السابق رضوان الفالحي قائلا «على اللاعب أن يكون مدركا للأدنى الضروري من حياته الكروية ففي أوروبا يجلبون لهم مختصين في مختلف المجالات فعندما كنت قائد فريق لم أتردد في نصح وإرشاد اللاعبين ولكن كانوا يتجاهلون نصائحي ولم يستفيقوا إلا بصفة متأخرة، وللأسف في تونس هناك نسبة كبيرة من نكران الجميل فزبير بية عندما اعتزل هو الذي تكفّل بحفل الاعتزال ونظم بنفسه مقابلة توديعية ولم يعترف بجميله أي مسؤول، وأنا في فترة من الفترات تعرّضت إلى إصابة خطيرة فمن كان يتصل بي يوميا انقطعت اتصالاته وبمجرد رجوعي إلى الميدان رجعوا كلهم للاتصال بي.» مسيرون لا مسؤولون وتمحورت مداخلة خالد حسني حول المخاطر التي قد تعترض اللاعب في مسيرته الرياضية معتبرا أن اللاعب يضحّي بدراسته من أجل الكرة، وأضاف حسني «ليس لنا مسؤولين ولكن لنا مسيّرين، على اللاعب أن يفكر في مستقبله فكيف يقبض مئات الملايين ويستكثر على نفسه معلوم تأمين على مستقبله الكروي؟ يقضّي قرابة العشر سنوات في رفاهية وبعدها يعرف سقوطا مدويا، وحتى العقود يمضيها دون قراءتها والتمعن فيها». وتعرّض الخبير في مركز البحوث والتصرف والحوكمة بكندا ناجح عتيق إلى الشفافية وحسن التصرف وإدارة المخاطر مؤكّدا أن الحوكمة أصبحت واقع كرة القدم الحديثة مستدلا بأمثلة ككرة القدم الفرنسية مضيفا أنّ «كرة القدم أصبح لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية وهناك دراسات تثبت حصول تراجع في الأسهم في البورصة أو ارتفاعها حسب نتائج مباريات كرة القدم في البطولات العالمية، والفرق الأجنبية أصبحت تخطط لسنوات قادمة من خلال دراسات علمية استشرافية منشورة على مواقعها، وهناك دراسة بريطانية نشرت أسماء عدة لاعبين كبار أعلنوا الإفلاس بسبب سوء تصرفهم». ودعا زياد التلمساني في مداخلته إلى ضرورة توثيق مضمون هذا الملتقى في كتيب مؤكّدا دور الحوكمة في ديمومة كل جمعية وكل مشروع، وتابع قائلا «بالنسبة لي احترفت في سن 24 سنة وكانت أمي سندا لي بالدرجة الأولى وقد كنت منضبطا طوال مسيرتي الرياضية في حين أن هناك لاعبين أضر بهم المحيطون بهم، ولن تتطور كرتنا في ظل هذا الفراغ الذي نعيشه في الدولة فالقوانين موجودة ولكن لا تُطبّق وهناك أشخاص يريدون توظيف الرياضة في مآرب سياسية ونحن اليوم اجتمعنا بسبب هذا الفراغ والمغالطات التي تروّج بأن كرتنا سليمة وتحقق نتائج باهرة ويجب أن تكون اجتماعاتنا دورية وناجعة». ماهر بن ضياء يكشف الجلسة الثالثة ترأسها علي عباس وقدم فيها وزير الرياضة السابق ماهر بن ضياء مداخلة بعنوان «الإطار التأسيسي للجمعيات المحترفة لكرة القدم» مؤكّدا دور الإرادة السياسية في تغيير واقع كرة القدم التونسية مضيفا «آخر عمل إصلاحي في وزارة الشباب والرياضة وتوفّرت فيه الإرادة السياسية كان زمن الوزير رؤوف النجار، القانون الحالي بال وآخر القوانين كانت سنتي 1994 و1995 وهي الفترة الذهبية للرياضة التونسية وإلى اليوم ليست لنا مجلة رياضية فكل القوانين مشتتة وليس لنا حتى قانون جمعيات». وأضاف بن ضياء «في فترة إدارتي للوزارة وجدت 500 مطلبا لتكوين جمعية رياضية كلها كانت في الرفوف لم تنظر فيها رئاسة الحكومة ...إرادة الوزير بمفرده لا تكفي والإشكال اليوم من يحكم تونس؟ فمن المفروض أنّ الجمعيات الهاوية هي التي تتمتع بالدعم وليس الجمعيات المحترفة والغريب أن الوزارة تبعث ملاعب بمئات الملايين وتسلمها لفرق ميزانيتها مرتفعة وفي الأخير تسدد البلدية لهذه الجمعيات معلوم الكهرباء والماء «. وكشف بن ضياء عن قرارته التي لم تجد سندا حكوميا حسب تأكيده قائلا «كنت أثناء فترة إدارتي للوزارة أنادي بأن يقتصر دور رجال الأعمال في الجمعيات الرياضية على المساهمة والرياضيون هم الذين يجب أن يكونوا أصحاب القرار وكان هذا محور خلافي مع سليم الرياحي رئيس جمعية النادي الإفريقي وبيني وبين الجامعة في تلك الفترة كما كنت ضد إلحاق أساتذة التربية البدنية بوزارة الشباب والرياضة الذين يرفضون أن يكونوا تابعين لوزارة التربية خوفا من «الكاباس» ومن الانتدابات حسب الكفاءة ومن التفقد، أردت أن أصلح العديد من الأشياء ولكن رئيس الحكومة كان يقول لي «مادام الكرة تُلعب آش يهمك فيهم» كما اتخذتُ قرارا بحل المكتب الجامعي ولكن رئيس الحكومة قال لي تريد أن تتسبب لنا في احتجاجات من الجمعيات!». بين الإعلام «المنسجم» والإعلام النقدي «ما هو دور الإعلام في الحوكمة»؟ كان عنوان مداخلة الإعلامي توفيق الخذيري الذي استعرض تشخيصا لواقع الإعلام في تونس مشيرا إلى خطورة ما سماه بوسائل الإعلام الموازية، كما قسم الإعلام إلى صنفين إعلام رياضي منسجم بمعنى يرضي الآخرين وإعلام رياضي ناقد ينقل الحقيقة واستدلّ بحادثة استفسار أحد الصحفيين عن أجرة االمدرب آلان جيراس أثناء الندوة الصحفية التي عقدتها جامعة كرة القدم لتقديم المدرب الوطني الجديد والذي قوبل سؤاله بالرفض مما جعل الصحفي يلتجئ إلى هيئة النفاذ إلى المعلومة. وأكد الخذيري أنّ «الإعلام غير المنسجم مع أصحاب المصالح يُوصف بالعدائي «، كما عرّج الخذيري على ما وصفه بالقطيعة بين القائمين على الجمعيات الكبرى لكرة القدم ولاعبيها القدامى..